لكي لا ننسى / فاروق ولد محمد

موريتانيا ليست جزيرة منعزلة لا تتأثر بما يدور حولها في العالم العربي ،وليست بدعا من الدول العربية ايضا ،هي جزأ من هذا العالم بشكل عام و جزأ من العالم العربي بشكل خاص،قد يفسر هذا الانتماء العالمي و العربي اختلاط الديمقراطية فيها بالعسكرية.
تفرض موريتانيا نفسها احيانا فرضا عنيفا على العالم العربي بشكل خاص ،الا ان هذا الفرض قد لا يكون ضروريا ، فالموريتانيون لديهم من العادات و التقاليد العربية الأصيلة 

التي تغنيهم عن فرض انفسهم ،وهم مع ذلك كله اهل لغة و دين.
من تلك العادات التي الا غنى للعرب عنها في العصر الحديث "الأنقلابات العسكرية " او "الحركات التصحيحية" كما يحلو للبعض ان يسميها احيانا.
ان الناظار بعين المقارنة الى التاريخ السياسي العربي لا يحتاج الى كثير نباهة لكي يلاحظ التشابه او شبه الأنطباق التام بينه وبين التاريخ السياسي الموريتاني ،توجد منطقة من هذا التاريخ مشتركة مع حفظ خصوصية كل بلد وهي خكم الأنظمة العسكرية لهذه البلدان.
في عام 1952 اقدم ما سمي بعد ذلك "بالضباط الأحرار " في مصر بإنفلاب عسكري في مصر ,ظلت مصر بعدها تحت وطأة الحكم العسكري حتى يومنا هذا ،حصل ذلك اياضا في السودان 1969 بقيادة جعفر النميري وحصل في لييبا 1969 بقيادة القذافي و في العراق1936 بقيادة بكر صدقي ...... الأمثلة العربية في الحكم العسكري اكثر من يتم حصرها و اعمق من ان تنحصر.
لم تكن موريتانيا بدعا من تلك الدول، ففي 10 يوليو من عام 1978 اقدمت من اسمت نفسها "اللجنة العسكرية للأنقاذ الوطني " بقيادة المقدم المصطفى ولد مجمد السالك على إنقلاب عسكري أطاح بأول رئيس لموريتانيا انذاك المختار ولد داداه،كان هذا الأنقلاب بداية النهاية للأنظمة المدنية في موريتانيا وولادة الحكم العسكري ,ظلت موريتانيا تحت وطأة الحكم العسكري ،الى ان جاء انقلاب 3 اغسطس 2005 بقيادة العقيد اعلي ولد محمد فال فأطاح بالرئيس معاوية ولد سيدأحمد ول الطايع بعد 21 عاما من الحكم .
وعد اعلي ولد محمد فال الموريتانيين بتسليم السلطة بعد ما عامين في اسماه الفترة الأنتقلاية أنذاك
وقد أنجز حر ما وعد فبعد اقل من عامين اقميت انتخابات اشاد بها المجتمع الدولي في جو تسوده نوع من الديمقراطية و الشفافية ،وسلمت السلطة للرئيس المنتخب سيدمحمد ول الشيخ عبد الله في جو مهيب وعم فرح كل الموريتانيين ، لكن تلك الفرحة لم تكتمل.
في اغسطس 2008 اقدم الرئيس المنتخب سيدي محمد ول الشيخ عبد الله على اقالة رئيس اركان الحرس الوطني أنذاك الجنرال محمد ول عبد العزيز من منصبه مع ثلاثة من رفاقه من بينهم قائد أركان الجيوش الحالي المعروف ب"ول الغزواني"،لم يتأخر الرد كثيرا فبعد ساعة و اربعين دقيقة ،اقدم الجنرال محمد ول عبد عزيز على إنقلاب اطاح بالرئيس الذي اقاله من منصبه قبل ساعة .
كان مبرره في هذا الأنقلاب واضحا حين سأله موفد قناة الجزيرة أنذاك محمد اكريشان لمذا عزلت الرئيس فأجاب "نكزني فالليل ما نكزني فالنهار "بمعنى :اقالني في الليل لم يقلني في النهار ،كان هذا مبررا كافيا لرئيس أركان الحرس الوطني للأقدام على انقلاب !!
أجهض الجنرال العملية الديمقراطية التي كانت في طور التكوين و النمو ،و ابدلها بدمقراطيته الخاصة "الدمقراطية الخشنة ".
حكم ولد عبد العزيز موريتانيا بزي مدني بعد ان حيد البزة العسكرية جانبا ، أقام انتخابات صورية استخدم فيها اجهزة الدولة و مقدراتها ،نجح فيها طبعا لفترتين متتالتين
و أعاد مورتانيا الي ما قبل 2007 الحكم العسكري بزي مدني .
من المفترض ان تنتهي فترة ولد عبد العزيز الثانية في 2019 حسب القانون ،يأمل ويحلم المورتانيون ان يغادر ول عبد العزيز بعدها السلطة و تقام انتخابات شفافة،لكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن بمجرد ان يفتح هذا الموضوع هل نسي الموريتانيون أنقلاب 2008 ما الذي يمنع رجلا بشكل بدوي وضمير لا وطني وبزي عسكري داس على القانون و الدستور و اجهض حلما و بدد آمالا ان يفعل ذلك من جديد ؟..... لا شيء

27. يناير 2018 - 6:18

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا