لم يكن لقاء الشعب بين رئيس الجمهورية ومواطنيه في نسخته الثانية لقاء عاديا هذه المرة، لقد كان فوزا في معركة إعلامية طالما انفرد بها الخصوم، وتأكيدا جديدا على أن صوت الحق أعلى من الأراجيف.
لقد كنتم رائعا سيدي الرئيس وأنتم ترسخون تقليدا جديدا كل الجدة في تاريخ رؤساء الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالاستماع إلى جميع أطياف المجتمع، والإصغاء بقلب مفتوح إلى جميع التساؤلات التي يطرحها القاصي والداني، والصبر على الشائعات المغرضة التي تلبس ثوب السؤال الصحفي حتى وهي تسيء الأدب وتتطاول على مقامكم الرفيع.
كنتم في غاية الروعة لأن صراحتكم ألقمت كل المرجفين حجرا، وكنتم قويا لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وكنتم ديمقراطيا منفتحا بينما بدا أعداؤكم دكتاتوريين في عدم احترامهم لقواعد اللعبة السياسية.
ثلاث ساعات من الحقيقة قادرة على هزيمة ثلاث جبهات إعلامية سخرت نفسها للإساءة إلى صورتكم القيادية، وتشويه إنجازاتكم الميدانية، والتشكيك في صدق نواياكم وأهدافكم الإصلاحية.
كان واضحا منذ تسنمكم رئاسة الجمهورية أنكم تتمتعون بأهم خصال القيادة؛ وهي القوة في الحق والأمانة على مصالح الشعب، كانت أقوالا تدعمها الأفعال، وأرقاما قادرة على الإفحام.
لقد أعدتم لرئاسة الجمهورية هيبتها وسموها، وأوضحتم أن رئيس الجمهورية فوق الحزازات الشخصية والأحزاب السياسية ورجال الأعمال والأقوال.
هي الحرب على الفساد إذن حقيقة جسدتموها في سلوككم الشخصي مثلا أعلى، وتلك ثمرتها شاخصة للعيان زيادات في رواتب الموظفين، وتحسينات للخدمات الصحية، وإنشاء للبنية التحتية، وتوفيرا لموارد الدولة التي تغصّ خزينتها بالعملة الصعبة.
إنها الهيبة لا السيبة، والأمن مفتاح التنمية، والجيش الجمهوري المتوفر على الوسائل الضرورية لمواجهة المتربصين في عقر دارهم، وهي الدبلوماسية المتوازنة التي تتجرأ على طرد الصهيونية الاستعمارية، وتقيم التوازن بين المصالح والثوابت، وتتواجد بقوة في المحافل الإقليمية والدولية.
هي محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة بقوة الردع وحجة الشرع، وإعادة الاعتبار للهوية الإسلامية للبلد بعد أن أصبح بناء المساجد ورواتب الأئمة من البنود الثابتة في ميزانية الدولة.
هو الحوار لمن يريد الحوار من المعارضة التي تحترم قواعد اللعبة الديمقراطية، وهو المضي قدما في ورشات التنمية بخطى ثابتة لا يربكها ضجيج الذين يريدون أن يستفزوكم من الأرض ليفتنوكم عن الإصلاح.
سيدي الرئيس
لا غرو أن يتسع صدركم لسماع الأصوات المنكرة التي تريد يائسة أن توقف مسيرتكم الميمونة؛ فوضوح الرؤية وصدق العزيمة والثقة بالله وبالشعب الموريتاني زادكم في مواجهة المشككين والمرجفين.
ولا بأس -سيدي الرئيس- أن يكون أعداؤكم في عجلة من أمرهم فانتظار عام أو عامين يعني مشاهدة المزيد من المستشفيات التي تفتح أبوابها، ووصول الشوارع المعبدة وشبكات المياه إلى أعماق مثلث الفقر، وافتتاح المزيد من مدارس الصحة ومؤسسات التكوين والتعليم في الداخل، و تدشين مصانع جديدة في أعماق الوطن، وخلو المدن الكبرى من الأحياء العشوائية، وتجديد الطبقة السياسية..
إن لديكم إذن ما تحسدون عليه، وأنتم خطر داهم على آمال الذين يحلمون بالقصر الرمادي في القريب العاجل.
سيدي الرئيس
إن صراحتكم وصدقكم وتواضعكم دليل على أن موريتانيا بخير، وأنها على الطريق الصحيح، انحُ هذا النحو أيها العزيز فزمن السنين العجاف قد ولى وهذا عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.