من المعلوم أن المعارضة السياسية -بشكل عام- حلقة هامة في جسم الدولة؛ لما يفترض في وجودها من التعاون الإيجابي و الدفع بالمؤسسات العاملة إلى الجودة الخدمية، والمضي قدما نحو التحسن وتجاوز الأخطاء، و التركيز على حصول التأثير و الفاعلية الإيجابية.
ومن المؤكد أيضا أن النظام الحالي هو الذي أنشأ مؤسسة المعارضة؛ كي تكون جهة فعالة في تكامل العمل السياسي، وباعث على التوازن و التحسين في الأداء الحكومي،
ولقد كان وجود هذه المؤسسة منبثق من رؤية استشرافية ناجمة عن عقلية تجديدية تحلى بها أصحاب القرار ممن آلت إليهم إدارة دفة الحكم في البلاد و بفعل التجاوب السياسي و المشاركة النشطة و الفعالة التي حظيت بها بعض أحزاب المعارضة في فترات قريبة.
ومع مرور الزمن و تسارع التغيرات السياسية التي كان الخلاف السلبي هو عنوانها بفعل تنافر الخلفيات السياسية وطغيان ميزة الفردانية السياسية؛ بعيدا عن مدلول الكلمة الفلسفي، بل ببعدها ومدلولها السياسي المحلي، و البحث عن الحظوة الشخصية؛ تحولت الآلة السياسية بشكل عام إلى منبع سلبي ينتج عناصر معيقة وكابحة، و ما تقرير مؤسسة المعارضة الأخير في كثير من نقاطه إلا ترجمة لذلك، حيث بدأت هذه الهيئة بتوجيه النقد اللاذع لرأس النظام وحكومته، وتلك خصوصية يصحبها ميول محفوظ لبعض قادة هذه المؤسسه.
إن الرجوع إلى الحديث عن الاستفتاء و ما ترتب عليه من إصلاحات مرت بسلام يعتبر نوعا من تكرار الحديث الممل و الثبات على اللهو المعاد.
ثم إن ضرب المثال على الاعتقالات بمسألة السيناتور و أفراد من حركة إيرا غير موفق؛ لأن وراء الأكمة ما وراءها، والوقوف على سطحية الأشياء غير مبرر صدوره من العامة أحرى من أصحاب الرأي و القيادة السياسية.
موضوع الإعلام العمومي و القنوات الحرة ينبغي أن يسبب الخجل للمتحدث عنه بهذا الأسلوب؛ لأن العاجز عن دفع الاشتراطات المالية القانونية رغم ضئالتها مقابل مثيلاتها في دول الجوار بالإضافة إلى عدم دفعه لأجور العاملين عنده رغم تدنيها وعدم تغطيتها حتى لتكاليف ثيابه التي يفرض عليه الظهور الإعلامي اقتناءها؛ من كانت هذه حالته بالإضافة إلى غياب أو قلة البرامج الهادفة و الموضوعية و عدم الابتعاد عن التأجيج الشرائحي و الشحن السلبي و الزبونية و الدفع المسبق، كلها أمور تجعل من بقاء هذه القنوات على هذه الطبيعة التي ميزها العجز والسلبية؛ أمر سلبي وعنصر غير مرغوب فيه .. لكن إمكانية التصحيح و التحول البناء ممكنة و ذلك ما يفسر عودة إحدى هذه القنوات رغم معارضتها الشديدة للنظام والحكومة.
التقليل من قيمة قصر المؤتمرات- قيد الإنجاز- غير موفق البتة فالدولة ظلت لعقود خلت تعاب بعدم و جود مرفق حيوي وهام بهذا الحجم وهذه المواصفات؛ بإمكانه احتضان قمم دولية وإعطاء واجهة حضارية تليق بالدولة وتتساوى فيها مع الشقيقات من الدول العربية والإفريقية على الأقل!!.
الحديث عن البنزين فيه كثير من اللهو المعاد والتغافل عن سابق التبريرات المؤكدة على أن الاستفادة منه موجهة إلى مشاريع وبرامج تلامس حاجة وحياة المواطن الضعيف كبرنامج أمل مثلا.
كان بالود أن يكون هذا التقرير أقوى و أكثر واقعية و إنصاف؛ لكن الضعف وإعادة الإلهاء كلها أشياء تترجم ضعف المعارضة الذي انكشف منذ زمن ليس بالقريب وتزيد التأكيد عليه وعلى التفكك الذي سبب شرخا كبيرا في أطياف المعارضة و أعطى قوة وانتصارا للموالاة.