كلما أثير موضوع العبودية وإستتباعاته المختلفة خرجت أصوات توزع التهم وتعتبر المتحدثين في عمومهم مجرد عملاء مأجورين تدفعهم مطامعهم الذاتية وبحثهم عن فتات موائد الآخرين , أو حرصهم على ركوب الأمواج إلى الحديث عن موضوع العبودية نكاية بالمجتمع وسعا وراء تمزيقه . واعتقد أن انبعاث ردود الفعل المصاحب للحديث عن الظاهرة دليل على أننا وضعنا اليد على مكمن الداء فتضاريس جسد الوطن صلبة ومتماسكة
لكن ذلك لا يناقض وجود رمال ناعمة ومنزلقات طينية مازالت عصية على الترويض . إن تلك الردود العنيفة أحيانا والاتهامات الجزافية يجب لا تجعلنا نتراخى في كل ما من شأنه لإبانة على الجذور الجينالوجية للظاهرة وتبعاتها ومن ثمة القضاء عليها .وقد تحدثنا – في مكتوباتنا السابقة - عن جهود المتدينين وأدوارهم في ربط الاستعباد بالدين , كما بينا ضرورة القيام بإجراءات اقتصادية ذات طابع استعجالي لانتشال ضحايا هذه الممارسات من بين أحضان الفقر والتهميش ولإكمال المعالجة لابد من تجاوز الارتدادات النفسية والتربوية لهذه الظاهرة .
3- العتبة النفسية : تم غرس مجموعة من القيم والأدبيات في وجدان أبناء وبنات هذه الشريحة تقوم على الشعور بالدونية وعدم الكفاءة الاجتماعية واعتبارهم مجرد أدوات ووسائل إنتاج إن هذه الجروح لن تندمل سريعا مهما كانت نجاعة المعالجة فهي متغلغلة وسارية في أذهان القوم مسرى الدم في الجسد بفعل ترسيخها وتعميقها من طرف مستخدميها الذين استعانوا عليها بالقدس والمتعالى ورغم ذلك يلزمنا القيام بصقل نفوس هؤلاء ومحاولة إعادة تأهيلهم وإقناعهم بضرورة الخروج من الكهوف والسجون التي وضعوا فيها
4 – العتبة التربوية : لست بحاجة إلى الإفاضة في شرح أهمية العوامل البيداغوجية في صياغة الشخصية وخلق
المواطن الصالح المنتج لذلك يلزمنا فتح منشآت وصروح تعليمة تربوية حقيقية يكون روادها من أبناء هذه الشريحة
وتكون شاملة لكل المستهدفين , ويجب على السلطة أن تكف عن المسرحية الهزلية التي تحبك خيوطيها وكالة التضامن
حيث تقيم منشآت تعليمة معظمها طلابها {الحمير, والكلاب , و السائبة } لأن أبناءنا البررة , وفلذات أكبادنا بين خيارين لا ثالث لهما : إما المضي إلى الحقول أو ركوب العربات لتأمين لقمة العيش , وبذلك تضيع فرصة التعلم التي يعني ضياعها فوات فرصة استرداد الذات والهوية والكينونة . وإما الذهاب إلى الفصول وذلك يعني التفريط في لقمة العيش اليومية مما يشكل خطرا على البقاء على قيد الحياة . إن إجرءات كهذه تجهد الدولة ماليا ولا تعود بأية نتيجة على المستهدفين فهي كالمنبت الذي لا ظهر أبقى , ولا أرضا قطع .
5- العتبة الاجتماعية : لا أود في هذا الإطار أن أشاكس حراس السلم القيمي المتكئ على قراءات ايديولوجية غير بريئة خصوصا فيما يتعلق بالإمامة – وصلاة الجمعة – والزواج ( الكفاءة )- ففي هذه المباحث وغيرها تكمن المشكلة وعلينا تصحيح هذه المفاهيم والقيم العرجاء وهنا يقف التاريخ والتراث الاسلامي شاهدا عدلا على زيف دعاة الفوقية الكاذبة : أليس بلال بن رباح زوج هالة بنت عوف ، شقيقية عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري ، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأحد الستة الذين اختارهم عمر رضي الله عنه لخلافته ؟ ألم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية بالزواج من أسامة بن زيد ؟ ألم تكن زينب بنت جحش الاسدية وهي ابنة عمة الرسول ، وأمها أميمة بنت عبد المطلب زوجا لزيد بن حارثة؟! ألم تكن هند بنت الوليد بن عتبة زوجة لسالم المولى ؟
أيصدني نهد تعبت برسمه وتخونني الأقراط والأثواب
ماذا جرى لممالكي وبيارقي أدعو رباب فلا تجيب رباب ؟ !!
و إذا كان ما من سبيل لحل هذه المشكلة بشكل فوري وسريع فالمواكلة والمشاربة أولى من الاستمرار في المغابنة !!