إن المتابع اليوم للأوضاع في موريتانيا ليتيه بين الكثير من المبالغة في المدح والذم، المبنيان غالبا لحاجة في نفس يعقوب، وهو ما لا يعبر عن التطرف في أي الجانبين..، بل إنما عن خلل في دور المثقف التوجيهي وفي التقدير لكل ما هو ايجابي أو سلبي بين النقد والتثمين.
إن المثقف اليوم يحمل كما هائلا من الوعي الذي لا ضمير معه، وهي أزمة تحتاج إلي وقفة واستدراك ومصارحة مع النفس فالمواطن فقد الثقة في الكثير من النخب سواء في جانب الموالاة أو المعارضة التي لم تثبت هي الأخرى أنها أحسن حالا في رأيي.
فعندما يبالغ مثقف المولاة فالمدح و يبخس الآخر كل انجاز..، فهما ينطلقان من رغبتيهما، وليست من الحقائق والمتضرر في الواقع هو المواطن البسيط .
إن النقد مسألة صحية في كل مجتمع ولكن يجب أن يكون نقدا بناءا، وان تكون هنالك اقتراحات وحلول وان لا يكون الهدف هو إثبات أن الآخر علي خطأ، بقدر ما هو تصويب.. وعلي الطرف الثاني أن يتقبل كل نقد بناء، وان لا يضعه في خانت العداء.
إذ يجب أن يكون هدف المثقف اسما من هذا النوع من الطرح، وبين هذا وذاك فعلى السلطة يجب أن يكون صدرها أوسع، حيث على المثقف أن يلعب دوره دون أن ينتظر الفرصة من سلطة أو معارضة..
فكل مثقف غيور علي بلده يستطيع أن يحدث فرقا ايجابيا من تلقاء نفسه، باعتبار البعد الثقافي والمعرفي له، والأمثلة كثيرة على ذلك، فحين يتكلم المثقفون ولا يقومون بما عليهم من مسؤوليات فهو مجرد كلام قد لا يفيد، والجاهل عذره هنا ربما أكبر من المثقف.
فكيف إذا كان المثقف اليوم مستعد لتغير قناعته بين عشية وضحاه من اجل منفعة شخصية ولو كانت زهيدة؟
فنحن اليوم نرى لكل منطقة من مناطق موريتانيا لدى أطرها ومثقفين استعداد للصراعات السياسية وبذل الغالي والنفيس من أجل ذلك، في حين ليسوا مستدعين لحمل هموم منطقتهم هذه، من باب أحرى تحمل مسؤولية وهموم بلد بأكمله.
إن من حق المثقف أن يسعى للتغيير والتطلع للأفضل وهي ظاهرة صحية، لكن عليه أن يبدأ بنفسه وبتغيير عقلياته وواقعه، وهي غاية لا تدرك بسهولة إذ تحتاج بذل الجهد من وقت ومال وتفكير.
هذا هو أقل القليل إذ هو على الأقل أمر متاح للكل سواء مع أي من الطرفين موالاة ومعارضة.
ويبقى الكل فيهم خير ومادون ذلك، وهو أمر خبرته، ولكن من مولاه الله شيئا من أمر الناس عليه أن يكون رحب الصدر قريبا من همومهم ويعيش واقعهم..، ولا يعتر فينشغل بأمور لا تخدم الجميع .