الشباب الموريتاني وضرورة المشاركة بالفعل السياسي فاعلا وليس مفعولا به / محمد سيدي أحمد

تستعد البلاد خلال الأشهر القليلة القادمة لتنظيم انتخابات بلدية ونيابية بالإضافة إلى انتخاب مجالس جهوية محلية لأول مرة، وهي مناسبة لدعوة الشباب الموريتاني للتشمير عن سواعدهم والتحضير الجيد لهذه الاستحقاقات للدفاع عن برامجهم وطموحاتهم ومشاريعهم السياسية، ولعب دور الفاعل وليس المفعول به في اللعبة الديمقراطية.

لقد ظل الشباب على مدار المسلسل الانتخابي 

والدمقراطي بالبلد منذ تسعينيات القرن الماضي أداة ووقودا لمختلف مراحل ذلك المسلسل الانتخابي بمختلف مراحله وأشكاله إلا أن مستوى الوعي السياسي اليوم لدى الشباب أصبح يفرض واقعا جديدا فلشباب أصبح يتمكن من زمام الوسائل الجديدة والمؤثرة في الفعل السياسي كشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائط الجديدة، وهي فرصة للشباب الوطني الذي يحمل برامج وطنية وطرح وطني جدي بعيد كل البعد عن الجهوية والقبلية والعنصرية وقادر على تشخيص الواقع دون رتوش ولا تهويل ولا تهوين لمعاناة المواطن ومشاكله.

إن الواقع السياسي للبلد والتحديات المطروحة له على المستوى السياسي تجعل من الضروري على جميع الشباب الناضج الالتحاق بالعمل الشبابي الذي يسعى لإشراك الشباب بالقيادة وصنع القرار، الشباب مؤطر ومتكون وعصامي وفاهم اللعبة وإن في كثير من الأحيان قبل بلعب دور عود الكبريت فانه هذه المرة يريد العلبة من الداخل.

إن المتابع للشأن السياسي المحلي يدرك أكثر من غيره حجم التغير والانفتاح الذي أصبح يظهر جليا في خطابات كل الأحزاب السياسية الوطنية سواء في الأغلبية أو المعارضة، هذه الخطابات التي تحمل رسائل إيجابية اتجاه الشباب حيث عبر الكثير من رؤساء الأحزاب خلال اجتماعاتهم الخاصة ومؤتمراتهم الصحفية العامة على تثمينهم وتعويلهم على الدور الطلائعي للشباب واستعدادهم لترشيح الشباب لمناصب انتخابية اعترافا بالدور المحوري للشباب في العملية السياسية.

لقد كان ولا زال الشباب الدينامو المحرك الأساسي لأي حملة سياسية أو اجتماعية أو ثقافية بالبلد، كما كان ولا زال وقودا لمشاريع كل الفرقاء السياسيين دون أن ينعكس ذلك على واقعه ومستقبله إذا ما استثنينا قلة قليلة استفادت من المناصب ومن الفرص على تنوعها، إلا أن الغالبية العظمى من الشباب بقي على حاله فكلما جاء موسم سياسي عملت القوى السياسية على العمل على اطلاق وعود عرقوبية لاستمالة أكبر قدر ممكن من الشباب، فيكون لها ما أرادت بفعل عدة عوامل تتداخل وتتشابك فيما بينها لتشكل نقطة ضعف الشباب الموريتاني المتمثلة أساسا في البطالة والحاجة المادية بفعل صعوبة وتعقيد تكاليف الحياة، الشيء الذي يعجز فيه الشاب الغير محصن بما يكفي للصبر والعض على النواجد وتحمل فاتورة عدم الانصياع للمغريات التي يقدمها أصحاب الإمكانيات وسماسرة السياسة في كل موسم.

على الشباب اليوم أكثر من أي وقت سابق أن يكون حيث سيجد فسه ويجد من يستمع له ويفاوضه ويقدم له الضمانات الكافية التي تضمن له أخذ مكانته اللائقة سياسيا واجتماعيا، حيث ستشكل السنة الجارية سنة سياسية بامتياز نتيجة تنظيم أكثر من استحقاق انتخابي فيها وعلى القوى السياسية أن تدرك أن الشباب لم يعد ذلك الكائن الوديع والذي همه ينحصر في امتيازات مادية آنية والسلام، إن الشباب اليوم أصبح كتلة سياسية واعية تسعى للتغيير البناء وتتخذ من خطاب رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في أكثر من مناسبة حول ضرورة الدفع بالشباب في المنافسات السياسية وتجديد الطبقة السياسية منطلقا لها وهدفا لن تتنازل عنه وعلى من يريد أن يكون الشباب ظهيرا له في هذه الاستحقاقات أن يحترم لهم إرادتهم.

12. فبراير 2018 - 16:57

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا