مقاطعة باسكنو مقاطقة موريتانية عتيقة تقع في أقصي شرق ولاية الحوض الشرقي الموريتاني 200 كلو متر شرقي مدينة النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي علي الحدود الموريتانية المالية، وتتكون مقاطعة باسكنو من أربعة بلديات ومركزي إيداري وتضم عشرات القري والتجمعات السكانية بالإضافة إلي مخيم امبره لللاجئين الأصواديين في مدينة امبره ثاني أكبر المدن الموريتانية بعد العاصمة نواكشوط من حيث الكثافة السكانية،
وصحيح أن مقاطعة باسكنو بعيدة جدا جغرافيا من العاصمة نواكشوط إذ تبعد عنها 1400 كلو متر لكنها قريبة منها سياسيا إذ تربطها بها جسور سياسية ربما لها الدور الأكبر في إبعادها عن النّماء والبِناء والتّنمية وسببا في إخفاء الحقيقة وتغييب المعاناة الشعبية،
فمقاطعة باسكنو تئن منذ عقود من الزمن تحت وطأة الحرمان والتهميش والمعاناة ومحاولات التركيع من قبل الحكومات العسكرية المتعاقبة علي حكم البلد بالرغم من أنها للأسف الشديد تابعة لها ومؤيدة تأييدا مطلقا ومُقلدة لها تقليدا أعمي أقرب إلي العبودية أو الوثنية السياسية منه للتأييد والمساندة بحد ذاته حتي وإن جانف ذالك مصلحة الوطن وللأسف الشديد،
وتعاني مقاطعة باسكنو من عدة مشاكل وأزمات لعل من أهمها وأشدها خطورة سياسة الإهمال والتهميش المتعمدة التي تنتهجها الحكومات الفاشلة إتجاه المدينة وغياب الخدمات الإدارية وهشاشة الخدمات الطبية والتعليمية وتمالُؤ السّاسة وتجاهلهم القضايا الإجتماعية وتغليبهم المصالح الخصوصية علي المصالح العمومية وحبهم الزائد بتقلد المناصب والحفاظ علي الكراسي وتحمل اللاّ مسؤولية وشغفهم المفرض بإستغلال المحسوبية واللقائات الخاصة الإبرتكولية الشكلية، التي لاتسمن ولاتغني من جوع،
وقبل الغوص في معاناة مقاطعة باسكنو لسبر أغوارها وتبيين أحوالها لايمكن إلا أن أعرج علي حالة مقاطعة باسكنو الوطنية ومعاناتها من الأضطرابات علي الحدود مع الجارة الجمهورية المالية، إذ تعد مقاطعة باسكنو من أكثر مقاطعات الوطن استهدافا من قبل النظام الحاكم رغم التقليد الأعمي والتبعية اللا مشروطة، وهي من أكثر مقاطعات الوطن هشاشة خدمية، ومن أكثرها انتشارا للفساد واستفحالا وتفاقما للمحسوبية، وأكثرها تضررا من عمليات تحرش الجيش المالي وسطو العصابات الحدودية، ولقد تكررت الأعتدائات في الآونة الأخيرة علي المواطنين الموريتانيين في تلك البقعة الحدودية من الوطن من طرف عصابات السطو المسلحة وقوات الجيش المالي ذهب ضحيتها مواطنون موريتانيون وضاعت ممتلكاتهم وامتدت تلك العمليات التحرشية من قبل الجيش المالي بالمواطنين والأراضي الموريتانية حتي وصلت العديد من القري المحاذية للحدود المالية،
وأما علي مستوي "الخدمات" الإدارية والتعليمية والطبية……في مدينة باسكنو الأبية فهناك الإهمال والفساد يثقلان كاكهل المواطنين وينهكان كل المؤسسات ويستنزفان كل الثروات ويغيبان كل الخدمات،
فلادور يذكر في المقاطعة للبلديات رغم أن لها كيانات ومِزانيات إلاَّ إذا كان أخذ الجِبَايَات، فالفوضي العارمة هناك مُستتبة في كل المجالات والقمامة تملؤ كل أزقة الشوارع والطرقات،
وأما مجال الصحة فهو المستنقع أو المكب الأكبر والجرح الأخطر، وهو مصدر دخل من لادخل له ومكان عمل من لاكفائة له، علي حساب المواطنين المنسيين، إذ يعج مستشفي مقاطعة باسكنو بمن يدعون أنهم ممرضون وهم لا يرقون إلا أن يكونوا منظفيين أو بوابين "وليس ذالك انتقاصا من المنظفين أو البوابين" لأنهم يخدمون الوطن ولايشكلون خطرا علي أحد وهم أكثر قيمة وفائدة علي البلد من أولئك الممرضين الذين يعرضون حياة المواطنين للخطر أو المرتزقين بالأحري القادمين من الشارع والذين لايملكون كفائات علمية ولا قيم أخلاقية ولم يخْتم جُلهم الدروس الإعدادية ولا الثانوية فضلا عن الدراسة الجامعية ولايحسنون قراءة إسم دواء ولا وصفة طبية فضلا عن تشخيص حالة مريض وإعطائه وصفة طبية، وهم مع ذالك كله يقومون بما يدعون أنه تشخيص لحالات المرضي ويكتبون لهم وصفات طبية مع خطورة الأمر وعدم إلمامهم بأبسط شيئ عن العلوم الطبية، ويعاني مستشفي مقاطعة باسكنو من مشكلات عديدة لعل أبرزها انعدام اللوازم والمعدات الطبية وافتقاره إلي الكوادر الطبية، إذ يعتمد مستشف مقاطعة باسكنو علي ممرض دولة واحد لم يقصر يوما لكنه منهك القوي خائر الجسم قد وهن عظمه واحدودب ظهره واشتعل رأسه شيبا، وطبيب عام غير دائم يأتي أحيانا ويذهب أحيانا أخري، بالإضافة إلي ضيق المستشفي واكتظاظه، وعدم إتساعه للمرضي خصوصا في فصل الخريف الذي تنتشر فيه حمي الملاريا هناك، وقد تم قبل مايقارب ثلاثة أعوام تشييد مستشفي جديد في مقاطعة باسكنو لكنه لم يري النور حتي اللحظة وبقي في غياهيب الإهمال والتسويف،
وأما التعليم هو الآخر فحالته لاتقل سوءً ولاخطورة عن الصحة إذ يئن هو الآخر تحت الأزمات والمشاكل حتي وإن كان هناك أساتذة ومعلمون أكفاء مخلصون في أداء مهامهم التربوية والتعليمية إلا أنهم وبلا أدني شك يعانون مما يعاني منه باقي الأساتذة والمعلمين في عموم التراب الوطني من تهميش وفقر وفاقة وعجز عن تسديد الملتزمات اليومية وهو ما سيكون له وبلا شك تأثير سلبي علي العملية التربوية برمتها، ففي مدينة باسكنو ما لايزيد علي أربعة مدارس ابتدائية وأغلبيتها تعاني من تهالك الجدران وشح في الكتب والطاولات ونقص حاد في المُدَرسين وأما التعليم الإعدادي والثانوي ففي المدينة إعدادية واحدة وثانوية واحدة رغم تنامي المدينة وشساعة مساحتها وكثافة سكانها، وشبه انعدام توفر وسائل النقل فيها إن لم نقل أنعدامها وهو ربما ماسيكون له دور بارز في التسرب والعزوف عن الدراسة المتزايد أصلا، لأن الشباب الذين لايقدرون علي اغتناء دراجات نارية يضطرون للسير مسافات طويلة غيابا وإيابا من وإلي المؤسستين الوحيدتين في المدينة، وكلهن متهالكة تكاد تنهار علي رؤوس روادها،
بالإضافة أيضا إلي مشاكل أخري سنختصر منها علي ردائة خدمات الأتصال وضعف توسيعات شبكتي الكهرباء والماء التان تنقطعان بشكل مزمن وشبه دائم في أمس ما تكون الحاجة إليهما كارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وكثرة الأستخدام والأستهلاك في شهر رمضان المبارك، وهذ غيض من فيض معاناة مقاطعة باسكنو المتفاقمة والتي لاتلوح في الأفق القريب حلول جذرية لها وللأسف الشديد.