منذ أن وصل الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم بعد انقلاب 2008 وانتخابات 2009 و2014 ظلت هيمنة القصر على كل شاردة وواردة في السياسة الداخلية والخارجية للبلد.
فعلى المستوى الداخلي، تركز الاهتمام حول محاربة الفساد والمفسدين، وذلك من أجل تطهير الدولة من هذا الداء العضال الذي يستحيل معه تحقيق تنمية أو بالأحرى
مشاريع تحديث وتطوير لبنى الدولة ومؤسساتها التي لا تزال تعاني من تأخر مزمن في هذا الصدد، وفي هذا السياق رفع شعار "رئيس الفقراء" ليعبر عن مطلب طالما حلم به المواطن الموريتاني الفقير وهو أن يكون له رئيس يمثله وينال قسطا من رضاه، بعد أن حرم من ذلك خلال مد الانقلابات العسكرية التي لم يكن يقوى على الوقوف في وجهها.
أما على المستوى الخارجي، فتركز الاهتمام على أن تلعب موريتانيا دورا مرموقا في محيطها الإقليمي ولما الدولي، ولذلك بذلت جهود في حل بعض النزاعات، وأخرى في محاربة الإرهاب ضمن إستراتيجية الحرب الاستباقية، وأشرف البلد على تنظيم ملتقيات إفريقية وعربية مثل قمة جامعة الدول العربية. ورغم تكاليف هذا الحضور الباهظة فإن الآمال أن تحظى الدبلوماسية الموريتانية بما يليق بها من مكانة.
وعلى كل فإن الملاحظ لصناعة السياسة: داخلية أو خارجية طيلة الأعوام الماضية يكتشف الأهمية المحورية للقصر، وهذا ما يبدو أنه في تراجع على الأقل في الآونة الأخير مع الحديث عن المأموريات وإصلاح الحزب ..
لعل هذا الأمر تفسره أطروحة ألبيرت حوراني (Albert Hourni) التي ترى أنه كلما كان السلطان/ الرئيس حاضرا، كلما كان القصر قويا ومهيمن على السياسية، وكلما تراجع تكون سياسة الوزراء والأعيان هي المهيمنة.
ينطبق هذا الأمر على بعض الوزراء والأعيان الذين يتفردون اليوم بالحديث عن الشأن الداخلي وقضايا المواطن ومشاكله ويتوق بعضهم إلى حمل لقب وزير الفقراء أو وزير مرتنة التعليم أو المتحدث باسم الشعب، ليتركوا للقصر ما هو خارجي حلا وترحالا بعيدا عن المواطن وهمومه ومشاكله.
وقديما كتب ابن خلدون عن العصبية الفاسدة التي بها زوال الحكم وأساببه.