للنظرة الدونية للمرأة في العقلية العربية والإسلامية جذور ضاربة في اللغة العربية من حيث إصرارها على التميز بين المذكر والمؤنث . فالاسم العربي المؤنث يساوي من حيث القيمة التصنيفية الاسم الأعجمي حيث يمنع التنوين عن اسم العلم المؤنث كما يمنع عن الاسم الأعجمي سواء بسواء ومعلوم أن العرب يطلقون الأعجمي على غير الناطق بالعربية فهو عندهم كالحيوانات العجموات التي لا تبين وهكذا تقر اللغة العربية نوعا من التراتيبة
والأنفة ليس ضد الآخر فحسب ، بل ضد الأنثى من نفس الجنس وإذا كان علماء اللغة يرسمون تمايزا ومفصلة بين المؤنث الحقيقي والمؤنث المجازي فإنهم لا يفعلون ذلك على مستوى المذكر، إذ لا يميزون بين مذكر حقيقي وآخر مجازي وينم هذا التميز عن اعتبار المذكر هو المنبت والأصل ، وأن المؤنث هو الغصن والفرع .وتكريسا لهذا التوجه التحجيمي للمرأة في ظل الثقافة الذكورية المسيطرة ، يعتبر الجمع اللغوي جمع مذكرا لمجرد وجود رجل واحد مع حفنة من النساء، وعليه فإن الذكر الواحد يلغي مجتمعا من النساء.إن هذه النظرة اللغوية للمرأة نابعة من وعي المجتمع الذي أبدع اللغة ، فاللغة وعاء الوعي ، والوعي مرآة الشعوب . ويعتبر توجيه الخطاب للمرأة بشكل مستقل في القرآن الكريم بمثابة وعي غير مسبوق بأهمية المرأة واستقلالها عبر تحميلها المسؤولية كما الرجل . وفي المجتمع العربي الإسلامي يتم تغيب مفاعيل { النساء شقائق الرجال } ورفع { ناقصات عقل ودين } ويتم استدعاء قصة خروج آدم من الجنة بصياغتها التوراتية حيث تتوحد حواء بالحية والشيطان رغم أن منطوق القرآن الكريم لا يحمل حواء مسؤولية الخروج من الجنة حسب الآية35 من سورة البقرة { فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ..} وتزكية لهذا المنحى التراجعيي يقف خطاب التقزيم عند قوله تعالى:{ إن كيدكن عظيم } ليجعل من المكايدة صفة ملازمة للأنثى من حيث هي أنثى ، متجاهلا مستويات المعنى وآفاق الدلالة في قصة يوسف عليه السلام ،وبذلك تقدم المرأة كما لو كانت كائن مثير للشهوة محرك للغرائز، باعث على الفتنة وأحبولة للشيطان ، وعليه فإذا كان الوأد الفيزيائي غير متاح فيجب البحث عن بديل له ويتم ذلك بحبس المرأة في البيت وإذا تعذر ذلك وأعاقته سنن التغير والتبدل حرص أولائك على دفن المرأة وهي تسعى على قدميها في ملابس خاصة و ألزموها بعدم التواصل مع الآخر إلا في حالة الضرورة القصوى .وأد أن أثير هنا مجموعة من الأسئلة :إذا كان جمال المرأة يغري الرجل ، ألا تفتتن بالمقابل المرأة بجمال الرجل ، أم أن المرأة مادة جامدة خرساء صماء ، لا تنفعل ؟ إذا كان صوت المرأة دافئا وجذابا ومدغدغا لعواطف الرجل ومفجرا لفحولته ، ألا يعتبر صوت الذكر الأجش موقظا لأنوثة المرأة ؟إذا كان الرجل لا يستطيع مقاومة نعومة المرأة وتكسرها و لغة جسدها الصريحة والمضرة ، فهل تصبر المرأة أمام سمت الرجل وصهيله وبنائه الجسدي المنشد والمتماسك ؟ إذا كان الرجل يحصد اللذة بالتواصل مع المرأة ، ألا تنعم المرأة بنفس الإحساس جراء التواصل مع الآخر ؟ متى سيحين الوقت الذي تحرر فيه المرأة من الأغلال والقيود والعادات الهرمة والتقاليد المتوارثة خاصة ما يصادم منها المعقول و المنقول .من العار أن نظل رعاة لثقافة تستمد مددها من مقالة مشبوهة بغيضة { الشيطان معلم الرجل ، والمرأة معلمة الشيطان }
سيدى المختار علي 2018- 02-18 .