هل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية:
هو حزب العدالة والتنمية !َ!؟ أم هو حزب المأمورية !!؟
تعتبر الأحزاب السياسية أداة فاعلة في التنمية وفي التوعية من أجل العدالة والمساواة .. إلا أن أحزابنا السياسية مع كثرة عددها وقلة عتادها ما زال دورها مفقودا وعاجزة عن تقديم أي حلول لمشاكلها وعجزها باعتراف قادتها ونوابها ومنتسبيها أحرى القيام بدورها الوطني من تحسيس وتعبئة والدفاع عن مصالح هذا الشعب بما في ذلك حقوقه
وكرامته والهيمنة على سلطة الشعب الذي هو مصدر قوته بناء على المادة 2 من الدستور : (الشعب هو مصدر كل سلطة والسيادة الوطنية ملك للشعب الذي يمارسها عن طريق ممثليه المنتخبين وبواسطة الاستفتاء ولا يحق لبعض الشعب أو لفرد من أفراده أن يستأثر بممارستها) فهذا الشعب الذي مصدره السلطة تعيش أغلبيته (وليست الأغلبية بمفهوم رئيس الحزب الحاكم ونوابه) ظروف قاسية وصعبة سواء كانت على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي فلحرمان من مواصلة مراحل التعليم وقلة المياه الصالحة للشرب وسوء التغذية وانتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة المستوطنة والبطالة فضلا عن الظروف الشاقة للنساء والأطفال في دولة قليلة السكان وغنية بالثروات والمعادن النفيسة تؤهلها أن تكون قادرة على الوفاء بكل حقوق المواطنين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومع ذلك ما زالت تعيش آثار الاسترقاق الاستعماري وتعمل على تدعيم استقلالها السياسي والاقتصادي كما أن هناك مصاعب جمة يتعين باستمرار مواجهتها كقلة الموارد وتراكم الضغوط الاجتماعية الداخلية (الوحدة الوطنية مهددة - قضية إيرا – قضية الزنوج – قضية السيناتور محمد ولد غده - ورجل الأعمال محمد ولد بوعماتو – أزمة الشيوخ – ارتفاع الأسعار الجنوني – أزمة البطالة – ومشاكل الطلاب – أزمة النقل ... إلخ). وكذلك التوتر في العلاقات الخارجية (قضية قطر – السنغال – المغرب - ... إلخ)
فمبدأ الكفاية والعدل والمساواة لا يزال بعيدا عن التحقيق نظرا لضعف الدولة وانهيار الحكومة وهيمنة القبيلة ونفوذ رجال الأعمال علاوة على الانقلابات العسكرية المتتالية وشبه العسكرية... إلخ. رغم أنه ظل هو الشعار المفضل لدى الحكومة بحماس وبدون استحياء ومن بين عدة شعارات من ضمنها وبناء على ذلك فإن أغلبية هذا الشعب المسكين من الفئات الهشة وأن حقوق المواطن لا يمكنها أن تحقق على مستوى جميع الأصعدة ما بقيت تلك الفئات في أوضاعها الراهنة المزرية ولم تمكن أسباب النجاح في سعيها نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعلى ذلك الأساس فبإمكاننا أن نقول أن التنمية والعدالة متكاملان (إذا وجدا) حيث يدعم كل منهما الآخر وتعتبر التنمية حقا إنسانيا لأن تحقيق العدالة يتطلبها فالتفاوت الكبير بين مستوى النمو بين الطبقات وربما الفئات الاجتماعية قد يعتبره البعض أنه تعبير عن عدم العدالة والاستقلال والتمييز بين المواطنين هذا التمييز يرجعه البعض الآخر إلى سياسات الاستعمار والاستغلال التي مورست في حقه عن طريق القوة المسلحة والنفوذ السياسي والديني والتجاري المستقل فالفقر والتفاوت يؤديان غالبا إلى المواجهة والعنف كما أنه بدون تحقيق التنمية والعدالة فإن الحقوق الأخرى تصبح غير مبررة أو صعبة التحقيق كما هو الحال في بلادنا وأشير هنا إلى أن هناك ثلاث مراحل قد مرت بهم البلاد حول حقوق الانسان :
المرحلة الأولى: تمخض عنها تقرير حقوق الانسان المدنية والسياسية بناء على فكرة (الحرية) وحماية الفرد في مواجهة النزاعات وتجاوزات الدولة ولكنه لم ينجح في حماية كرامة الإنسان.
المرحلة الثانية : تم تقرير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للإنسان مستندا على فكرة (المساواة) واستهدف تأكيد واجب الدولة في تأمين المساواة بين الأفراد والمجتمع بالسلع والخدمات العامة.
المرحلة الثالثة : يستهدف التقرير حقوق (التضامن) الذي ينطوي على حق التنمية والسلام والحق في تمتع بفضاء بيئي متوازن والحق في المشاركة في مزايا استغلال الإرث الطبيعي المشترك للجنس البشري وتعتبر هذه المرحلة الحديثة من حقوق الإنسان على فكرة (الإخاء) بين الفئات على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم ومن هنا يتميز حق التنمية وحق الأفراد والشعوب وربما الدول ويخص الفرد ومجموع الأفراد في المجتمع والجنس البشري بصفة عامة ويعتبر حق التنمية حقا وطنيا يتعين على كل الأفراد والحكومات أن تسعى لوضعه موضع التطبيق ويتطلب ذلك إعطاء الأولوية لإشباع الحاجات الأساسية المادية والمعنوية للمواطن واحترام حقوقه أمر جوهري في هذه العملية ويجب تشجيع المشاركة الفعالة للمواطن أين ما كان في العملية التنموية وتطوير واقعه نحو الأفضل ومن هنا على الدولة أن تبدأ في الاستراتيجيات الحديثة للتنمية يتطلب بالعناية باللامركزية والجهود الذاتية ودعم المنظمات الغير حكومية علاوة على تفعيل دور المجتمع المدني والمجالس المحلية المرتقبة وجعلها أكثر ديمقراطية وأكثر جذبا لمشاركة المواطنين حتى لا يكونوا عالة على الدولة ولاشك أن تعدد الأفراد الموجودين في هذه المجالس ومدى كفاءتهم يساعد في تقوية التوجه الشعبي والمحلي لخطط التنمية الصادرة عن الحكومة كما يدعم ممارسة حقوق الإنسان التي في أمس الحاجة إليها بمستوياتها المتعددة كما يساعد في حلحلة و حل النزاعات المحلية والإقليمية فهل الحكومة ما زالت تدعي أن تحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية والاستقلال السياسي يتطلب ما يعرف عندنا بتطبيق (سياسية اليد الحديدية) التي تقود غالبا إلى الانتهاك المتواصل لحقوق الانسان سواء على المستوى المدني أو الاقتصادي أو السياسي فضلا عن الفشل القاتل في تحقيق الأهداف المعلنة عن الحكومة المتمثلة في برنامج حزب الدولة وهو الحزب الحاكم بغض النظر عن الانتهاكات الصارخة للمواد الدستورية المتواصلة .. هذا بالنسبة لما كان معلنا .. أما ما خفي منها وهو المتعلق بالمأمورية فقد يكون أعظم !
ويبقى حزب الاتحاد من أجل ماذا !؟ هل للعدالة والتنمية !؟ أم هو من أجل المأمورية!؟
• بقلم / محمد عبد الله ولد أحمد مسكه / كاتب صحفي مهتم بالقضايا الوطنية