لا تلمس وطني / أحمد ولد محمد الحافظ

altالوطن أعظم وأجمل وأقدس عبارة عرفتها قواميس البشرية منذ أن ابتدع الإنسان فن الكتابة واستخلف في هذه الأرض ليرعاها ويتخذها وطنا وموطنا يلجأ إليه كلما ألم به خطب أو مسه وصب أو نصب من عاديات الزمان...

لهذا الوطن أكتب وقلبي يتفطر ألما على كل قطرة دم سالت في "كيهيدي" الحبيبة التي تحولت من مدينة وادعة هادئة إلي أرض يسودها التوتر وغياب الأمن والتسيب والفوضى كل هذا حدث باسم الوطن، فالمتظاهرون تظاهروا من أجل الوطن ودفاعا عن حقوقهم - حسب ادعائهم- والنظام قمعهم باسم الوطن لأنهم خرجوا عليه وطالبوا بإعطاء جنسيته لمن لا يستحقها - كما يدعي- ليتحول البلد إلى وكالة بدون بواب... كل هذا حدث باسم الوطن ومن أجله فأين الوطن من كل هذا يا سادة؟...

لقد أبدع النظام في تعامله مع المتظاهرين مما دفع البعض إلي الترحم علي أيام -خالد الذكر ولد الطائع- الذي كان على علاته وعلات نظامه يتقن التعامل مع مثل هذا الحالات ويعالجها بطريقة تقطع دابر كل من تسول له نفسه أن يمس بهيبة الدولة وبمؤسساتها، ففي عقيدة الطائع لا حوار مع من يمس من هيبة الوطن ويضر بممتلكاته عكس تلميذه النجيب..

من حق كل موريتاني عربي أو زنجي أن يحصل على حقوقه وأوراقه كاملة وهذا أقل قليل يقدمه له نظام حرمه التقدم والازدهار - على اختلاف وتنوع القادة السابقين والحاليين – لكن ليس من المنطقي ولا المعقول أن تحرق المحلات العامة والخاصة ويروع الآمنون من أجل الحصول على جنسية فمن يعمل هذا العمل في وطنه مشكوك في وطنيته أصلا وفي انتمائه لهذا الوطن الذي سئم النكسات والضربات المتتالية من "أبنائه"...

لنكن أكثر وطنية وحضارية ونطالب بتوقيف - الإحصاء – أو –استمراره - دون أن نهدر شربة ماء لجار أو نتسبب في إيذاء تاجر أو نحرم طالبا من الولوج إلي مدرسته..

لنكرس ثقافة السلم واللا عنف ولا نجعل حساباتنا السياسية أو اختلافنا مع النظام يقودنا إلي المس بوحدة هذا الوطن التي هي أغلى ما نملك وإذا فقدناها فكلنا سيدفع الثمن وسنندم حين لا ينفع ندم على وطن أضعناه وأي وطن...

إلى النظام والمعارضة - محاورين ومقاطعين - والأغلبية ومثقفي وسياسيي البلد: لا تتلاعبوا بمشاعر هذا الشعب ولا تنكئوا جراحه المندملة ولا تلعبوا بوحدته وسلمه الأهلي ولتكن الشؤون الإدارية للبلد بعيدا عن كل تسييس، فوحدة البلد وتماسكه أهم من كل هذه التشكيلات التي لم تقدم للبلد ما تستحق أن يذكرها عليه إلا في حالات استثنائية نادرة.

كان على النظام الحاكم أن يكون أكثر عقلانية وأن لا يتصرف بهمجية في تعامله مع المتظاهرين من حركة –لا تلمس جنسيتي - وأن لا يعاملهم بعقلية لينين فنحن في عصر البوعزيزي والقمع سلاح مفلس يأتي بنتائج عكسية في معظم الأحيان وما سوريا واليمن وليبيا منا ببعيد.

ومن جهة أخري فإن إقدام المتظاهرين في كيهيدي على إحراق المحلات العامة والخاصة ليس تصرفا حضاريا ولا وطنيا ولن يخدم قضيتهم بشيء بل على العكس سيخدم النظرية التي تقول إنهم مواطنون من الخارج لا يريدون إلا خراب هذا الوطن وتمزيق الممزق وتقسيم المقسم أصلا.

لنرقى بممارستنا الديمقراطية ولنترفع عن كل الأساليب غير الحضارية ولنحافظ علي هذا الوطن الذي لا نملك غيره ولا نرضى بغيره بديلا ولنرفع جميعا شعار "لا تلمس وطني", فالوطن فوق ولد عبد العزيز وأغلبيته و داداه ومعارضته و مسعود ومحاوريه, بالله عليكم لا تفسدوا علينا وطنا لم يبق منه إلا حلم نطارده في الليالي الحالكات...

28. سبتمبر 2011 - 19:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا