طورت موريتانيا أنشطة اقتصادها البحري في السنوات الأخيرة من خلال توسيع وتجديد جميع الموانئ في البلاد، مما أدى إلى نمو مطرد في حركة الملاحة البحرية، وزيادة كبيرة لحجم التبادل التجاري حيث قارب 20 مليون طن محملة و مفرغة من و علي متن أكثر من 1000 سفينة تجارية ترسوا كل سنة في موانئ نواكشوط و انواذيبو واسنيم و الميناء البترولي.
صاحب هذا التطور النشط في أنشطة الاقتصاد البحري،
تطورا أخر في الخدمات والمهن المصاحبة للنقل البحري وعمليات استكشاف واستغلال احتياطي النفط والغاز في المناطق البحرية مثل التوصيل البحري، والجر، والإرشاد، والمسافنة، والشحن، والتموين والمساعدة التقنية، وعمليات اللوجستيك، والصيانة، فضلا عن التمثيل والتفريغ والتوسيط البحري.
بيد أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالسلامة والأمن البحريين قد أعطت مسؤوليات جديدة وفرضت التزامات ونظم ومعايير موحدة على الدول المطلة علي البحر في ميدان استغلال هذه الموارد البحرية، وحماية البيئة البحرية، والسلامة والأمن، وتسيير المرافق المينائية.
هذه المسؤوليات تتطلب حتما تعزيز القدرات البشرية والمادية والتقنية والمالية للإدارات البحرية الوطنية المعنية من أجل الوفاء بتلك النظم و المعايير التقنية اللازمة لممارسة أي نشاط أو خدمة أو مهنة في البحر. هنا بدأت غالبية البلدان البحرية على الفور في إعادة تركيز و تنظيم وتنسيق كافة جهودها الفردية وتنظيم نفسها على المستوى الإقليمي في مذكرات تفاهم من أجل لعب دورها واتخاذ إجراءات أكثر تماسكا و أكثر فعالية في هذا الوسط الموحش.
كما شكل تنامي ظاهرة تعرض وشحن البضائع المتنوعة المنقولة بحرا للخطر، فضلا عن تطوير أنشطة اقتصادية وترفيهية أخري غير النقل البحري ، إلى تغيير دور الدولة في عرض البحر حسب المنظومة القانونية البحرية الدولية الموحدة حيث أصبح المصطلح المتعارف عليه ل "دور الدولة المدني في البحر" يشمل كافة الأنشطة، باستثناء تلك المتعلقة بالدفاع الوطني. وبالتالي أصبح متنوعا حسب نظم و معايير النشاط المزاول فتارة يكون تنظيميا وتارة إداريا وأحيانا تسيير يا، وأحيانا أخري تنفيذيا وكذالك شرطيا.
في الواقع تلعب الدولة عدة ادوار منها ما هو اقتصادي و سيادي و دفاعي بحيث تتداخل صلاحيات الإدارات المكلفة بتنظيم الأنشطة الاقتصادية من صيد بحري، وتربية أحياء مائية، ونقل، وخدمات فنية، واستخراج نفط أو غاز، وطاقة بحرية، وسياحة مع صلاحيات السلطات العمومية المكلفة بالرصد والرقابة ، وحماية البيئة البحرية، والسلامة البحرية، والأمن والإنقاذ مما يتطلب أحيانا جهودا كبيرة لتنسيق الدور علي أكمل وجه قد تكون مكلفة لخزينة الدولة. ولتفادي هذه الوضعية أصبح من الضروري جمع و صهر تلك الإدارات في مؤسسة وطنية واحدة لترشيد وتنسيق وتفعيل ذالك الدور.
في هذا السياق، فإن موريتانيا، شأنها في ذلك شأن جميع البلدان البحرية، ملزمة بالامتثال وواجب عليها رفع أداء إدارتها على أعلى المستويات من أجل مواجهة التحديات الرئيسية التي تفرضها إدارة و تسيير منطقتها الاقتصادية الخالصة، وشواطئها، وسفنها، وموانئها، وغير ذلك من الأنشطة المتصلة بالبحر للعب دورها كما ينبغي.
ويسمح هذا الإصلاح وإعادة التنظيم باستعادة جزء كبير مفقود من مداخل خزائن الدولة، من خلال الإتاوات والضرائب على الخدمات المهنية المقدمة للمشغلين، والمهنيين والسفن، كما يؤدي إلى فتح فرص استثمارية جديدة للفاعلين الخصوصيين الوطنيين تعتبر مصدرا للثروة ورافدا أساسيا للعمالة في مختلف الأنشطة الاقتصادية التي تجري في البحر أو بالقرب من البحر.
إلى جانب الاستفادة من الأثر الاجتماعي والاقتصادي الايجابي علي الاقتصاد الوطني بصورة عامة تعتبر إعادة تنظيم وتوحيد و تأهيل السلطة البحرية ضمانا يشجع المنظمات المانحة و المهنية وشركات استغلال الثروات البحرية من غاز و بترول و صيد وكذالك شركات النقل المتعددة الجنسيات على الاستثمار لتصبح ظروف مزاولة الأنشطة أكثر ملائمة مع النظم والمعايير البحرية الدولية المطلوبة.
...................................
سيد محمد ولد محمد الشيخ
خبير في الشؤون البحرية
هاتف رقم 26411837