لمن يتحين طعن الرجل!! / أحمد ولد محمدو

altتفاجأت كثيرا كغيري بخطاب النائب الأول لرئيس الجمعية الوطنية العربي ولد جدين، ورغم أني قرأت الخطاب أول مرة على أنه تطور جديد في خطاب الأغلبية يتماشى مع المستجدات المتسارعة التي يشهدها البلد على مختلف الصعد، 

ومحاولة لتلافي الخسائر التي يحدثها بعض رجال الصف الأول، إلا إني صدمت عندما سربت معلومات تفيد بان مسعود ولد بلخير هو صاحب الخطاب، فعشت لحظتها إحساس ظمآن القي بنفسه في سراب بقيعة يحسبه ماء، وتمنيت حينها لو أن الأغلبية تسابقت لتبنى الخطاب، حتى لا تنزع ورقة التوت الأخيرة عن نفسها على الملأ، ومع تصريحات الرجل بتحمله مسؤولية كل ما ورد في الخطاب أدركت أن للعسكرية حسناتها خلاف ما يتداول المدنيون في مجالسهم الخاصة هذه الحسنات التي يفتقدها بعض رموز أغلبيتنا كما ظهر في موقفهم من الخطاب.

لقد أعادت إلي شجاعة الرجل، التي تستحق الاحترام، بعض الأمل بعد أن افقدني إياها ساستنا المتنطعون، فعندما أعلن ان الخطاب يعبر عن قناعته من موقع المسؤولية في البرلمان الوطني الموريتاني، وانه يتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما ورد في هذا الخطاب، أشفقت على غيره ممن يحشر حشرا في المسؤوليات ويعض على منصبه بالنواجذ وحين لات مفر من تحمل المسؤولية يختبئ كالفأر المذعور في انتظار الأوامر أو يمن الله على بحدس عمري يكشف له عما يصادف هوى في نفس كبرائه.

إن خطابا بهذه القوة يضع الأصبع على مكمن الداء لمفخرة لصاحبه، في زمن عز فيه من يصدع بالحق خصوصا إذا ما هدد هذا الصدوع مصالحة، فتلك لعمرى شجاعة يستحق صاحبها أن نقف احتراما له بدل التفكير في طعنه من الخلف استعدادا لشغل منصبه.

لو لم يقم هذا الرجل بالتجاوز، عن الأسلوب التقليدي المقزز لمن هم في منصبه، القائم فقط على تدبيج المدائح العصماء في حكومتنا المبجلة كما عودتنا أغلبية الأغلبية من نوابنا الذين يغطون في نوم عميق إلى أن يوقظهم من رقادهم السرمدي أزيز سهام نواب المعارضة عندما تطلقها تجاه كعبتهم المقدسة(الحكومة) فيقفزون من أسرتهم الوثيرة كحال من لدغته أفعى صحراوية ويتزاحمون لإظهار براعتهم في الدفاع عنها بأساليب يعافها ذي المروءة، لكن أن ينتقدها من موقعه داخل الأغلبية ولمن هو في منصبه فتلك خصلة كان له الفضل في سنها وسنذكرها له دائما نحن من ألفنا برلمانات غرف التسجيل.

إن الوقوف ضمن دائرة الأغلبية قد لا يعنى بالضرورة تزكية كلما تقوم به الحكومة ما لم يكن وزراؤها ملائكة أو أنبياء منحوا معجزة العصمة، فالطبيعة البشرية مقرونة بارتكاب الأخطاء وهذا يقتضى تصويبها والتنبيه إليها وعلى من يرتكب هذه الأخطاء أن يتحمل تبعاتها و بشكل مشدد تطبيقا لمبدإ الغرم بالغنم هذا بالنسبة لغير العمدي منها اما المبيتة فالمؤاخذة يجب أن تضاعف.

يجب علينا أن نميز بشكل واضح في الدفاع عن برنامج سياسي، نتفق على انه السبيل الحل لمشاكل البلد وطريقه للنهوض وبين تنفيذ معيب مختل يفاقم المشاكل والأزمات.

إن أخطاء التنفيذ بغض النظر عن النوايا يتحمل مسؤوليتها المنفذون لا الخطط والبرامج، وبالتالي فان أي تقصير لا يمكن المحاسبة عليه سيبقى الوضع مختلا، منها يجب أن يكون الرقيب الأول على الحكومة أغلبيتها التي تريد لنفسها الاستمرار لا الأغلبية المسكونة بشياطين التأييد الأعمى الذي سيجرف الحكومة ولن يبقى على هذه الأغلبية.

إن من ينكر الوضع غير المستقر للبلد يجعل من نفسه أضحوكة، فالاحتجاجات اليومية لمختلف شرائح وفئات المجتمع لا يمكن تفسيره بغير أن ثمة مشاكل عويصة تستدعى البحث لها عن حلول بدل تضيع الوقت في البحث عن شماعة نعلق عليها فشلنا من قبيل اتهام من يشارك في هذا الحراك بأنه معارض وبالنسبة للسذج حسود حاقد فالعمل على محاولة إخفاء الواقع عن أنفسنا وإيجاد مبررات لن يصدقها غير نا من باب التمني لا يشكل علاجا ولن يغير من حقيقة الأمر شيئا.

معارضة مقاطعة، شباب ثائر لحد الآن في جله يطالب بالإصلاح، أطباء ورجال تعليم وعمال مضربون منذ أسابيع، والمتظاهرون أصحاب مظالم وحقوقيون وصحافة، وبعد ذلك نتحدث على أن البلد ورشة بناء وحلول المشاكل تنهمر، إن نخدع إلا أنفسنا أما الغير فقد حزم أمره ونزل إلى الشارع فإلى متى ننتظر؟

فلنجعل من خطاب الرجل نبراسا نهتدي به ولنتصالح مع ذواتنا أولا ولنفتح حوار شجعان مع مختلف أحزاب المعارضة ثانيا و بالطريقة التي يريدون لأننا في موقف القوة، ولتتعاطى الحكومة بشكل ايجابي مع مطالب المحتجين ثالثا ومن يجد في نفسه حرجا من ذلك فليخرج منها غير مأسوف عليه.

بهذا نقطع الطريق على من يعد العدة للغدر بالرجل، وبتلك الثلاثية نقطع دابر الفتنة ونبدأ النصف الثاني من السنة الجارية بتغيير بناء تنشغل فيه الأغلبية بالتشييد والمعارضة بالتقويم. 

11. مايو 2011 - 13:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا