لا تزال الحكومات المتعاقبة بموريتاتيا إلى اليوم تغترف نفس الذنب بمنح المذنبين كل الامتيازات في الوقت الذي يحرم ضحايا الذنب المرتكب في حقهم أي تمييز ايجابي يخفف مأساتهم ويخلصهم من ربقة الفقر ويبعدهم من عذابات التهميش وبؤس الإقصاء وشناعة الظلم ، فلا تمويلا للمشاريع أو دمجا في المجالات الاقتصادية المتشعبة، ولا حتى إجرائيا عمليا لفرض التمدرس الإجباري لصالح المتسربين ، لتستمر بذلك عملية تفكيك المجتمع
وإستمرار الإبقاء على جرم المذنبين التاريخي ، ليستمر بذلك الذنب في بلاد الذنوب ، حيث المذنبون لا زالوا يعتقدون أن مطالب ضحايا ذنوبهم من الجرم أن ينالوها، وجريمة في حقهم أن يحق حق ضحايا دنوبهم ، فلا أحقية لضحايا ذنب المذنبين بأي حق من الحقوق المشروعة ولا عليهم أن يتذمروا مما هم فيه ، لا يحق لهم التوق للتساوي معهم كمذنبين ، وفي هذا المذنبون ثلاثة أطياف شتى ، بين من يكره أن ينال ضحايا الذنب التاريخي الخلاص من ربقة التهميش والإقصاء مستفيدا من الأوضاع الحالية أو منخدعا بها ويطلب على استمرار الأدلة على وجود الظلم والتهميش والإقصاء ، وطائفة كارهة لما يحدث وتتمنى الخلاص مما هو قائم ، وفريق غير مبالي أو لا يشعر بوجود بكل ما يجري ، ويرى أن الحال القائم حالة طبيعية أنتجتها الطبيعة .
على المغترف في حقهم الجرم وغيرهم ممن يرى ضرورة في إنصافهم أن يدفعوا باتجاه فرض نظام اجتماعي ينصف الجميع ويدافع عن بقائه الكل ، ويبذل الجميع روحه ضد من يحاول الخروج عليه ، لقد خسرنا كثيرًا جدًا من استمرار إنتاج الأنظمة الانتقائية الإقصائية التي تقرب المذنب وتبعد المظلوم ، ولا تفرض الحرية للجميع.
وبجملة الحرية إما أن تكون للجميع أو لا تكون لأحد ، ففي اليوم الذي ينجح فيه الجميع في الارتفاع فوق القبيلة والجهوياتية والأثنية والعرقية سوف تقف موريتانيا على قدميها ، فليس العيب أن أننا مختلفون لونا وعرقا ، ليس العيب في تعدد أطرنا التنظيمية حقوقية كانت أو سياسية ولكن العيب أن يكون هذا الاختلاف أداة لاغتيال حق المساواة والحرية والعدل .