الجواب طبعا لا، أو على الأقل لم تتكشف جميعها، أو أن الورقة الكبيرة التي تشرئب أعناق الرجال إلى رؤيتها وهي صورة الشخص الذي يريد ولد عبد العزيز تكليفه بحقيبة الرئاسة، لم تظهر بعد في المشهد السياسي الراهن.
واضح أن المأمورية الثالثة سقطت بالكلية من أجندة الرئيس، ولن أقول لكم - في هذه الورقة الانطباعية المقتضبة كي لا أطيل - لماذا.
خطة الرئيس أصبحت واضحة، ومدروسة، وجاهزة للتنفيذ، أو على الأصح، دخلت في طور التنفيذ.
تبدأ الخطة بالإبقاء على خطاب المأمورية الثالثة حيا تتلهى به القوى المعارضة وتتمناه. هدية ينتظرونها بفارغ الصبر، ولا أظن النظام يبلغ من السذاجة درجة تجعله يفكر في منح خصومه هدية كهذه.
لكن لا يضير إذا بقيت المطالبة بالمأمورية الثالثة قائمة، تنمو وتزدهر في الهامش كمطلب شعبي غير قابل للتحقيق مساهمة في تمييع الساحة كالأحزاب، والمجتمع المدني، والشخصيات المستقلة، والصحافة.
لن أطيل أيضا في تحديد الركائز التي يعتمد عليها نظام ولد عبد العزيز في الحكم، لأنها معروفة.
هي الجيش أولا وأخيرا وأجهزة الأمن، ثم الحكومة، ثم الحزب.
لا نقيم وزنا هنا لأي من السلطتين التشريعية أو القضائية، لأنهما في الواقع تابعتين للسلطة.
تقضي الخطة إدماج الحكومة في الحزب وجعله تحت وصاية الجيش.
كانت الحكومة تتصارع مع الحزب، رئيس الحزب لديه أنصاره من أعضاء الحكومة، ورئيس الحكومة لديه أنصار من قيادة الحزب في حربه ضد رئيس الحزب.
قرر الرئيس إنها الصراع بإعادة هيكلة الحزب، ووضع الحكومة والبربان تحت تصرفه، وذلك واضح من خلال الهياكل المقترحة في الأيام التشاورية الجارية : مكتب ساسي خماسي يضم رئيسي الحكومة والبرلمان.
الأمور أصبحت واضحة.
واضح أن ولد عبد العزيز سيكرس ما تبقى من مأموريته لتقوية الحزب الحاكم، وذلك أمر سهل. وعندما يكون الحزب حزبا حاكما بحق، يتحكم في جميع مفاصل الحكم، يأتي الرئيس ويتولى بنفسه رئاسته بعد أن يترك خلفا له في كرسي الرئاسة.
ومن نتائج هذا المخطط أنه سوف يقضي على المعارضة بشكل كامل، فـ "حزب الدولة" لا يبارى في الانتخابات إن هي شاركت معه فيها وإن هي قاطعتها تموت.
جميع الاستحقاقات المبرمجة 2018،2019 محسومة سلفا لصالح الحزب الحاكم بشكل قانوني ديمقراطي شفاف.
لن يتجرأ الرئيس الجديد المنتخب بدعم من الجيش مدنيا كان أم عسكريا سابقا على المساس بالمؤسسة العسكرية أو "حزب الدولة" الحاكم أو بزعيمه محمد ولد عبد العزيز.