من وراء كواليس حفل افتتاح الأيام التشاورية للاتحاد من أجل الجهورية / د.سيدي المختار احمد طالب

كما سبق وأن أفادته بعض وسائل الإعلام، افتتح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية يوم أمس الجمعة 2 مارس أيامه التشاورية حول نتائج اللجنة التي شكلها  رئيس الجمهورية وكلفها بتقييم أداء حزبه وإعادة تنشيط هياكله.

وكان تأخير وصول الوفود الرسمية وبدء حفل الافتتاح فرصة لآلاف الأشخاص الحاضرين للخوض في نقشات ثنائية تارة وبين مجموعات قليلة تارة أخرى؛

 كما كان الجميع يتطرق لقضايا سياسية طالت مواضيع تفوق مهام لجنة إصلاح الحزب الرئيسية واللجان التي تفرعت عنها ومعايير اختيار أعضاء هذه الهيئات والنتائج التي تم تسريبها عن أعمال جميع تلك اللجان.

لقد تم بالفعل التطرق إلى قضية الساعة والمستقبل وذلك إثر طرح أحد المتدخلين سؤالا يقول فيه: لماذا هذه الرغبة الكبيرة وفي هذا الوقت بالذات في تقييم الحزب وتنشيط هياكله؟

وبخصوص هذا السؤال الذي لم يكن بالتأكيد ضمن صلاحيات اللجنة الرئاسية الحزبية استمعت في كواليس هذا اللقاء للعديد من الإجابات السياسية التحليلية أردت تقاسمها مع غيري من المهتمين بمتابعة الساحة الوطنية والحريصين على تفاهم اللاعبين السياسيين من أجل مصلحة بلادنا وعبادها.

أولا يلاحظ أن غالبية الردود تجمع على أن الإصرار على عملية النهوض بالحزب في هذا الظرف الخاص يدخل في إطار الاستعداد للانتخابات البلدية والإقليمية والتشريعية التي ستجرى بعد عدة أشهر، ثم الانتخابات الرئاسة التي يفصلنا عنها عام ونصف تقريبا. ومن تبريرات عملية الإصلاح هذه ضرورة استغلال الانتساب والتنصيب لمعالجة الخلافات التي خلفتها انتخابات عام 2013 واستفتاء أغسطس 2017 على التغييرات الدستورية؛ بالمناسبة، لا شك أن أغلبية مريحة في البرلمان المقبل تساعد في تحقيق أي مشروع قد يتطلب في نهاية المطاف تغيير الدستور.

ويعتبر آخرون أن العملية تستهدف حاليا التخلص من شخصيات بارزة وازنة وطموحة داخل الحزب،  الشيء الذي يرجى أن يخفف من حدة التوترات التي نجمت حول مسألة خلافة أو استخلاف رئيس الجمهورية بعيد مقابلة فخامته مع جون أفريك و إعلانه عدم ترشحه لمأمورية ثالثة.

وبالنسبة لآخرين فإن عملية إصلاح الحزب ليست سوى إجراء بسيط ضمن مسلسل عمليات أو مسار ربما يستمر إلى ما بعد يونيو 2019؛ وما المبادرات من أجل ولاية ثالثة إلا إجراء آخر يدخل ضمن نفس المسار (الخطة "أ" لإبقاء الرئيس في منصبه). ويبقى الهدف من هذا كله حسب رأي هؤلاء إشغال الرأي العام بشكل مؤقت، وخلق اللبس واختبار مدى التزام وولاء بعض البارونات في الأغلبية بشكل عام وفي حزب الاتحاد على وجه الخصوص. إنها إذن مناورة ينتظر أصحابها من ورائها ساعة حسم الشركاء الأجانب المعنيين موقفهم ويعولون فيها على تفكير الصين والولايات المتحدة الأمريكية في إنهاء الحد من عدد المأموريات الرئاسية.

ويقول معلق آخر في الكواليس أيضا إن الهدف المعلن رسميا والمتمثل في جعل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية حزبا قويا قادرا على أن يستمر في غياب الرئيس عزيز عبارة عن خدعة مضللة؛ وعليه فإن الهدف المنشود حقا تحضير الحزب ليتولى الرئيس المنتهية ولايته قيادته وذلك بع أن يعاد تنظيم هيئاته العليا ويحد دوره في المستقبل عموما ومع السلطة التنفيذية خاصة (الخطة "ب ").

وبالنسبة للمحاربين القدامى من السياسيين فيرون في هذه الوضعية وفي لعب الأغلبية الرئاسية الحالي فرصة لاستعادة الدور الذي فقدوه خلال الفترة الأولى لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، وفي نفس الوقت فإنهم لا يخفون قلقهم بشأن المفهوم الممنوح لما يسمى "تجديد الطبقة السياسية" حيث أصبح الاعتبار للأعمار بدلا من المطالبة بتغيير عقليات كل الفئات العمرية وبرفع قدراتها على مواكبة مشروع موريتانيا الجديدة الذي أطلقه فخامة  الرئيس في حملاته الانتخابية السابقة والذي ما يزال يتمسك به ويوليه أهمية قصوى.

وهناك مجموعة ثانية من ذئاب السياسية تعتبر أن الأرضية مواتية للتصرف وللمناورات خاصة، مما يعني العمل على إحياء الصراع  بين أهل الكبلة وأهل الشرك من جهة وخلق وإذكاء الخلاف بين أهل الشرك وأهل الشمال من جهة أخري؛ ومن المناورات أيضا استغلال حرب اللوبيات السياسية والاقتصادية والظروف المعيشية للشعب وبطالة الشباب، الخ.

ويبقى الهدف الحقيقي لهذا العمل ذي العواقب الوخيمة على حاضر البلد ومستقبله خلق مناخ ملائم قد يسهل ويساعد في ظهور مرشح لانتخابات 2019  يفاجئ قطبي الأغلبية والمعارضة وذلك على غرار ما أصبح يعرف ب "ظاهرة ماكرون" في فرنسا وفي العالم كله.

اللهم إني بلغت

اللهم احفظ موريتانيا من أشرار أهلها ومن كيد جميع أعدائها في الداخل والخارج.

7. مارس 2018 - 0:27

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا