كلمة الإصلاح الآن تعلنها صرخة مدوية قائلة "لموريتانيا الإسلام " في شأن اللغة العربية : وما قدر الموريتانيون الإداريون اللغة العربية حق قدرها بتصنيف بعضهم لها لغة استعمارية تجب مكافحتها والوقوف أمامها ، فكان على الجميع أن يدرك هذه المسلمات وهي: أن موريتانيا جميعا مسلمة 100% بدون استثناء وبناءا علي تلك المحمدة التي تفضل الله علينا بها كان من المفروض أن يفهم الشعب بجميع لغاته وألوانه أن اللغة العربية ليست لغة قومية خاصة لأحد ،
وإنما هي لغة اختارها المولي عز وجل ليخاطب بها من خلق من البشر بغض النظر عن لغته الخاصة به أو لونه أو مسكنه يقول تعالى : ((وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين علي قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين )) ، فالمنزل لهذه اللغة هو الله والحامل لها هو جبريل ، فالله هو رب العالمين وجبريل هو حامل وحيه إلي الأنبياء والرسول صلي الله عليه وسلم مجرد متلقي لخطاب عربي مأمور بأن يبلغه للناس كافة أبيضها وأسودها وأحمرها ، وكل ما هو مأمور به من طرف المولي عز وجل سواء كان تفكيرا في خلق السموات والأرض أو معرفة لمصيره المحتوم لهذه البشرية أو المطلوب منها أداؤه وهي أحياء لتجزي كل نفس بما كسبت ، كل هذا جاء من عند الله بهذه اللغة العربية بمعني أن من تعلمها من المسلمين لا يعد متعلما للغة قومية أخري ، بل سيفهم من تعلمها مباشرة ما ذا يقول له ربه ويخاطبه به مباشرة ، فإذا استيقظ المسلم آخر الليل وسمع قارئا يقول : ((والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى )) وهو يعرف العربية فسيدرك معني القسم والمقسوم عليه وهو أن الله لم يكره عبده محمد صلي الله عليه وسلم تكذيبا لقول أهل الجهل ، فإذا كان لا يعرف اللغة العربية لا يفهم شيئا من كلام الله ، فمن المؤسف والمؤسف حقا أن بعضا من الموريتانيين بمجرد اختلاف ألسنة ولون بعض الموريتانيين عن بعض وعلاقته هو الخاصة بالبعض بمن يختلفون معه في لغة أمه العربية - كون خلايا شبه ناطقة ومتحركة سماها مظنة العنصرية ، ومكان التأسف فيها أنه من بين هذه الخلايا المظنونة عنصريا اللغة العربية - سواء كان العمل بها في الإدارة أو إلقاء خطاب بها دون أن يفرنس للحاضرين – وهذه الفكرة بالنسبة للموجودة في خيالهم مسألة مبادئ بمعني حياة أو موت أو تضحية في سبيل أن العربية يجب أن تكون هي السفلي والفرنسية هي العليا ولا مفاوضة في ذلك ، هذه الواقعة التي يعيشها من أحرقته بنارها لبعدها عن الحقيقة والواقع لا يستطيع المرء إلا أن يضيفها إلى كلام بعض الحكماء ، فلا شك أن باب بن الشيخ سيدي رحمه الله من الحكماء وقد قال أنه استخلص أن الشيطان لم ينج أي أحد منه مطلقا فلا بد أن يضرب المسلم علي شيء ليلزمه بالوقوف عنده ، وعندما سئل عن نفسه هل ضربه الشيطان علي شيء قال نعم ضربني علي شراء الكتب ، فلا أٌقرأ عزوا لكتاب إلا تعلقت به حتي اشتريته ، فكذلك بعض المواطنين بالرغم من تفكير خيالهم الواسع واستعدادهم للنضال إلي النهاية إلا أن قضية مظنة هذه العنصرية صارت نبتة سقيت داخلها اللغة العربية وتمددت عروقها مع العروق ولحمها مع اللحم ودمها مع الدم إلي آخر مظاهر النسيج المحكم في الإنسان ، وهنا يقول الأصوليون أن المعلل بالظن لا يتغير الحكم بتغيره ، والعنصرية مظنونة فلو عمل الجميع علي الإقناع لما صح ذلك ، ولأجل هذه النبتة العنصرية الخيالية المظنونة ضاع 30% من عمل حزب أبعد ما يكون من العنصرية لأنها ليست له بخلق ولا ينبغي له ذلك ولكنه استسلم لقوة العاطفة المظنونة بالعنصرية فأصبحت للفرنسية تلك النسبة إجباريا 30% في الأوراق والهواء تسرح وتمرح من غير مشوش لها في حصتها الاستحقاقية ، ومن هنا نعود من فوق هذا الجسر المحكم لنخاطب أنفسنا نحن الموريتانيين بجميع لغاتنا وألواننا منطلقين من ديننا الحنيف الذي جمعنا عدة قرون متجاورين متحابين ، وكانت فوقنا قوة الاستعمار بجنده ولغته ، فلم يسجل التاريخ أن الاستعمار تدخل بقواته ليوقف فتنة عنصرية بين مكونات الشعب أيا كانوا ، بل تدخل الاستعمار ليوقف حروبا بين بعض مكونات الشعب ذات اللغة الواحدة ، وفي جميع أيام الاستعمار كانت اللغة العربية هي المسيطرة داخل جميع مكونات الشعب في الريف ومن المعروف أن موريتانيا كانت ريفية بجميع لغاتها وألوانها بمعني ان اللغة العربية بما انها لغة دينية فلا تختص بشريحة عن شريحة ، وعندما ذهب الاستعمار فالمفروض أن تكون لغته من ضمن ما ذهب به لأنه ترك شعبا مسلما كله وعنده لغة دينه كله إلا ان الذي حافظ عليها كلغة إدارة ليست الشرائح الأخري غير العربية بل المتفرنسون من أبناء الناطقين بالعربية هم الذين حافظوا عليها في المكاتب حتي أن مديرا منهم أنب موظفا تابعا له كتب جملة من العربية في السجل اليومي للإدارة وقال له أن العربية علي الأوراق وسخ ، هذه الجملة بهذه الوقاحة مازال يحملها كثير من المتفرنسين أبناء الناطقين بالعربية ، أما غير الناطقين بالعربية فلم يتحدد أي موظف منهم قائلا أنه لا يعمل بالعربية أو لا يوقع علي المكتوب بها إلي آخره .
ولكن الناطقين بالعربية في موريتانيا جزء من الناطقين بها في الدول العربية الاخري أصابهم ما أصابهم في تاريخهم الأسود الحالي ذلا وضعفا وتبعية وخورا في الشهامة والاستقلال ، ومن حاول منهم التغيير تألب عليه الآخرون فأزاحوه ، هذه سنة الله التي شاهدنها في هذه الأعوام الأخيرة ونتيقن جيدا أن الله عز وجل ما أصابهم بهذه الكارثة في المنظور إلا لأنهم غيروا ما بأنفسهم من الاعتزاز بالإسلام وترك التضامن فيما بينهم فالله يقول :(( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) .
ومن هنا نصل الي الواقع الموريتاني في قضية الرفع من مستوي اللغة العربية والعمل بها في جميع دوائر الحكومة ، فاللغة الفرنسية لغة دولة كانت مستعمِرة وهي جزء لا يتجزأ منها ، وكان علي القائمين علي الدولة أن يتركوها تذهب معها ، ولكن بما أن المقننين في الدستور استطاعوا أن يتجاهلوها تماما ولم يُذكر اسمها في الدستور لا أنها لغة اولي ولا ثانية فكان علي كل من يهتم بقضية هذه اللغة أن يشكل لجنة خبراء في الدستور والقانون العام إلي آخره ، ويحددون دستوريا ماذا يجب علي كل سلطة إدارية من الرئاسة إلي آخر السلم ، ماذا يجب عليهم قانونيا ودستوريا وشعبيا أن يصدر عنهم من الوثائق الواجب إصدارها بالعربية فقط ، مع وضع عقوبة لكل من يخالف ذلك ، وهذا حق لجميع المواطنين بجميع ألوانهم ولغاتهم إلي آخره ، أما قضية مناهج التعليم فعلي ضوء هذا الاستحقاق الدستوري أعلاه فكان أيضا من المفروض أن يجلس خبراء لوضع منهج ثابت لجميع المواطنين وعندما يتم احترامه من المرحلة الابتدائية إلي الجامعة فسيحمد كل مواطن يحمل الجنسية الموريتانية هذا المنهج لأنه لم يتعلم منه المعلومات التي سيزاول بها عمله فحسب ، بل في نفس الوقت سيستفيد من المنهج العربي فهم معني كلام ربه الذي يخاطبه به يوميا بل يخاطبه في كل صلاة ، فعلينا أن نتصور إذا قرأ الإمام في الصلاة قوله تعالي : (( ألهاكم التكاثر حتي زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ،،،،،،.)) فإذا كان موريتانيُ أيا كان لونه أو لغته سيدرك عن معرفة معني قوله تعالي في التحذير من الالتهاء في تحصيل الدنيا حتي دخلتم مقابركم فبعد ذلك أقسم أنكم سوف تدركون جيدا حقيقة كل ما جاء في القراءة مثل إدارككم لما ترونه أمامكم وتتيقنونه بعلم اليقين ، هذه الميزة لا تختص بها قومية مسلمة عن قومية مسلمة أخري ، أما لو كان المنهج بالفرنسية فإن المسلم المستمع للقراءة لا يعرف إلا متابعة الفعل في الركوع والسجود بدون التأثر بما يثار في الصلاة من قول حتي تكون صلاته تنهيه عن الفحشاء والمنكر ، وملخص ما ورد أعلاه هو أنه حان لكل من يهتم بقضية اللغة العربية في موريتانيا أن يترك الاستسلام للمتفرنسين أيا كانت لغة أمهاتهم لئلا يتركونا في عصر العلم والمعرفة هجينين لا عرب ولا فرنسيين ، فالفرنسية لا وجود لها في الدستور والعربية لا وجود لها في الإدارة إلا استثناءا ، وأن العمل علي إزالة هذه الكارثة المزرية هي تشكيل لجنة خبراء تثبت للعربية ما لها من حق في وطنها وتعطي للفرنسية ما للضيف من معاملة خارج بيته ، ومن هنا نرجو من كل من اهتم في الأسابيع الماضية بمناسبة عيد يوم اللغة العربية سواء كان مؤسسة نصبت نفسها لتدافع عن العربية أو كان المدير المكلف بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها أو من كتبوا مقالات يؤيدون بها ترسيم اللغة العربية في موريتانيا ، أو لمجرد نقلها عن الحالة المزرية التي تعيش داخل وطنها لأطلب من الجميعـ أن يسمحوا لي أن أصف دورهم في الموضوع بأنه يشبه عمل الفرقة الفنية المهيأة في المناسبات لتضع الحلي فوق رأس العروس ولمدة الاحتفال فقط ، وبعد ثلاثة أيام تنزع الحلية ويعود كل شيء إلي الحالة الأولي ، أما الاقتراح العملي فهو تعيين لجان عملية تتوزع علي كل عمل في الدولة حتي يصدر بالعربية ، وكذلك تعيين لجان مكلفة بالتعريب في القطاع الخاص بما فيها العيادات الطبية إلي آخره ، وفي الاخير القيام بإحصاء كل نتيجة حصلت من هذا العمل حتي لا يأتي الموسم الآخر إلا وقد انتقل الحال من وضع الحلي أيام الموسم إلي حالة مستمرة ترد الأمور إلي ما يجب أن تكون عليه ، وبذلك يقول الجميع : ((قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )).