لا يزال الارشيفيون في موريتانيا يعزفون على وتر المعاناة ويصدحون ويصرخون بآهاتهم وبأناتهم الكامنة خلف قسوة الحرمان من الإكتتاب ، دون ما لفتة كريمة من السلطات المعنية تنتشلهم بها من عتمة الضياع ،
جامعة انواكشوط على غرار مثيلاتها العربية اقتبست من رقي الاوروبيين أسلوبا مهنيا واكاديمي في التكوين والتأطير لهؤلاء الافراد ( الأرشيفيين والمكتباتيين) ،
من وعلى كيفية التعامل مع الأوعية الأرشيفية الوثائقية بنمطيها التقليدي والألكتروني داخل اروقة مصالح التوثيق بالمؤسسات العمومية والخاصة ،
المفارقة هنا ان لاجديد يذكر ولا حبة زرع حصدت رغم العناء فبالرغم من أن التخصص أنشأ عام 2008-2009 بغرض اضفاء المهنية والكفاءة على التخصصات الأدبية بغية مسايرة متطلبات سوق العمل الجديد وبالتالي الحد من انتشار ظاهرة البطالة المقيتة بصفوف الشباب النخبة ،
إلا ان هذا الهدف السامي المنشود تلاشى بفعل اكراهات الواقع المرير في موريتانيا وغياب الإرادة الجادة لتطبيقيه وتجسيده، فقرابة 175 ارشيفي متخصص هم الآن في الشارع يصارعون من اجل البقاء وحصد فرصة ولو واحدة للولوج الى سوق العمل ،
وقديما قيل رب فرصة خير من الف ميعاد ، الا ان الميعاد هنا ربما يفوت على رأي ام كلثوم و في انتظاره تضييع احلام الكثيريين
زهاء التسع دفعات تخرجت حتى الآن من القسم والدولة الموريتانية لم تحجز او تعترف لهؤلاء الخريجيين بمقعد واحد داخل سلك وظيفتها العمومية ،
بل ان مجمل مسابقاتها الوطنية على ضئالتها تفرض عدم المشاركة لهؤلاء الافراد بحجة انهم مهنيون وكأن المهنية اضحت لامكان لها من الإعراب على عكس ما كان يتغنى به الكثيرين (التكوين المهني)
قد يقول قائل اليوم هاتوا برهانكم فالارشيفين ليسوا بأسمى ولا أقدس من بقية التخصصات العلمية والأدبية التى مايزال شبابها عاطل ينتظر الفرج ، فنقول ذاك صحيح ولكن الميزة هنا تكمن في ان هذا التخصص ليس حكرا على مؤسسةمن مثيلتها فبتعدد المؤسسات والهيئات والشركات في موريتانيا وبوفرتها تتعدد مصالح التوثيق والأرشيف وبالتالي يوجد أرشيفيين ، ضع نقطة
وكما أن الأرشيف لم يأتي من فراغ ولم يتم استحداثه كنوع من الترف الإداري ولا المظاهر البيروقراطية المتعددة ، بل جاء نتيجة وجود حاجة ملحة الى كادر ارشيفي مهني متخصص يعي المتطلبات ويستشرف المستقبل ، ضف أخرى
ومن الايجابيات التي يعكسها الارشيفي المتقن لعمله والملم بالشقين المكتبي والتوثيقي في العالم المتحضر هو انه دائما ما يعكس الحركة والنشاط باستمرار مطرد داخل المؤسسة ، هنا يجب التنويه والتذكير ايضا على ان دور الارشيفي يقتضي العمل والمثابرة على عكس ما يظن الكثيرون في موريتانيا ممن يقتصرون بدوره على النوم والخمود وشرب الشاي المنعنع
الارشيفي ياسادة هو الذاكرة الحية للمجتمع والدولة ، ولذلك حفاظا على بقاء هذه الذاكرة وجب على الرئيس محمد ولد عبد العزيز والحكومة سن مسابقة جديدة خاصة بإكتتاب هؤلاء المهنيين ،
فمن غير المعقول ان تكون الدولة بمجلس ووزرائها تصدر مراسيم بإنشاء مؤسسات جديدة ، في حين تعجز عن إستحداث مسابقة تشكل مطلبا وضرورة وطنية .
والله ولي التوفيق