((عودة المرء إلى بيته ينبغي الا توصف بأنها عدوان))
هذه الكلمات قالها الرئيس الفرنسي الراحل الجنرال ديغول بمناسبة عبور القوات المسلحة المصرية لخط بارليف عام 1973م واستعادة أراضي مصرية محتلة عام 1967م. وكانت
إسرائيل وصفت آن ذاك أن ما قام به الجيش العربي المصري بأنه ’’ عدوان’’ عليها. والشيء بالشيء يذكر. فهذه إسرائيل تقول مرة أخري إن المسيرة الشعبية السلمية الفلسطينية التي جرى قمعها، بأنها عدوان على شعبها وحدود دولتها. مبررة بذلك إطلاق الرصاص الحي على الشبان الفلسطينيين وهم لا يحملون سلاحا بل يحملون علما وشحنة وطنية يفجرها في كل مرة الظلم والإكراه الممارس على هذا الشعب طيلة مسيرته النضالية منذ العالم 1947م وإلى هذ اليوم ....
أما المشهد الجديد بمناسبة يوم الأرض، فإن له دلالاته المتجددة وخلفياته العميقة عمق النزاع التاريخي بين الدولة المحتلة والشعب الخاضع للاحتلال. فقد عبر الشعب الفلسطيني وذكر بأنه ما ضاع حق ورائه مطالب مهما طال الزمان. ’’ فالليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيبة‘‘كما قال الشاعر. ومن خلفيات هذا المشهد وهذا النضال كذلك أنهم، أعني الفلسطينيين وحدهم يموتون ولا يبكي أحد خاصة في الغرب عموما وشعوبه الواعية ودوله المتحضرة وأنظمته الديمقراطية؟ فأين غاب ضميرها الإنساني الذي نسمع عنه في أماكن أخري من العالم ولا نسمع عنه بنفس الحماس والاندفاع عندما يتعلق الأمر بفلسطين وإسرائيل. فلماذا يا تري؟ وبالمناسبة فإن للمرء أن يتسائل أين حقوق الإنسان و أين المجتمع المدني وأين الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والطلابية ...... ؟!. إن المشاهد القاسية التي تتكرر في فلسطين لا تجد لها صدى ولا رد فعل يتناسب مع فظاعة الأعمال الوحشية الممارسة. فكم من أم فلسطينية نراها على الشاشات الصغيرة وهي تتلوي وتفقد الوعي مع فقد وحيدها وهو مصباح البيت وبسمة الأمل في حياتها وهذه طفلة فلسطينية في عمر الزهور تسمي عهد التميمي تقتاد في المحاكم الإسرائيلية وقيد الحديد مشدود على معصميها الضعيفين ولسان حالها يقول:
((آهٍ من قيدكَ أدمَى مِعصمي فلِم أبقيهِ وما أبْقَى علي))؟ .
كل ذلك تأتي به وسائل الإعلام فيأ سف البعض ويصمت كثيرون آخرون في الغرب وفي العالم الإسلامي وكأن حقوق الإنسان لا تدخل فلسطين إلا بتأشيرة إسرائيلية
وبالمناسبة فرب ضارة نافعة ألا يمكن أن نأمل ولو على استحياء أن تكون أحداث يوم الأرض المؤلمة فرصة بمثابة الصدمة الكهربائية لتنشيط مبادرات السلام التي كانت توقفت بعد أن قطعت أشواطا مهمة منذ اجتماعات مدريد 1984م مع العلم أنه لا حل بدون أمريكا ولا سلام إلا بعد التخلي عن الاحتلال والقهر. فبعد هذا التاريخ الطويل من الآلام والخوف الدائم، أما حان لإسرائيل وحلفائها أن يدركوا نهائيا أن السلام العادل سيكون لصالح الجميع وخاصة إسرائيل لأن الزمن ليس لصالحها وهذا ما بدأ بعض من اليهود يشعر به وأصبح على لسان بعض المحللين في أوربا وفي وسائل الإعلام كذلك لأن الاحتماء وراء الدعم الخارجي والقوة المسلحة لا يمكن لأحد أن يضمن استمرارهما. أما بالنسبة للفلسطينيين فان من أهم أوراق نضالهم التي يجب التمسك بها، هي وحدة الصف ووحدة المذهب ..... واستمرار التظاهر السلمي، حتى لا تجد إسرائيل فرصة أو مبررا لاستعمال سلاحها الذي ارتوي من دماء ولحوم أطفال فلسطين وعلى كل حال فإن عليهم أن يعلموا أن الرصاص يمكن أيقتل أشخاصا ولا كنه لا يمكن أن يقتل شعبا وقضية.