يعتلي الخمسيني الكاتوليكي يوليوس مادابيو سدة الحكم في السيراليون، بعد تنافس في الشوط الأول ضمن 16 مترشحا بينهم امرأتان، تأهل من خلاله للشوط الثاني، حيث خاضه مع مرشح الحزب الحاكم في البلاد سامورا كامارا، الذي يجمع بين الاقتصاد تكوينا، والدبلوماسية تجربة.
أدى مادابيو اليمين الدستورية بأحد فنادق فريتاون، ساعات بعد إعلان لجنة الانتخابات النتائج النهائية للسباق الرئاسي، ووعد في خطاب
له بميلاد فجر جديد لبلاد تصنف ضمن الدول 10 الأكثر فقرا في العالم، وببناء اللحمة الوطنية، التي قطعت أوصالها سنوات الحرب الأهلية الطاحنة.
يعود يوليوس إلى قصر فريتاون، وقد اختاره السيراليونيون هذه المرة بمحض إرادتهم من خلال صناديق الاقتراع، بعد 22 سنة على دخوله القصر، عبر فوهات البنادق، حيث خاض رفقة آخرين انقلابا عسكريا على رفيقهم في البزة والسلاح فالانتين ستراسر عام 1996، وقبلها شارك في انقلاب 1992 ضد الرئيس الأسبق الراحل جوزيف سايدو موموه.
لم يطل المقام بيوليوس، وهو يدخل قصرا، ألف السيراليونيون على أن يتبادل على كرسيه العسكريون عنوة، منذ استقلال البلاد عن المستعمر البريطاني عام 1961، ولم يمض الشاب العسكري، المزهو بعنفوان الشباب، والرافل في بزة العسكر ونياشينه، سوى 9 أسابيع، حيث أشرف على تنظيم انتخابات رئاسية، وسلم السلطة للمدنيين، وقد نجح في ذلك الاقتراع السياسي السيراليوني المسلم أحمد تيجان كبه.
ورغم قصر الفترة التي أمضى الشاب العسكري يوليوس على كرسي الرئاسة ببلاد الماس والحديد، كثيرة الموارد، فقيرة الشعب، فقد اتهم من طرف منافسه الحالي سامورا كامارا بنهب 18 مليون دولار.
كان الاقتتال الداخلي خلال الانقلاب الذي تولى على إثره يوليوس السلطة، لا يزال يومها على أشده، فقد استمرت الحرب الأهلية في البلاد نحو 11 سنة، وكانت الفترة ما بين 1991 و2002، سنوات جمر ورصاص، أدمن خلالها السيراليونيون الموت، وجرت أنهار من الدماء، إثر مقتل حوالي 120 ألف شخص، فضلا عن تشريد ولجوء مئات آلاف آخرين.
خلع يوليوس بزة العسكر، واتجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عاد منها بشهادة في العلاقات الدولية، وأعلن دخوله الحياة السياسية عام 2005، من خلال حزب الشعب السيراليوني المعارض.
وعلى غرار تسلقه المراتب العسكرية، تقلد مادابيو مناصب قيادية في الحزب الذي أعلن ترشيحه للانتخابات الرئاسية عام 2012، لمنافسة أرنيست باي كوروما، الباحث حينها عن مأمورية رئاسية جديدة من 5 سنوات.
لم يمنح السيراليونيون لمن ارتبط في أذهان العديدين منهم بالتعددية السياسية، والانتخابات الديمقراطية، سوى نسبة 37.4% وآثروا بذلك التجديد لأرنيست باي كوروما الذي حصل على نسبة 58.7%.
ينتمي مادابيو لمكونة مندي العرقية، ازداد عام 1964 بمدينة تيهان جنوب غربي البلاد، وتربى في كنف أسرة كبيرة، حيث يصل عدد إخوته 34 من أب يعد زعيما تقليديا بالمنطقة.
درس مادابيو التعليم الابتدائي بمدرسة كاتوليكية بالمنطقة، ومنها تشبع بالتعاليم الكاتوليكية مبكرا، فيما درس الثانوية بإحدى المدارس العمومية، ليلتحق بعد ذلك بالأكاديمية العسكرية في البلاد، ومنها تخرج برتبة ملازم عام 1987، وهو حينها في 22 من عمره.
وبعد 3 سنوات على تخرجه، بعثت به بلاده إلى ليبيريا، التي كانت للتو قد اندلعت فيها حرب أهلية، ستستمر لاحقا زهاء عقد ونصف.
انخرط مادابيو بعد عودته من مونروفيا في التحضير رفقة شباب عسكريين آخرين للانقلاب على النظام الحاكم، وقد خاض انقلاب 1992 وهو حينها في 25 من عمره.
وإلى جانب العمل العسكري والسياسي، انشغل يوليوس مادابيو بالعمل الاجتماعي، حيث أسس رفقة زوجته المسلمة فاتيماتا عام 2014 هيئة تعنى بمساعدة الأطفال والنساء، المتخلى عنهم.
يدخل مادابيو قصر فريتاون اليوم رفقة زوجته وأبنائه الأربعة، بعيدا عن أزيز الرصاص، ودوي المدافع، يدخل القصر والبلاد تواجه تحديات، اقتصادية واجتماعية، وأمنية عديدة، تحتاج فيها إلى تضافر صرامة العسكري، وانفتاح السياسي، وتجربة الناشط في العمل الاجتماعي.