تعتبر المملكة العربية السعودية دولة إسلامية رائدة في خدمة قضايا الأمة الإسلامية والعربية، وقد استطاعت المملكة الشقيقة أن تقود مسيرة التنمية بجدارة وتحقق مكاسب مادية ومعنوية عظيمة ومواقفها في الدعوة للتضامن العربي والإسلامي معروفة ومشهورة...
ولا يستطيع المرء أن ينكر أو يتجاهل ما للمملكة العربية السعودية من أهمية حيوية ترجع لأسباب كثيرة وتعتبر جهودها في خدمة الإسلام والمسلمين
هي أبرز المآثر الإسلامية في واقعنا المعاصر ، وتمتاز بعلاقات طيبة في مختلف المجالات مع المجتمع الدولي على نطاق واسع.
إن المتتبع للحياة في الجمهورية الإسلامية الموريتانية والمملكة العربية السعودية يرى تشابها واضحا بين الشعبين في هاتين الدولتين، فكل من الشعبين عربي إسلامي سني ، وكل منهما يتصف بالقيم والمثل العليا الرفيعة، والأصالة والشهامة والنخوة العربية وتربط بينهما أواصر المودة ووشائج القربى وهما يعتبران بمثابة أشقاء أصدقاء، وقد ظلت الصلات قائمة بينهما على مر العصور ويحرص كل منهما على صفاء الودّ وتطوير العلاقات، والتضامن بين البلدين والشعبين على مستوى القيادات والنخب وجميع أفراد الشعبين.
ومع تأسيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية الحديثة خاصة بعد الاستقلال، كانت المملكة العربية السعودية من أوائل البلدان العربية والإسلامية التي ارتبطت بعلاقات أخوية تنموية صادقة مع موريتانيا، وقدمت المملكة لموريتانيا الدعم المادي والمعنوي على مدى العقود الماضية بسخاء تام.
وقد بادرت المملكة إبان استقلال موريتانيا إلى مؤازرتها ودعمها حكومة وشعبا في مجالات عديدة، حيث فتحت المؤسسات العلمية والإسلامية على نطاق واسع،حيث قامت ببناء مقرات لبعض المؤسسات العلمية والدينية، وصارت وجهة لسفراء المحاضر الشنقيطية فتوجهت إليها صفوة من حملة العلم والدين، رغبوا في الجوار بالحرمين الشريفين ونشر العلم والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، وكانوا مرجعا للناس في مختلف مجالات العلوم والمعارف الإسلامية، فاستقبلتهم المملكة العربية السعودية بكل تقدير وإجلال وترحيب، وفتحت أمامهم مؤسساتها العلمية والدينية، فأفادوا واستفادوا ولحقت بهم أفواج متلاحقة من طلاب العلم الذين نهلوا من معين الثقافة والعلوم الصافية خاصة في مجال العلوم الشرعية.
ومثلت زيارة الملك فيصل رحمه الله لموريتانيا التدشين الفعلي لعلاقات الأخوة و الصداقة بين موريتانيا والمملكة.
وفتحت قناة من قنوات الخير السعودي وبابا واسعا من مجالات علاقات التعاون المختلفة على كافة الأصعدة والمجالات..
بعد هذه الزيارة بدأت المملكة ببناء صروح عليمة ودينية على نطاق واسع كالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية والمساجد والجوامع العملاقة التي تكاد تعم المدن والقرى في جميع أرجاء البلاد، ولعل خير مثال على ذلك جامع المدينة المنورة الذي يطلق عليه جامع الملك فيصل ويعرف بالجامع السعودي في وسط مدينة نواكشوط، وهو أحد أبرز المعالم الحضارية فيها، كما ساهمت المملكة في كثير من مشاريع التنمية في البلاد وتدخلت بدعمها السخي وعملها الدؤوب في كثير من المناسبات المهمة.
وينظر إلى السعودية على أنها أكبر ممول عربي للمشاريع التنموية في موريتانيا، وتتطور العلاقات السعودية الموريتانية باستمرار منذ أن رفعت المملكة في نهاية العام 2007 بأمر من خادم الشريفين الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز مستوى تمثيلها الدبلوماسي في موريتانيا لدرجة سفير، وذلك لأول مرة منذ حرب الخليج في العام1990م.
وتدفقت خلال حكم الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز تمويلات من صناديق ومؤسسات تمويل سعودية لدعم التنمية وجهود محاربة الفقر والأمية في موريتانيا الواقعة في غرب إفريقيا..
هذا و يجمع المتابعون للشأن السعودي الموريتاني أن علاقات البلدين شهدت خلال السنوات الأخيرة نقلة نوعية في شتى الأصعدة ، ففضلا عن السخاء الحاتمي لصناديق التنمية السعودية على مشاريع التنمية في موريتانيا ، شهد التنسيق السياسي والأمني تطورا لافتا ، خاصة خلال رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي، فيما يتوقع المراقبون أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من التعاون الثنائي بين المملكة العربية السعودية وموريتانيا ، ومزيدا من تدفق الاستثمارات السعودية في مختلف مجالات وميادين الاستثمار في موريتانيا.
يذكر أن العلاقات الموريتانية السعودية يتوقع أن تشهد المزيد من التطور مستقبلا بفعل التوجه الرسمي لكلتا الدولتين الرامي إلى توثيق وترسيخ تلك العلاقات وخلق مناخ استثماري يسمح بولوج رأس المال السعودي إلى السوق الموريتاني، حيث يتوقع المراقبون بناء على المؤشرات الحالية تزايد حجم الاستثمارات السعودية في الاقتصاد الوطني وتنويع مجالات الدعم والعون السعودي لجهود الحكومة الموريتانية في التنمية.