لقد كان لعملية الانتساب التي خاضها حزب الإتحاد من أجل الجمهورية كبير الوقع على رؤوس الفاعلين السياسيين على عموم التراب الوطني .
والأشد " إيلاما " فيها هو قرار الحزب الحازم والصارم بوضعه آلية جديدة للانتساب لم يألفها الرأي العام ولا نخبه .
حيث كان الحضور لازما لكل شخص مهما كان وزنه لتسجيل نفسه ولا مساومة في موضوع النيابة في الانتساب .
وهذا لعمري ما أربك الفاعلين كل الفاعلين السياسيين والمحلين الذين وجودوا أنفسهم أمام خيار صعب ألا وهو كسب رهان الانتساب وبأكبر عدد ممكن من المنتسبين التابعين لهؤلاء السياسيين وهذا يحتم عليهم بذل جهود مضاعفة من حيث التكلفة المادية والبدنية لتحقيق حلم التنافس في كسب رهان الانتساب ليظهروا أنفسهم أمام الحزب والنظام ( فرسانا ) لا يمكن التخلي عنهم في المرحلة القادمة .
وهذا بالضبط ما عرفته مقاطعة الطينطان حيث حل الانتساب وقوانينه الصارمة ك : " نزلة برد فيروسية " على فاعلي المقاطعة ذات الكم الديمغرافي المعتبر والأهمية الجيو سياسية الوازنة في المنطقة بل الوطن عموما .
لكن الطينطان التي باتت منذ و عقد من الزمان تعرف خضوعا سياسيا لطيف معارض للسلطة غيبها عن الولاء المتصوف للسلطة بسبب عوامل كثيرة منها لا على الحصر إنعدام نخبة متسيسة نظيفة من حيث عدم السقوط في أوحل التفاصيل المحلية للمجتمعات البدائية والاشتغال بالشأن العام انطلاقا من رؤية إستراتيجية لنخبة تهدف للاستفادة دون أن تمس بصورتها ولا مستقبل المقاطعة وساكنتها ، وهذا ما فشلت فيه نخب الطينطان من كل الأطراف وهو أيضا ما جعلها لغمة سائغة لكل من أراد الأخذ بزمام العمل السياسي فيها واستخدامها مطية لتحقيق مآربه الشخصية على حساب أهل المقاطعة الأصلين !
ولم تنفك مقاطعة الطينطان تودع مرحلة من هذه الأصناف من العمل السياسي حتى تقع مجددا تحت وطأة مرحلة جديدة وأكثر إيلاما لها ولساكنتها ؟!
ولعل ما تشهده المقاطعة في هذه الأيام موازاة مع حملة الانتساب وتبعاتها من تحالفات بدائية ولا تقيم وزنا للمصالح العليا للسكان يحيل إلى حالة من الفشل المكشوف الذي تتخبط فيه نخبتها المتصارعة تحت كل العناوين التي أبرزها عنوان : القبيلة .
حيث تشكلت أحلاف تشبه في مراميها " حلف الفضول " يسعى كل واحد منها للقضاء المبرم على الآخر وطرده من المقاطعة ؟!
بل يتعدى مستوى الكراهية شخوص هؤلاء السياسيين المتنابزين بكل أقبح الألقاب إلى مجتمعاتهم الخاصة !
وإذا كان المواطن العادي المنهمك في حياته اليومية يقع عليه هذا الصراع هما لم يسعى لجنيه ، وإنما تلحقه الظروف التي من بينها الحماس للقبيلة وتلك الشعارات التي يعيد هؤلاء السياسيين إنتاجها ببراعة كل ما عن لهم أنه لا مناص من تجديد مصادر المنفعة الشخصية دون مراجعة للثمن المقدم لتحقيق ذلك المكسب الذي قد يستقلون في سبيله حتى انسجام القبائل وتعايشها في ود تفرضه عليها ضرورات الجغرافيا والتاريخ وهو جزء من حالة الإستقرار الأمني عموما للوطن .
يدفعون بكل ذلك دون أدنى خشية من أي وازع ثمنا لتحقيق أحلامهم في زيادة التكسب الذاتي على حساب أهل الطينطان المقاطعة التي ما يزال أهلها يجرون مخلفات غرقها وهم في عامهم هذا الموصوم بالشدة على ماشيتهم التي هي عصب حياتهم .
كما يسهم مقيموا حلف الفضول في الطينطان عن وعي تام في زيادة التكاليف على الدولة وإضافة سلبية على فاتورة الاستقرار والتنمية .
فهل يستفيق المواطن في الطينطان ويقابل هذه الأحلاف بالرفض ؟ أم أن قوة الأطر الفاسدين ما تزال في أوجها ؟