إن موريتانيا دولة بالغة الأهمية، فهي اليوم للأمن الإقليمي مثال في دحر الإرهاب والسلم مع الجوارين العربي والإفريقي،وهي في مشهد التجربة الديمقراطية شكلت واحدا من أمثلة الحراك المدني الذي تمت إدارته بحنكة، نزعت ألغامه وفككت محاولات الانحراف بمساراته.،وجنبت شعبا متنوع الأعراق والأفكار فوضى الرحيل، وعنف الغوغاء.
وموريتانيا الحالمة هي صناعة الأخوة دون أكراه، والمحبة دون رشوة جاذبية دينية وثقافية، ضمت أعراقا وثقافات متنوعة، دون سياط قهر، ودون جرار مكس.
ورغم حدة الأزمة العالمية بمفاعيلها وأحلافها: السياسية، والاقتصادية ، والأمنية،يظل الرهان على تماسك الجبهة الداخلية، ونجاحات التجربة الوطنية ،وحفظ العقول الوطنية من الاغتيال المادي والمعنوي، هو الأساس في عصر
هوت فيه حكومات داخل أوطانها ، وجردت فيها أحزاب عريقة من قواعدها الشعبية ، بسبب أخطاء حسابات ارتكبتها قياداتها،أو بسبب السير في مغامرات لم تحسب لها حساباتها.
اليوم يحتاج صف الأغلبية في موريتانيا إلى دبلوماسية ذكية، ودراسة متعقلة، ليس لنتائج الانتخابات الأخيرة ، وحملة الانتساب الجارية فحسب، بل لرفع السرية عن محاولات أفراد متهورين تفكيك الأغلبية وهي على أبواب انتخابات رباعية مصيرية: بلدية، برلمانية ،مجالس جهوية، ورئاسية.
لقد أظهرت نتائج تفخيخ الوحدات من قبل بعض المتوسمين، الذين جمعهم الولاء للقبيلة، والعرقية ، والطائفية، والعلاقات الأسرية والولاءات المصلحية،اندفاعا نحو مشاريع التحالفات بلا برامج وبلا رؤي موحدة.
وغاب معيار الانتخاب حسب الدوائر الانتخابية، ليحل محله معيار "الطيران الي الدوائرالجغرافية" حسب الانتماء الوصفي، وليس حسب الانتماء لرؤية أو مسار، وغاب عن هؤلاء أن الهدف دعم الرئيس وليس دعمهم، وأن المسار انظلق للحفاظ على رؤية ومنجز وليس لتثبيتهم كبديل أو كمرشحين..
أصبحت فكرة البيانات التي تستخدم الرقم الوطني، وعمر الشخص،والبصمات، وحواسيب الانترنيت ، وجمع الصور، ومحركات البحث ، وكمية زيارات الموقع ،وجمع الرسوم من ضريبة على الراتب وعلى العقارات وعلى البضاعة، هي المعيارالمعرب.، عند هؤلاء المتوسمين.
وكما تشاهدون في العالم المتقدم ،أصبح فن التلاعب بالبيانات ، و" سمسرتها" ، يتيح بسهولة تدمير كفاءات او تصفية خصوم، أو تبرير اختراقات كبرى في مجال التلاعب بنتائج الانتخابات وانتهاك الخصوصيات، كما أكدت التجارب قدرة "ضباع السمسرة" علي استخدام تلك البيانات المزورة في فبركة أفلام ، أو فبركة صور ، أو تفكيك نظام، أو توزيع مئات الآلاف من التعليقات والأكاذيب المضللة ، عبر وسائط الاتصال والإعلام الجديد في ثوان معدودة
أصبحت الأعداد عبر البيانات إذا "بضاعة" تجارية ، و بإمكان المهرجين الدعائيين أن يقنعوك بأرقامها لديك مثلا40 % شباب منتم، و19% من المثقفين معارض ، و41% من المؤيدين لهذا الفريق أوذاك المنتج الدعائي..أو الخيار السياسي..
نحن إذا أمام خواريزميات ، أو برمجيات، وتطبيقات دعائية، يمكن من خلالها أن نقنع من الابواب الخلفية في فترة قصيرة ، بأن هذا الجهازأو المناضل فاشل، أو بأن هذا القطاع مرتكس، وبسهولة يمكن بهذا البيان السحري تحول المجرم إلى مصلح و المخادع إلى ناصح أمين .
لابد أن ندرك أن ضحايا "حرب البيانات المزورة " يمكن أن تدخل بلدا غنيا حروبا وهمية، ويمكن إن تدمر قوة عظمى بنيت قدراتها ومواثيقها الأخلاقية عبر مئات السنين، ويمكن ان تشكك في انجازات تحققت بروح وتضحيات الفريق.، ويمكن أن تشكك في قدرات خبير متخصص أو تدمير الثقة في كفاءاته.
اليوم تحتاج موريتانيا وأغلبيتها بالخصوص إلى حكماءها وعقلاءها، ضما وجمعا، والى كفاءاتها وفدا وضيفانا.
عندما تقول الضباع البشرية ان جنود الرئيس في السياسة
وخزانة أسرار الفريق الذي قاوم الحبط والرحيل خونة.
وعندما تقول إن جنود الرئيس وأبناء نهجه المخلصين في الاقتصاد والرشاد الذين حاربوا سماسرة الفساد وجمع البيانات المزورة هم أغبياء او مشوشون أو مفسدون
وعندما تتجرأ فتتطاول على رجال الرئيس في نهج الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي وتشكل جماعات الضغط ضدهم وتسعي لتشويههم أمام الرأي العام.
فان اللعبة لم تعد تسعفها الوقائع على الأرض، ولا يحتاج فضحها إلى خوارزميات لفك الطلاسم والرموز.
في السياسة حتي ولو هاجمك الخصم من الأبواب الخلفية، وحاربك بسمسرة البيانات السرية، قف على قدميك، ولا تحاربه إلا بأخلاقك.، وفي ساحات العمل بشرف، لأن الخير لا يأتي إلا بالخير، ولأن شرار الخلق يأكل بعضهم بعضا.
الضباع كما تقول الحكمة تأكل الذئاب.
الضباع والذئاب في لعبة "سماسرة البيانات" تريد توتير المسارات، تهديد الأمن القومي، أكل الكفاءات والخبرات، صناعة الوهم، تخريب المنجزات،تجريدنا من قوة وحدة الصف قبل الانتخابات.
لكن بلدنا موريتانيا.. هو يوسف..صرف الله عنه سوء الماكرين، وفحش من غلق الأبواب .
أيتها الضباع البشرية: لن تفخخوا الوحدات، ولن تفجروا الأبواب؟