شكرا لكم... تم الحوار بنسختيه "الفوكانية والتحتانية"/ محمد سيد أحمد

انشغل الرأي العام الوطني خلال الفترة ما بين 2009- 2018 بما يدور في الساحة السياسية بين الفرقاء وفسطاطيهما الأول الداعي إلى رؤية تتخذ من التغيير البناء عنوانا عريضا لها انصهرت فيه كتلة كبيرة بقيادة الحزب الحاكم وبضوية مجموعة من  الأحزاب الصغيرة والمتوسطة عرفت بالأغلبية الحكمة، بالمقابل توجد كينات كبيرة هي الأخرى متنوعة ضمن ما يعرف بالمنتدى و مجموعة الثمانية بالإضفة إلى حزب التكتل 

وحركات شبابية وحقوقية متنوعة تسعى لاسقاط النظام كهدف أولي دخلت بعده في عدة مخاضات عسيرة خفضت فيه سقف الأهداف من " الدعوة للرحيل واسقاط النظام " إلى المشاركة الغير مجمع عليها في انتخابات 2013-2014 والتي تمخض عنها برلمان شهد خروج أحزاب ظلت لوقت قريب حاضرة فيه بقوة ودخول أحزاب استفادت من  استيراتيجية " المقعد الخاوي"، إلا أن نتائج حوار أحزاب الأغلبية و المعارضة المعروفة بالمعارضة المحاورة، وما نتج عنه من تعديلات دستورية  شكل منعطف جديد في العملية السياسية وفرض حسابات جديدة، حيث دخلت المعارضة الراديكالية في حوار سري مع النظام وأغلبيته الحاكمة، واستطاع الجميع في المعارضة والنظام ابعاد حوارهم السري عن الإعلام رغم ظهور تكهنات من هنا وهناك اتضح أنها كانت صدى رجع لما كان يدور في غرف مغلقة، غير أن المعارضة المحاورة سريا للنظام وأغلبيته لم تعد في قرارها لقواعدها الشعبية التي ظلت تستعرضها وسط محاورتها للنظام في الشارع من أجل الضغط على المحاورين وانتزاع أكبر قدر من التنازلات ممكنة من النظام وأغلبيته من أجل ضمان الذهاب لانتخابات بأقل الأضرار على الصعيد السياسي، فالمعارضة تدرك أنها ستخسر قدر كبير من شعبيتها المفترضة بسبب الذهاب لحوار مع النظام دون ضمانات مقنعة.ا

اليوم وبعد أن اتضحت الأمور وانكشف القناع، نجحت المعارضة في التملص من الوقوع فخ مميت بقرار المقاطعة للانتخابات القادمة، ونجح النظام وأغلبيته في الحصول  في نهاية المطاف على حوار مع جميع القوى السياسية المعارضة، وذلك بتخطيط من الرئيس  محمد ولد عبد العزيز الذي برهن - بجره الجميع لحوارات مهمة -  على حنكة سياسية  وفطنة وقراءة صحيحة للواقع ، والتي مكنت من الحصول على -سختين من الحوار بين الأغلبية والمعارضة نسخة علنية وأخرى سرية- هذه الحوارات العلنية والحوارات السرية بين الفرقاء السياسيين، " حوارات فوكانية وحوارات تحتانية"، التي من نتائجها الذهاب إلى انتخابات بلدية ونيابية ورئاسية بالإضافة إلى الإنتخابات الخاصة بالمجالس الجهوية في الربع الأخير من 2018 و منتصف 2019، للخروج بالبلد من التجاذبات السياسية التي بدأت بمواجهات بين قوات الأمن ورؤساء وأعضاء الأحزاب السياسية المنضوية في إطار منسقية المعارضة سابقا والحركات الشبابية "25 فبراير" وغيرها وصولا لدعوى الرحيل و ليس انتهاء بمظاهرات ومسيرات " المرجن الخاوي + ومفتاح سيارة دفع رباعي" وصولا لحوارات السحور والفطور الرمضاني بالقصر الرمادي والحوارات والمراسلات السرية التي انتهت قبل أيام قليلة لتفسح المجال أمام الاستعدادات للدخول في المنافسة، بعد أن حصلت الأحزاب على وعود بتمويلات محترمة لحملاتها المنتظرة بقوة قانون الانتخابات، وذلك ليس رغبة بالمشاركة وإنما خوفا من سيف القانون المنظم للانتخابات وغدر الصديق، حيث أن مقاطعة الانتخابات القادمة تعني حل نهائي للأحزاب التي ستقاطع بعد مقاطعتها الماضية، ضف إلى ذلك أن المقاطعة ليست خيار توافقي لدى المعارضة وذلك استنادا على تجربة قرار آخر الوقت الذي اتخذه " تواصل" بالمشاركة في الاستحقاقات الماضية التي قاطعها الطيف الأعظم من المعارضة.

شكرا لجميع الفرقاء وأبناء الوطن موالاة ومعارضة  الذين أكدوا على مرونتهم وصبرهم وحنكتهم،  وسعيهم في مصلحة البلد، دون المزايدات والخطابات التي تخدم الشرخ وغلق باب الحوار، وهو ما يؤدي إلى تهديد السلم الاجتماعي والتفريط في سيادة واستقلال البلد أو خدمة أجندة خارجية أو السقوط الأخلاقي في الخطاب السياسي اتجاه الخصوم السياسيين الذي يؤدي بدوره للعنف اللفظي والعنف بكل أشكاله لا قدر الله، حفظ الله موريتانيا.

 

22. أبريل 2018 - 23:58

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا