ذهب رجلان من عند أهلهما يبحثان عن بقرة ضالة، فلم يجداها إلا بعد حلول الظلام وعلى مسافة بعيدة، فلم يستطيعا العودة إلى أهلهما فقضيا ليلتهما في الخلاء، ولأنهما لا يحملان زاد فقد حلبا البقرة وتعشيا بلبنها.
وكما هو معروف، فإن حلب البقرة في غياب ولدها صعب ويحتاج إلى حيلة خاصة يعرفها المنمون،
وقد لجأ الاثنان لتلك الحيلة التي هي نفخ البقرة من مؤخرتها لكي تدر بالحليب، غير أن عملية النفخ في حد ذاتها، حتى ولو فرضتها الضرورة، عمل مذموم و " يجرح فاشهاده " في عادات القوم.. ولذلك فقد اتفقا على أن لا يذكرا أيهما قام بعملية النفخ عند عودتهما لأهلهما.
عادا في الصباح ومعهما البقرة فتلقاهما الأهل مستبشرون لكنهم في نفس الوقت متأسفون على مبيتهما في الخلاء دون عشاء، فسألاهما كيف قضيا ليلتهما وليس معهما زاد؟ فقالا إنهما حلبا البقرة وشربا لبنها.. قالوا لهما كيف حلبتماها وليس معها ولدها؟ قالا نفخناها فدرت وحلبناها.. سألوهم أيضا أيكما قام بنفخها؟ قال أحدهما أمسكت أنا بقرونها ونفخها أحدنا.. وبذلك أصبح من قام بعملية النفخ معروفا ما دام الرجلان إثنان فقط وكان أحدهما ماسكا القرون ولا يستطيع مسكهما ونفخ البقرة في آن..
تدافعت أطراف الحوار السري بين الأغلبية والمنتدى المعارض المسؤولية عن عملية تسريب وثيقة الحوار بشكل مشوه نسف الحوار وحال دون توقيع وثيقته، وقال رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية سيد محمد ولد محم في مؤتمره الصحفي إن طرفا في المنتدى هو من سرب الوثيقة، وأنهم بينوا ذلك للطرف الآخر في المنتدى وأنه لم يستبعد حدوث ذلك. وأنهم في الأغلبية ليسوا معنيين بتحديد من قام بعملية التسريب إلا أنهم سيحددونه عندما يضطرون لذلك..
نظم القائد المنتدب لعملية الحوار السري الرئيس الدوري للمنتدى المعارض محمد ولد مولود هو الآخر مؤتمرا صحفيا في أعقاب توقف مسار الحوار، فلم يركز على عملية التسريب محاولا تجاهل من قام بها، مكتفيا بإلقاء اللوم على طرف الأغلبية، وأن القضية ليست قضية من سرب الوثيقة ولكنها عدم جدية الأغلبية في الحوار..
والبارحة قال رئيس حزب " عادل " وعضو لجنة الحوار مع الأغلبية يحي ولد أحمد الوقف في ندوة بمقر حزب " تواصل " إن المنتدى هو المسؤول عن تسريب الوثيقة، وإن أحد قادته سجلها أثناء عرضها من طرف رئيس " اتحاد قوى التقدم " محمد ولد مولود الذي كان يقرؤها من هاتف تم تصويرها عليه تفاديا للتداول، قائلا إن القيادي المذكور تلاعب بالوثيقة قبل تسريبها من أجل ضرب الحوار.
قادة المنتدى المنتدبون للحوار السري إذن كانوا ثلاثة لا غير، القائد في المنتدى رئيس " اتحاد قوى التقدم " محمد ولد مولود الذي سجل وثيقة الحوار على هاتف خوفا عليها من التداول والتسريب، والقائد فيه رئيس " عادل " يحي ولد أحمد الوقف الذي أكد مسؤولية أحد القادة في المنتدى عن عملية التسريب، والقائد فيه رئيس " تواصل " محمد محمود ولد سييدي الذي لم يتحدث عن التسريب في لقائه " الواتسابي " وتخطاه إلى مشاركة المنتدى في الانتخابات ودعمه لأي مرشح رئاسي حتى ولو كان من رحم النظام.. وكأنه لم تكن هناك مفاوضات مع الأغلبية من أجل تحقيق شروط مشاركة المعارضة، ولم تكن هناك وثيقة لاتفاق تم تسريبها وتوقف الحوار!
فأي الثلاثة إذن كان هو من أمسك ب " قرون " وثيقة الحوار، وأيهم كان هو من " نفخها " لبريد موقع الأخبار بهدف ضرب الحوار والاتفاق؟! وأيهم يشتهر بالمصلحة التاريخية في المشاركة منفردا في الانتخابات، حتى ولو كان هو اليوم أكثرهم حديثا وتنظيرا عن ضرورة المشاركة الجماعية للمعارضة وعن ضرورة تعرية النظام وسياساته؟!