قال الله تعالى: "لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الظلم ظلمات يوم القيامة"، وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إنى حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا".
لعلمكم السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الإمام حدمين ولد سالك منذ أشهر موقوف عن الإمامة والخطابة في جامع "ابن عباس"،
والذي منذ عدة سنين يؤمه ويخطب فيه يوم الجمعة وغيره، ولمجرد أنه ذكر على المنبر أنه مسؤول إعلام في هيئة تابعة لوزارة الشؤون الإسلامية، وأن هذه الهيئة تدعي أنها قامت بالأنشطة كذا وكذا، وبقدر كذا من المصاريف، دون أن يستدعى للاجتماع، وهو عضو في المكتب التنفيذي ،مشككا في صدقية تلك النشاطات والمصاريف، هل وقعت في مجملها أم لا.
فبادرت الوزارة إلى إقالته من منصب إمامة هذا الجامع، وأصبح يجلس مع المأمومين فحسب، وكأنه من عامة المصلين.
السيد الرئيس:
الإمامة ينبغي أن لا تكون وظيفة رسمية، فما دامت جماعة المسجد راضية عن إمامها، فله الحق في الاستمرار في مهمته هذه المقدسة.
ولعل معاقبة إمام بهذا الحجم من الشهرة و العلم والوسطية والتجربة، وبهذه السهولة والسرعة، سابقة في تاريخ الوطن، وكان من الأنسب أن يوسع الصدر لإمامنا، في حيز ما يقدم من نقد وتقييم ونصح، بأسلوبه الشرعي العادي، على وجه العموم، أما أن يتجرأ عليه أي مسؤول أو وزير، ليترك الإمام والفقيه حدمين ولد السالك في العراء، على وجه الإقالة والنفي من الثقة، فهذا مثير للاستغراب والتعجب عند الكثيرين، يا صاحب الفخامة.
سيادة الرئيس:
أدعوكم تفاديا لفضيحة الدنيا وعقوبة يوم القيامة، أن تنظروا بعدالة ورحمة ولطف، في أمر هذا الإمام المقال، لسبب لا يرقى إلى درجة الإقناع ،بهذا التصرف الأرعن المشين.
فأئمتنا تاج فخرنا وعنوان ثقتنا وقادة إحدى أقدس وأعز دعائم ديننا، الصلاة، ولا ينبغي أن يتصرف معهم بهذا الأسلوب الصادم الإقصائي المهين.
السيد الرئيس:
القطاع الوزاري الإسلامي الرسمي، جدير بإعادة النظر والتفتيش والتوجيه، حتى لا تتكرر مثل تصفية الحسابات هذه، دون مسوغ مريح، كما أن المال العمومي، وفي هذا القطاع بوجه أخص، جدير بالنقد والرقابة من طرف جميع الجهات المعنية، حتى لا يذهب سدى، لتلبية أغراض فلان أو علان في مجال ضيق، على حساب مصلحة القطاع الإسلامي، وفي المقابل عندما ينبس إمام بمستوى حدمين، ببنت شفة يعاقب ويبعد عن الإمامة والمنبر على السواء.
ما هذا المنحى والسياق المثير الطارئ على دولتنا ومجتمعنا.
لقد آن –السيد الرئيس-وقت الإنصاف في كل أمر وقضية، أحرى مسألة إمام جامع ابن عباس المقال، الخطيب والفقيه الشهير حدمين ولد السالك.
لقد كان عمر بن الخطاب رضي الله وأرضاه يقول، إنه يخاف أن يحاسبه الله على بغلة عثرت على شاطئ الفرات بالعراق، لما لم تسوي لها الطريق يا يعمر.
فكيف بإقالة وإهانة إمام وخطيب، فقيه حافظ لكتاب الله.
عرف بين الناس بالوسطية وعدم التخندق مع أي طرف، وإنما ناصحا وداعيا للحوار الشامل وإصلاح ذات البين.
وحقيق بالوزير المعني أن يستدرك الخطأ ويتأمل القضية من أوجه التفهم والتفاهم، حتى لا يتكرر أسلوب إقالة الأئمة، بسبب محتويات خطبهم، وهو أمر غير معهود إطلاقا في موريتانيا،منذ بزوغ فجرها.
حيث ظلت المساجد وأئمتها محل تكريم وتقدير وحرية، مهما قالوا وعبروا عنه من نصح ورأي.
السيد الرئيس:
إنني واثق من مدى اهتمامكم بهذا الأمر الاستعجالي الحساس، فهو ظلم صريح لا يمكن الصبر تجاهه، فهلا بادرتم برفع الظلم عن إمامنا وعالمنا الموقر حدمين ولد السالك حفظه الله ووفقه.
والله أرجو أن يجعل هذه اللفتة ورفع الظلم المرتقب عن السيد الإمام في ميزان حسناتكم وميزان حسنات كل من سره ذلك أو سعى إليه.