ليس من العيب مواصلة الاستثمار في العناوين المستحدثة والمواطئ البكر وخصوصا إذا كانت موحية ودالة
وتصيب الموضوع في سر وهجه ولمعانه . إشفاقا منه علينا من أجل أن لا نواصل الانخداع بمن شحمه ورم هاجم الكاتب المحترم من أسماهم فقهاء النوازل والمتون وباعة الدين ولست أدرى هل يتحدث الكاتب عن وضعية مخصوصة أراد استنزال اللعنات على صاحبها رغم أنه استخدم ضمير الجمع ولكن قد يكون ذلك تورية ،
أم أنه يتحدث في موضوع فكري لا هوتي أهلك الحرث والنسل ، أساء أصحابه إلى الدين وحرفوا الكلم عن مواضعه وعيا أو بغير وعي ؟
اعتقد أن هذا الموضوع من أخطر المواضيع نظرا لحساسيته الدينية ولحضور سلطة الماضي عند الإنسان العربي المسلم الذي يعيش في الحاضر عبر الاستغراق في الماضي ، حيث يفكر فيما لا يعيش ، ويعيش ما لا يفكر فيه وهو ما سماه بعض الفلاسفة والمفكرين المحدثين استقالة الفكر العربي .
إن العامة وحتى بعض المتعلمين وأنصاف المثقفين ومعظم التكنوقراطين والفنين والدكاترة في التخصصات الرياضية
والفيزيائية والعلمية عموما ومعظم الحكام لا يفقهون شيئا في هذا المجال فالمتدينين منهم يقدسون الفقهاء إن لم نقل يعبدونهم وتلك هي مأساتنا ! .اعتقد أنه قد حان الوقت للانتصار لدين الله وتحريره من يد من يعبثون به جهلا أو تجاهلا بغض النظرعن التسميات التي يحملونها وعن الكراسي التي يشغلونها فالإسلام لا كهنوت فيه ولا مجال فيه للوسائط ولا للصكوك الغفران . هؤلاء يقدمون قراءات بشرية للدين ومادمت بشرية فستظل ناقصة محكومة بسياقها الذي نشأت وترعرعت في كنفه . ولكنهم يسوقونها باعتبارها الحق الذي لا مرية فيه وعلى أساسها يمفصلون مقامات الجنة والنار ويرسمون حدودهما وتخومهما من عندياتهم. وفي هذا المجال كتبت مقالا بعنوان { لا لربانية التراث } محاولا تخليص التراث من التراثيين و إسهاما مني في تعرية المسكوت عنه والصامت الذي يعربد في أعماقنا .
و لا يفهم من هذا أننا نهاجم الفقه أو أصحاب الجلالة في الدين و الرأي بل نقدرهم ونحترم اجتهاداتهم وقراءاتهم
ولكننا نرفض ما درج عليه بعضهم من محاولة اختزال الدين والتشريع في المدونات والسرديات الكبرى .
وتجدر الإشارة إلى أن مكانة الفقهاء ينبغي أن تكون متأتية من مدى التزامهم بالمبادئ والأفكار التي ينطقون بها ويتصدرون باسمها المشهد ، أما أن يحدث العكس فيداس المبدأ ويقدس الشخص فهذا ما لا نقبله لأنه يتعارض مع الأصول ويشوه الدين . و اعتقد أن أزمتنا مضاعفة نظرا لقلة المنفتحين على هذه الحقول المعرفية
من جهة ولعدم الجرأة على الصدع بالحق من جهة أخرى مدارة للعامة وتوجسا من الارتدادات المحتملة لحملة و حراس
فكر النوازل والمتون التي انقرض عصرها . وأشد بيدي على يد الكاتب وليعلم أن من خطب الحسناء لم يغلها المهر
و أن الحق أحق أن يتبع .