دعوة للتسامح / أحمد ولد جدو

altضقت ذرعا ووصلت نقطة الغليان، ولذا قررت أن أبوح بمكنوناتي وهواجسي .. حتى لا أقضي نحبي بسبب تضخم في القلب أو سكتة دماغية، وذالك لحنقي وغيظي من الذين حولوا قضيتي إلى تجارة رخيصة. 

والآن وبعد أن عرفتم حالتي النفسية عند كتابة هذه السطور، سأعرفكم بنفسي.

أنا محمد "الموريتاني" أنتمي إلى تلك الفئة المسماة العرب السمر أو"الحراطين"، أنا من أكثر طبقات المجتمع تعرضا للظلم عبر التاريخ، فقد مورس علينا الاضطهاد وعاش أجدادنا عبيدا محتقرين. عاشوا في هوان كالحيوانات لا يرأف بهم أحد، حرموا من العلم والمعرفة وفرض عليهم ضيق الأفق.

لكن أنا اليوم حر ومتعلم ووزير وسفير وعالم وقائد في الجيش، أنا اليوم عضو فعال وشريك قوي في هذا الوطن المسمى موريتانيا. طبعا مازلت بحاجة إلى إسماع صوتي وفتح حوار معي وسماعي مشاكلي وتغير النظرة الدونية التي مازال بعض المرضى من شركائي في الوطن ينظرون إلي بها ولكن أظن أن الزمن كفيل بتغيرها وعلاجهم.

والآن أحب أن أبعث بهذه الرسالة إلى من يتاجرون ويتربحون بقضيتي:
دعكم من المكابرة والمهاترة اليوم العبودية مجرمة بموجب القانون وحقي أخذته، وبرأيي أن الأجيال الجديدة من ما يعرف "بالبيظان" لا ذنب لهم ولا ناقة ولا جمل في ما قام به أجدادهم ولا يجب أن يحملوا وزره ولا يدفعون ثمنه، فذالك زمن وهذا زمن، وكما قال الله تبارك وتعالى"تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ".

أدعوكم للتسامح والعيش في وئام وتؤدة مع شركائكم في الوطن، فالتسامح ضروري وركن ركين وشرط في تقدم أي بلد لذا علينا إشاعته بين كل مكونات الوطن وجعله ثقافة سائدة، وأتمنى أن تنبذوا كل ما يدعو إلى التفرقة والعنصرية. لا تجلبوا للبلاد كوارث العرقية، لا ثبثوا سموم العنصرية وحاولوا أن لا تكونوا حجر عثرة في مسيرة تقدم الوطن، حالوا نسيان الماضي الأليم وانظروا إلى الواقع نظرة المتسامح لا الحاقد، تبنوا قضايا الفساد ومشاكل الفقراء والديمقراطية.

وخصوصا أنكم في بلد تصل نسبة الفقر المدقع فيه حسب الإحصائيات الرسمية 46% وهناك إحصائيات تقول إنها 80%، كما تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن 47% ممن هم في سن العاشرة فما فوق أميون، وكذالك تشير الإحصائيات الرسمية أن نسبة البطالة تصل إلى 31%، وأنتم في بلد تنتشر فيه الرشوة والزبونية وكبت الحريات وتزوير الانتخابات، وتواجهه تحديات كبرى كالإرهاب وتجارة المخدرات.

هذه باعتقادي قضايا أهم من نبش القبور وفتح جروح الماضي الأليم المليء بالمشاكل والكوارث فذلك لن يكون إلا طريقا إلى التشرذم والتفتت وسبيلا إلى التقهقر والتأخر والعودة إلى الوراء، والدوران في حلقة مفرغة تبدأ بكيل الاتهامات ولا تنتهي عندها.

5. أبريل 2011 - 12:30

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا