تنطوي مغالطة نظام حصص الصيد المعمول بيه حاليا كإستراتيجية لتنمية قطاع الصيد علي منح الحصص دون شروط مسبقة ،وحسب مصالح ضيقة لأشخاص مقربين غير حرفين ولا يمتلكون إمكانيات مالية لشراء أو حتى استئجار أي نوع من السفن البحرية، حيث سيتخلون حتمًا عن الرخصة لأول مالك أو مشغل أجنبي يمتلك سفينة أو أكثر مقابل رسوم زهيدة أو شراكة غير فعلية وغير مجدية للبلد.
بتواطؤ من الوزارة، يتم استخراج عقدا مزيفا لاستئجار السفينة أو السفن علي هيئة هيكل عاري لضمان استفادتها من الامتيازات الوطنية ويتم إنشاء شركة موريتانية وهمية لا وجود لها إلا نظريا و إبرام عقد أخر موثقا غير معلن يسمح للمالك الأجنبي أن يدير ويجهز سفنه ويبيع سمكه ويسير طاقم السفينة الأجنبي بالكامل وكل هذا تجنبا للضرائب وتقليلا للدخل الوطني.
وبالتالي تتم عملية الاحتيال الخطيرة في السماح لهذه السفن الأجنبية بالولوج إلي النظام الوطني دون تغيير فعلي لدولة علمها حتى تكون مؤهلة للحصول على كامل المزايا الوطنية من دفع حق الولوج إلى الموارد السمكية تماما مثل السفن الوطنية و الذي بنص القانون لا يتجاوز 3 ارو أي ما يعادل 140 أوقية جديدة لطن من الأسماك السطحية بدلا من دفع 123 ارو أي ما يعادل 5000 أوقية جديدة مطبقة على السفن العاملة في النظام الأجنبي (ابحث عن مصير الفارق).
لن تخلق هذه المغالطة فئة جديدة من الفاعلين الوطنيين و لن تساعد كذالك على تحقيق أقصى قدر من المنافع الوطنية المستمدة من هذا النشاط بقدر ما ستؤدي إلى مزيد من التشكيك في فعالية ومعايير تسيير إدارتنا البحرية التي تعمل حاليا دون مستوى النظم الدولية المطلوبة. وفي هذا الإطار وردا علي دعوة المستثمرين الاروبيين علي دخول القطاع فانه لا يمكن أن يقبل أي مالك سفينة أوروبي أن يدخل في هذا الغش والاحتيال علي مصالح الشعوب خوفا من أن يعاقب من قبل الإدارة البحرية لبلده. فقط الصينيون والأتراك هم الذين يدخلون تلك المغامرات ويكسبون أكثر في هذا المجال.
في عام 2005، كان الأسطول الوطني يتألف من حوالي 347 سفينة صيد صناعية متهالكة، و 102 سفينة صيد ساحلية و 3700 قارب صيد تقليدي كلها موريتانية بالكامل طاقما إدارتا تجهيزا وتسييرا. وكانت العوائق الرئيسية التي تقف أمام تطوير وتنمية قطاع الصيد في ذلك الوقت على النحو التالي:
• تهالك سفن الصيد الصناعية وهشاشة أمن قوارب الصيد التقليدي
• عدم وجود بنية تحتية كافية للتفريغ (الموانئ ونقاط التفريغ المجهزة)
• عدم تثمين المنتج (مصانع المعالجة وتثمين المنتج)
• عدم وجود سعة كافية لحفظ المنتجات (قدرة مصانع تعليب المنتجات)
• ضعف تأهيل القوى العاملة الوطنية (التدريب والخبرة).
في عام 2018، وبعد 13 سنة، مازال القطاع يعاني جل تلك المعوقات المذكورة أعلاه، والجديد انه أصبح مستغلا من طرف مجموعة من الأساطيل مختلفة الجنسية منها ما هو موريتاني و منها ما هو صيني ومنها ما هو تركي وفي سابقة من نوعها يتم السماح لهذا الخليط من السفن الأجنبية الولوج إلي النظام الوطني،الخاص بالسفن الوطنية يا له من تناقض مع القوانين والمصالح الوطنية.
حيث تتوزع هذه الأساطيل على النحو التالي :
الأسطول الموريتاني : 142 سفينة صيد صناعية و 112 سفينة لصيد الأسماك الشاطئية و 9200 زورق ، منهم حوالي 3000 يحملون الجنسية المزدوجة السنغالية-الموريتانية.
الأسطول الصيني بولي هون دونغ 110 سفينة في أعماق البحار والصيد الساحلي و 150 زورقا مسجلة بأوراق موريتانية مع طاقم ومجهزين وإدارة صينية بحتة.
الأسطول التركي: 48 سفينة تركية لصيد الأسماك السطحية تعمل بشكل رئيسي على تموين وبيع الأسماك السطحية لمصانع الدقيق وزيت السمك وتستخدم أوراق ومجهزين ومسيرين في إدارة تركية كاملة ومع ذالك تعمل في النظام الوطني
وأسطول أخر مختلط مكون من 30 سفينة من مختلف الأعلام الأجنبية بما في ذلك الأغلبية الصينية لصيد الإخطبوط..
سيؤدي هذا الانتهاك للقوانين والأعراف البحرية حتما في المستقبل القريب لأضرار اقتصادية بالغة علي القطاع، بسبب انخفاض كمية المخزون السمكي المعترف بيه سابقا من قبل المنظمات الدولية والجهات المانحة ، لأن الكميات المستخرجة من المصائد يتم احتسابها لدولة العلم التي تحملها السفينة وقت الإنتاج وليس لميناء التفريغ.
وللإجابة على العديد من الأشخاص الذين غالباً ما يتصلون بي للسؤال عن سبب كتابتي ، فسأشرح اليوم لهم ذالك : أثناء إعداد هذه الإستراتيجية أو علي الأصح الخدعة ، كنت وقتها أتولي منصب المستشار الفني للوزير وعضو اللجنة المكلفة بإعدادها وقد عارضت تلك القرارات المتنافية مع المصلحة الوطنية و مازلت كذالك وهكذا رحت ضحية مبادئي ومعتقداتي في المصلحة العليا للبلد.
حيث تم إنهاء مهامي وتهميشي منذ أزيد من عامين دون ابسط الحقوق ومن غير خطا عدا الكراهية والظلم ، أو أنني ضد إجراءات فاضحة لا تتماشي و مصلحة القطاع وتنميته مثل ولوج السفن الأجنبية إلى النظام الوطني دون تغيير دولة أعلامها فعليًا تطبيقا للقوانين والنظم البحرية الوطنية المعمول بها. سأستمر إن شاء الله في تنوير الرأي العام وتذكير صناع القرار بشأن خطر هذه السياسة الفوضوية التي يعيشها هذا القطاع الحيوي للاقتصاد الوطني سبيلا إلي رفع التحديات الجاثمة أمام تقدم بلدنا وازدهاره ورفاه شعبه المسالم.
سيدي محمد ولد مجمد الشيخ
مهندس رئيسي في التقنيات البحرية
خبير في شؤون البحرية التجارية و الصيد