للإصلاح كلمة توضح كثرة الأجر في الإنفاق في رمضان (1) / محمد بن البار

كلمة الإصلاح دائما تقتصر في كتابتها أيام رمضان المبارك علي الإشادة أو توضيح أو إظهار المكانة العظيمة من الأجر التي أودعها الله في الإنفاق في سبيله علي الفقراء والمساكين ولاسيما إذا كان هذا الإنفاق واقعا في شهر رمضان المعظم ، وعليه فسوف اكتب حلقات في الموضوع نرجو من الله أجرها ، ومن هنا أبدأ بما جاء في الحديث الصحيح الذي يشيد بما كان يقوم به النبي صلي الله عليه وسلم من الإنفاق في شهر رمضان

 بالذات والذي كان يهيجه ويشرحه تدارس جبريل مع النبي صلي الله عليه وسلم للقرءان أيام رمضان ، فقد جاء في الحديث : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرءان فلرسول الله صلي الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة  ، ان هذا الجود الذي هو السجية ا لثابتة في سلوك النبي صلي الله عليه وسلم كان يكثر ويشتد حين يستمع النبي صلي الله عليه وسلم للقرءان من جبريل ، ومعروف أن النبي صلي الله عليه وسلم كان وقافا عندما يأمر به القرءان فذلك خلقه كما وصفه بذلك اقرب الناس إلي ملاحظة حياته اليومية وهي أمنا عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما عندما سئلت عن خلقه فأجملت الجواب في إحالة السائل إلي كل ما جاء في القرءان فهو كان يمتثله أمرا أمرا ونهيا ونهيا ، ولذلك علينا أن نتوجه الي القرءان لننظر أو نستمع الي ما جاء فيه من خصوصية فضل الإنفاق في سبيل الله علي الفقراء والمساكين وفعل الخير بصفة عامة كما قال تعالي : (( وما تفعلوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون )) لندرك بذلك مغزى خصوصية شدة جود النبي صلي الله عليه وسلم بعد سماعه للقرءان ، فعندما نعود للقرءان نري أن الله تبارك وتعالي خص فضيلة الإنفاق في سبيل الله بخصائص لم يخص بها أي فضيلة أخري حتى ولو كانت فريضة من أركان الإسلام ، ولذا سوف نبدأ من خاصية الحث علي القيام بهذا الإنفاق فهو الفضيلة الوحيدة التي جاء في القرءان ذكر العذاب في الآخرة لمن لم يقم بالحث علي هذا الإنفاق حتى ولو كان المعذب كافرا يقول تعالي : (( أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدعّ اليتيم ولا يحض علي طعام المسكين )) وفي آية أخري : (( كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحضون علي طعام المسكين )) ويقول تعالي : (( وويل للمشركين الذين لا يوتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون )) ، ومن خصائص ا لإنفاق أيضا أن من حضره الموت وعاين ما سيلقاه من التفريط في جنب الله تعالي يطلب الرجوع إلي الدنيا ولكن لشدة ما نظر إليه ينتظره من العذاب علي عدم الإنفاق والتصدق علي مستحق الصدقة يقتصر طلبه في الرجوع إلي الدنيا لكي يتصدق وليكون بتلك الصدقة من الصالحين يقول تعالي : (( وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن ياتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلي أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين )) ومن خصائص الإنفاق أيضا أنه هو الفضيلة الوحيدة التي أشاد القرءان بعلانيتها وسريتها فعندما ذكر أن علانيتها يستحق صاحبها أعلي كلمة مدح تقولها العرب لفاعل ما يحمد عليه وهي "نِعم" ، ذكر أن فاعل سرية الإنفاق خير من المستحق في المدح بكلمة "نعم" يقول تعالي : (( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتوتوها الفقراء فهو خير لكم ونكفر عنكم سيئاتكم والله بما تعملون خبير )) وهذا المعني وهو الإنفاق في السر والعلانية هو الذي تكررت عباراته في القرءان مثل تكرر طلب التسبيح بالعشي والإبكار ، يقول تعالي : (( والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة اولئك لهم عقبي الدار )) وفي آية اخري : (( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) وذكر هذه الخاصية المتعلقة بالإنفاق وهي سريته مع الإشادة بعلانيته كما تقدم فإن فاعل سرية الإنفاق هو الذي جاء معدودا مع الجالسين في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله في قوله صلي الله عليه وسلم : سبعة يظلهم الله بعرشه يوم لا ظل الا ظله وعد من بينهم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله ، ومن هنا أختم هذه الحلقة الأولي من الحض علي الإنفاق بهذه الكلمات المتتابعة هكذا من قول الله تعالي : (( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلون )) صدق الله العظيم

25. مايو 2018 - 13:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا