جميل هو تناغم حروف كلام الله في جو الخشوع والركوع والسجود عبادة له وتدبرا؛سيما والإمام يتلوا من سورة "إبراهيم "عليه السلام وهي من السور المكية فصل بينها مع المكيات بمدنية؛وهي تهدف لمايهدف إليه القرآن المكي من ترسيخ العقيدة وأصول الدين؛ووحدة رسالة
رسل الله عليهم السلام وهدفهم ووحدتهم في تبيان الحق ودحض الخرافات ؛لتبين سورة إبراهيم نعم الله الجليلة علي البشرية؛ مهتمة بالظلم وخطورته وسوء عاقبته ؛ملفتة لأمر جميل هو أن الضعاف غالبا هم الأكثرية وهم التابعون؛والطغاة قلة وهم المتبوعون "لقد تبرأ الذين اتبعوا من الذين .."
وتسرد السورة هدفها وموضوعها الرئيسي في تسلسل تاريخي عن رسل الله وأحاديثهم وحججهم مع أقوامهم ؛لتكون نبراسا للمهتدين بها والحذو حذوها؛صبرا وإيمانا وتعلما واستفادة ..
إن هذه السورة مرتبطة بالتي قبلها ومفصلة بعض ماورد فيها وتلك ميزة من بين ميزات للبلاغة والإعجاز في القرآن ؛فقد ختمت الرعد ب "ومن عنده علم الكتاب " فافتتحت ابراهيم ب"الر كتاب أنزلناه إليك " والأمثال المسرودة بهما؛وافتتاحمها بنفس الحروف وكذا حروف الخاتمة؛ووصفهما للكتاب نفسه ؛ بيد أن السورة تفصل في حالة "المدعوين " مرشدة لسلوك الناس مع من يتعاملون معه خاصا أو عاما؛
وتبين السورة سوء عاقبة طاعة الشيطان "وقال الشيطان لما قضي ..." والمطالبة بالتدبر في الأمثال والحوادث "ألم تر كيف ضرب الله .." ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله ..."
وإن دعاء إبراهيم ليؤسس لقيم غاية في الأهمية للفرد والمجتمعات "التوحيد " الأمن " صلاح الولد " طلب الذرية " شكر النعم " جانب الآخرة "
وإذقال إبراهيم رب اجعل هذا البلد..."
ثم تكون الخاتمة موبخة للظالمين مخوفة لهم ؛مبينة الجو العام للحساب والعرض ؛ليكون البلاغ والنذير لقوم يعقلون ...
سورة الحجر :
في نفس الفترة العصيبة التي نزلت فيها سور القرآن السابقة نزلت سورة الحجر وتسمت به وهو "حجر ثمود" لوروده فيها وحدها بالقرآن الكريم؛ وفتتحت بافتتاحية سابقتها ويلحظ تكرار قصة ابراهيم بها نفس ماكان ب "إبراهيم " من ذكره ؛ وشملت بالحديث عنه "لوطا" أصحاب الأيكة " أصحاب الحجر " كانت بدايتها مظهرة لإعجاز القرآن ؛تبين حجج الظالمين مع أهل الحق وتهمهم "وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون " ثم خلق الإنسان وخلق الجان؛وحسد إبليس من غير سابق فعلة ؛ثم جاء الفرح والمغفرة "نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم " ثم كان ذكر العذاب بعد ذلك ؛لتكون قصة ضيف إبراهيم وهنا نقف مع (ضيف )ودلالتها "الانفتاح " الكرم " التواصل " تلاقي الضيف مع المضيف " والبشارة من الله لامكان لها ولازمان ولانوع لحاملها؛ثم ذكر "لوط" وعنايته بضيوفه وسوء جماعته وخساسة تفكيرهم ...
"وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين " وفي خبر أصحاب الحجر تشجيع على الصناعة والقوة وتعميلهما في الخير عكس فعلتهم هم استعملوها في الشر"وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا "
وتنبه السورة لعدم التطلع لما في أيدي الناس "ولا تمدن عينيك " واللين في تعامل الأهل والأقارب وباقي أهل التوحيد معاملة خاصة "واخفض جناحك للمؤمنين "
"فاصدع بما تؤمر " تختم السورة بتثبيت النبي صلى الله عليه وسلم في تلك المحنة العصيبة بمكة والتي سيعقبها فجر ساطع ونهار شمسه تقطر عدلا ورحمة وتمكينا في الأرض "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون " خطورة القول يتأثر منها الرسل فكيف بالبشر العادي ؟ إن المجالس والإعلام و وسائل التواصل إذا استخدمت للتقول فإنها تثقل على كثير من خلق الله وتقتله وتفضحه فالحذر الحذر ..
ونخلص من سماعنا الليلة أن السور تدعوا للتوحيد ومكارم الأخلاق تحذيرا من سوء العاقبة ؛تقص خبرا وعظات ونعم ظاهرها قصص وباطنها دروس وعبر فاز وربح من تبصرها وعمل بها والله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر ..
النحل :
وتواصل السور المكية رسالتها ودعوتها للتوحيد وكأنها مكملة ل "الحجر " فوربك لنسألنهم أجميعين " جاء افتتاح "النحل " أتي أمر الله فلا تستعجلوه ..." وكذا "واذكر ربك حتى يأتيك اليقين" أتي أمر الله " وسميت بالنحل لوروده في ذكر "العسل " الذي هو من منن الله على البشرية؛ تلكم المنن التي قسمتها السورة إلى ظاهرة وباطنة :
-الظاهرة :الحيوان ؛النبات ؛الماء ؛النجوم؛الشمس ؛القمر ؛
-الخفية : القوانين العامة لمكون الكون والتي لا ندركها ؛
وجاء من النعم "الوحي " الذي أنقذنا الله به من الشرك والخزي والتناحر ونار جهنم ....
تحذر السورة بنبرة باردة وبأسلوب عنيف خطورة استخدام هذه النعم في السوء والجحدان والنكران .
لتذكر الأمثال "القوة والضعف"ضرب الله مثلا عبدا" الحق والباطل "وضرب الله مثلا رجلين " ثم دلالة الطير في الجو "ألم يرو إلى الطير مسخرات " هذه الآيات الملهمة للهمم العالية والطموح القوي وشكر نعم الله؛حالها حال السكن "والله جعل لكم من بيوتكم " وجلود الأنعام ؛والظل "واللباس "والدروع الحربية "
ولم يغب العدل عن الوحي أبدا "إن الله يأمر بالعدل " تذكيرا بالعهود "وأوفوا بعهد الله ..." واحترام "الأيمان "ولا تتخذوا أيمانكم " ثم تحذر وتشنع الكذب "إنما يفترى الكذب "
"يوم تأتي كل نفس " مطالبة الاستقلالية والعبادة الصحيحة وتحمل المسؤولية ؛ والتخفيف دوما حاضر في الشرع "فمن اضطر غير باغ "
لتكون الخاتمة الصبر وانفراج الكربة وضياء للنصر ومعية من الله وكفى بالله وكيلا .