رغم تعدد مواقع التواصل وانتشارها إلا أن اهتمام الكثير من الناس غدا متركزا على الموقع الأكثر شهرة وانتشارا ألا وهو الفيسبوك دون غيره من مواقع التواصل الاجتماعي بحيث أصبح يشكل نقطة جذب للكثير من الناس على اختلاف مشاربهم و الشباب منهم بصفة خاصة، إلا أنه رغم ذلك تختلف المرامي والأهداف المتوخاة من وراء استخدامه كمعطى تكنولوجي أصبح يفرض نفسه و يقلص الفوارق والمسافات بين الناس
حتى جعل البعض يصفه أحيانا "بصلة الرحم الجديدة"– كل ذلك وأكثر جعلنا نتناول العلاقة القائمة بين الشباب والفيسبوك وطبيعة العلاقة العاطفية التي تربطهم به – صحيح أن الفيسبوك كغيره من المواقع له دور كبير في إيصال المعلومة بسرعة فائقة ونشرها بطريقة توزيعية عادلة إلا أنه رغم ذلك لا يمكن فصله عن أصله ومغذيه الفعلي الذي هو الأنترنت ذات الإستخدام المزدوج أو ذات الحدين كما يحلو للبعض وصفها إلا أن ما أريد قوله هنا هو أنه وبناء على تجربتي الشخصية ورحلتي الاستطلاعية عبر أعماق النت وما ترتب على ذلك من تفاعلات كان لنا حيالها انطباعات نستطيع من خلالها تقييم الأداء الشبابي على صفحات الفيسبوك على الأقل من وجهة نظر شخصية من خلال مساهماتهم على وتفاعلاتهم، فقد لاحظت وجود أربعة فئات من الشباب تستخدم الفيسبوك بطرق متغايرة ومتفاوتة الأهمية بالنظر إلى النتيجة الموضوعية والكونية المنتظرة منهم جراء استخدامهم للفيسبوك، فهنالك فئة من الشباب لا اهتمام لها بالشؤون العامة والقضايا الإنسانية العالقة بقدر ما تركز على نشر الصور التافهة والفيديوهات الساقطة والتي غالبا ما تكون لا تتلائم مع الذوق العام للمجتمع ويقول أحدهم مبررا ذلك أنا حر في ما أفعل متناسيا أن الحرية لها حدود وضوابط فلا معنى لحرية تتعدى على كرامة الآخرين، إضافة إلى التعليقات الساذجة وتسجيلات الإعجاب التي في غير محلها - هذا فضلا عن تصفية الحسابات مع الأشخاص، والسمة البارزة لهذه الفئة من شباب الفيسبوك أن يكون الواحد متقمصا لشخصية متخيلة وتحت اسم مستعار وصورة مستقاة من فلم غربي أو مسلسل رائج.
وفئة ثانية ينصب اهتمامها على الترويج لأيديولوجيات معينة وتكريس نعرات عرقية وجهوية لسنا بحاجة إليها، هذا إضافة إلى الشغف بالنقد السياسي والذي لا يستوفي في الغالب شروط النقد البناء من قبيل الموضوعية والمعرفة وعدم التجريح وتجنب الإساءة المتعمدة إلى الأشخاص بغض النظر عن منازلهم في المجتمع، فالكثير من شباب الفيسبوك للأسف ينصب اهتمامه على النقد السياسي انطلاقا من مواقعهم ضمن تيارات سياسية معينة وبالتالي يأتي النقد ذاتيا بحتا ولا يرتقي إلى مرتبة يمكن وصفه نقدا ناهيك عن العبارات القدحية المستخدمة والسخرية المبطنة، ومن سمات هذه الفئة أن تكون معروفة لدى الكثير من الناس أما الفئة الثالثة فإنها توفق بين الذوق الشخصي والذوق العام للمجتمع الإسلامي ولا تستسلم لعاصفة الولاءات القبلية ولا الإنتماءات الأيديولوجية والسياسية وتركز على التحليل الرصين والحصيف للأحداث الواقعية بعيدا عن الطوباوية والديماغوجية دون القفز والتنبؤ بما سيقع، وهذا لا يعني أن هذه الفئة تركز على جانب واحد وإنما تتناول كل جوانب التجربة الإنسانية بكل تجلياتها ذلك أن أعضاءها مواكبون للأحداث ومسايرون لتطلعات المواطنين وهمومهم، ولعل ما يميز هذه الجماعة كونها تعتبرالفيسبوك منبرا للفكر من خلاله نضع آرائنا على المحك أمام الجمهور دون تعصب.
أما الفئة الرابعة من شباب الفيسبوك فإنها من الشخصيات البسيطة والتى تكون أحيانا لا آراء متفردة لها وبالتالي قليلة المساهمة على صفحات الفيسبوك وتقتصر على التفرج على المنشورات تنتظر ما سيقدمه الآخرون لتسجل إعجابها به دون قراءته وفهم فحواه في الغالب وبالتالي يكون شغل هذه الفئة الشاغل هو العكوف على الشات ليس إلا.
هذه وجهة نظري في شباب الفيسبوك وهي بالطبع وجهة نظر قابلة للنقد بحكم أنها تحتمل الخطأ والصواب .