الصحفية ..والوزير...مهنية الأولى..وهيمنة الأخير / أحمد أبو المعالي

altلم تكن الأيام المنصرمة صحية بالنسبة لوزارة الصحة المصابة بوعكة سببها رفض الجسم الصحي للوافدة الجديةالتي لم تتقبلها "الكريات الحمراء"..ولم يتمكن الأطباء وفي طليعتهم الدكتور الوزير من السيطرة على الاحتكاك بين الوزير والأطباء في ضوء تشغيل جهاز الرنين المغناطيسي..

بعد أن وصلت الأزمة إلى الواجهة الإعلامية وكثر فيها الرد والجذب والشد والقيل والقال وكثرة السؤال...وتناثرخرز الأطباء من سلك الوزيركسبحة بالية تعبث بها عجوز مرتعشة.ودفع المواطن ثمن ذلك في "صحته" وسلامته".ولكن مفاجأة من العيار الثقيل طبعت بصمتها على هذه الأزمة ولقنتنا دروسا مهمة حول مسار وجدية محاربة الفساد والسير في طريق الإصلاح الذي حملته حكومة الوزير الأول دثارا بعد أن اتخذه الرئيس شعارا...وتتمثل تلك المفاجأة الصاخبة في حيثيات حوار الوزير مع الإذاعة والذي أدارته صحفية كانت مهنية بامتياز ومن مجريات تلك الحادثة يمكن تحبيرالملاحظات التالية:

-طلبت إدارة الإذاعة من الصحفية زيارة وزير الصحة في مكتبه أثناء التحضير للبرنامج ..وعلى خلاف ما كانت تتوقع لم يكن من هدف لتلك المقابلة سوى تحجيم دورها واختصاره في "مشتهى" الوزير الذي كان يريد تحديد الأسئلة"وجها لوجه" قبل بدء البرنامج وبالتالي تمرير الأجوبة المناسبة ..ويوحي هذا التصرف غير المهني بأن سعي الحكومة الحالية لطي صفحة التلاعب بالمواطنين عبرالإعلام ليست إلا "كذبة إبريل" .و لو لم يكن الوزير على دراية بكون الأمور ستمر بسلام لما كان يجرؤ على هذا التصرف المثير .. ولو آمن إيمان العجائز بأن جدية الرئيس في الإصلاح حقيقة لا مزايدة لما سولت له نفسه أن يركن لهذا الأسلوب البدائي في التعامل مع الإعلام.وهو"يعمل بتنسيق محكم مع فخامته"حسب ماورد في بيان الوزارة الأخير...وللمؤمنين برفع شعار الفساد أن يحرجونا بوطنية هذا السلوك ..هذا قبل المنازلة ..أما أثناءها:

- لم يكن الوزير على مايرام أثناء الحلقة حيث فقد ودع توازنه واعتبر الأمر مجرد محاكمة له أو "إهانة"متجاهلا أن الهدف من البرنامج ليس فاصلا دعائيا ل"معاليه" وإنما هو كشف لسياسيات الحكومة وإنارة للرأي العام تجاه الإشكاليات الموجودة في القطاع ..وحيث أن أغلب المداخلات لم تكن تثني على" صحة "كلام الوزير هدد بالانسحاب ..ولو كان واثقا من أجوبته ومن سياساته لما اضطرته الظروف لهذا الموقف ..والمفارقة أن يأتي تصرف الوزير هذا بعد أيام من دعوة الرئيس لوسائل الإعلام الرسمية لتجاوز فكرة التطبيل له و للحكومة ..ولكن الوزير وهو الخبير بحقائق الأمور السياسية الحالية يدرك أن ذلك لايعدو أن يكون نوعا من "الاستهلاك المحلي" بآية أن وسائل الإعلام الرسمية لم تغير من نهجها في تناول أنشطة الرئيس والإعراض عن هموم ومشاكل المواطن..وكانت صاعقة "الفساد" الكبرى بالمرصاد للبرنامج فتم شطبه من دورة الإعادة وربما كان للوزير الأول دخل في الموضوع حسب بعض التسريبات ..ولو كان الرئيس جادا في الإصلاح لصحح تدخل الوزير الأول وتدخل لصالح الإصلاح..وبما أن الإخير لم يكن هدفا مهما لم يكن التدخل واردا ...ولم تشفع الضجة الإعلامية التي حصلت لتلافي الموضوع ..فسلام على الإصلاح ..وسلام على محاربة الفساد...وسلام على الوطنية ..أما بعدها:

من حق كل الإعلاميين في موريتانيا وخاصة في وسائل الإعلام الرسمية أن يخلعوا القبعة احتراما للإعلامية المتميزة فاطمة منت محمد فال والتي شكل أسلوبها المهني الشريف انتصارا لصاجبة الجلالة وأبان عن مهنية عالية تأبى الرضوخ ..ولله درها حين حاجها الوزير بأنها تريد محاكمته فلم تتراجع عن دورها بل وأكثر من ذلك صرحت بأن البرنامج سيتواصل ولو انسحب الوزير ...ربما لأول مرة في تاريخ الصحافة الرسمية يجد المسؤوولون السامون أنفسهم أمام "مهنية"مشرفة تتعالى على والابتزازوالتهديد .وتعلن استجابتها –حسب تصريحاتها- لنداء الإصلاح الذي أعلنه الرئيس .فهي ليست صوتا معارضا نشازا وإنما تلتزم خط الرئيس ..ولعل ذلك ما عكر صفو الوزير ..فالمفاجأة كانت من العيار الثقيل

بيد أن ذلك قد يعرض هذه الصحفية لعقاب ظاهرأو مبطن مثل إزاحتها عن البرنامج أو عن الواجهة بشكل عام ..أو تدبير أمر ما لها في الخفاء يبرر التعامل معها بطريقة خاصة ...فلا مكان لمثل هذه الجرءة المهنية في ظل "الفساد" المحارب للفساد
وهنا على الجهات الإعلامية والنقابية المعنية تحية هذه الإعلامية ومتابعة قضيتها حتى لاتكون كبش فداء "الإصلاح" ..وحتى لاتكون هذه الخطوة المشرفة نهاية الحفلة 
تحياتي وتقديري للإعلامية المتميزة

9. أبريل 2010 - 23:50

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا