يلحظ المطلع على سير رقابة الامتحانات الوطنية منذ سنوات حالة هجران وتهرب قاعدة عريضة من الأساتذة عن المشاركة في الرقابة ، مما ينظر ببداية فقدان امتحانات المرحلة الثانوية مصداقيتها ، ويفرض على الفاعلين في مجال التعليم الثانوي النظر بجدية في هذه الظاهرة وأسبابها وكنه تهرب الأساتذة عن الرقابة والدفع بها لآخرين من خارج قطاع التعليم الثانوي أحيانا ، أو من غير الأساتذة الرسميين المعتمدين ؟
لعل السبب الأول : لتفشي ظاهرة انسحاب الأساتذة عن الرقابة والتنازل عنها لآخرين بالدرجة الأولى تتحمله وزارة التهذيب الوصية ، فلا معايير للرقابة معتمدة ، ولا حتى نظام للرقابة متبع ، ولا أيه سياسة متبعة في مجال الرقابة منتهجة ، الأمر الذي يعكس بجلاء أن حالة الفوضى التي تجري على مستوى المراقبين بالامتحانات تتحملها وزارة التهذيب أولا وأخيرا ، ولكي تتلافى ذلك يطلب منها إحداث علاوة للرقابة معتبرة تصرف خلال 9 أشهر لا تقل عن 5000اوقية جديدة ، وأخرى للتصحيح تناهز 10000الاف أوقية جديدة .
السبب الثاني: لظاهرة هجرة الأساتذة الرسميين رقابة الباكلوريا تعود لغياب مكافأة الجهد ، فلا تقدير لمن يبذل جهودا معتبرة في الرقابة من طرف الوزارة مما أفرغها من مدلولها فلا عمل يمارس لذاته ، ومن غير المنطقي أن يمارس الأستاذ الرقابة بدون أي تقدير ، فلا جائزة ترصد ولا تقدير جهود يذكر ، بل إن وزير التهذيب يبخل على الأساتذة رسالة شكر بعد نهاية الباكلوريا شاكرا لهم على جهودهم ، بل إنه في خرجته الإعلامية في يوم الباكلوريا يضنو على الأساتذة تثمينا لجهودهم في الرقابة مما اغتال الحماس والاهتمام الذي يسكن الأساتذة وهم يراقبون ، وغدت العملية مفروغة من مدلولاتها ، مفروغة من أهميتها نتيحة سياسة وزارة التهذيب التي لا تقدر أصحاب بذل الجهود .
السبب الثالث : عدم احترام الوزارة لمعايير الترقية أو الثواب والعقاب ، فالجميع متساوون الغث والسمين ، من بذل جهدا ومن لم يبذل جهودا ، الجميع متساوون ،من قام بجهد أو لم يقم بجهد ، وبذلك ماتت معنويات الآلاف من المدرسين بسبب المحسوبية والزبونية المتفشية في دهاليز وزارة التهذيب .
السبب الرابع : الفوضى الخلاقة التي أحدثتها الوزارة في التعليم الثانوي فكل من هب ودب أصبح يدرس في التعليم الثانوي ، فلك أن تعلم ان هنالك من لم يتحصل على الباكلوريا ومع ذلك يدرس في المرحلة الثانوية ، لقد استبيحت كرامة التعليم الثانوي ، وتحول حرمه مرتعا للفوضى العارمة ، ومما زاد الطين بلة اختيار العقدويين ليس على أساس معايير جلية بل القوام لاختيارهم المحسوبية والقبلية والقرابة بدون أدنى اعتبار لأي معايير شفافة .
ختاما على وزير التهذيب الوطني إذا ما كان جادا في وضع حد لهجرة الأساتذة لرقابة الامتحانات الوطنية ، عليه أن يتخذ خطوات جادة في سبيل تطهير التعليم الثانوي من الدنس الذي لحق به ويلحق نتيجة سياسات عرجاء تنتهج قوامها إعادة الاعتبار للتعليم الثانوي وتنظيمه بصورة جلية لا لبس فيها ، واستحداث علاوات للرقابة وأخرى للتصحيح خاصة بالتعليم الثانوي ، مع وضع معايير للأساتذة المراقبين والمكلفين بالتصحيح ، كما هو متبع في دول الحوار النموذج للمغربي مثالا ، بدون ذلك لا معنى لأي توجه من الوزارة يرمي لضبط الرقابة في الامتحانات الوطنية . والسلام على من اتبع الهدى.