هل يقود ترامب العالم الى الهلاك؟!! / المرابط ولد محمد لخديم

كننت قد كتبت مقالا حول هذه الأحداث الأخيرة بعنوان أسرار قرار ترامب العقدية!! 
http://aqlame.com/article36483.html
  حاولت فيه أن أشخص الواقع الخطير الذي نعيشه محذرا بالأدلة القاطعة على ألسنة الدلائل وألسنة الخلائق ما تتعرض له هذه الأمة المغلوبة على أمرها من هجمات لن تكون القدس آخرها.. ولكون الرجل أعد كثيرا لهذه المعركة هو وفريقه.. بعد أن فشل في هذا سلفه...

  ولا يمكننا حسب رأي فهم القضية إلا اذا رجعنا الى التاريخ بصفته سلسلة من الأحداث يفسر بعضها بعضا:
   بعد أحداث 11من سمبتمبر قاد المحافظون الجدد حربا على الاسلام وقد أخفقوا في أفغانستان في ما يعرف بالضربات الاستباقية في تورا بورا وإرهاب فضائح التعذيب في غوانتناموا..
        أما الإخفاق الثاني فهو ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي كشف زيف فلسفة المحافظون الجدد الذين بشروا العالم بالديمقراطية والعالم الحر, ولم يشاهد هذا العالم إلا الدمار, والخراب, طيلة حكمهم, وحتى بعد رحيلهم .وما يزال العالم يعيش تداعياته
وهذا ما شاهدناه في العراق، وأفغانستان، وفلسطين، والصومال،. وسوريا.. وليبيا. الخ
    في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يسوق لنا تحت شعار التحديث والإصلاح، الديمقراطي والإجتماعي والتربوي واللغوي، لننخرط فيه/ طوعا متنازلين عن كل قيمنا وتراثنا وهويتنا وانتمائنا؛ نستبدل بها قيم الكاوبوي والكوكاكولا والشذوذ، أو كرها طبقا لنظريات هنتغون وفوكا ياما في صدام الحضارات ونهاية التاريخ، تحت وطأة الضربات الاستباقية بالمطرقة الثقيلة، كما في تورابورا والفلوجة، وإرهاب فضائح التعذيب في غوانتناموا وأبي غريب...
    يعتبر ريغن هو أول رئيس ينتمي لهذه الحركة عندما استلم مفاتيح النووي تساءل ان كان من الجيل الذي سيشهد المعركة الفاصلة المسماة ب : هرمجدون، ومن بعده الرئيس بوش الإبن (بوش دبليو) عندما يستخدم كلمات مثل الحرب المقدسـة أو الحملـة الصليبية لوصفه ردة الفعل على هجمات 11 سبتمبر 2001مم
   ان أهم بحث اطلعت عليه في هذا المجال هو بحث للدكتور محمد السماك آمين عام لجنة الحوار الإسلامي المسيحي(1) يحاول فيه الاجابة. على سؤالين وهما :أولا: لماذا توقيت القرار بتاريخ 6 ديسمبر 2017م رغم أن ترامب مر على رآسته أشهرا؟ ثانيا: ما علاقة القرار بالتنبؤات التوراتية وعلاقة هذا كله بالمسيحية الصهيونية؟
     في اليوم السادس من شهر ديسمبر من عام 1917 احتلت القوات البريطانية بقيادة الجنرال ادموند اللنبي مدينة القدس من القوات العثمانية. يومها ردد اللنبي عبارته المشهورة « الآن انتهت الحروب الصليبية..».
بعد مرور مائة عام تماماً، في السادس من شهر ديسمبر 2017، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.. لم يكن التوقيت صدفة
ليقول: بدأت الحروب الصليبية..
   في هذا المقال سنركز على السؤال الثاني لأن السؤال الأول تقدم الجواب عليه وأصبحنا نعيش أحداثه واقعا كان آخرها  نقل السفارة الأمريكية الى القدس والإعلان من طرف  واحد القدس عاصمة لإسرائيل..
أما عن السؤال الثاني وهو علاقة القرار بالتنبؤات التوراتية وعلاقة هذا كله بالمسيحية الصهيونية؟
   فهذا ماسنعرض له بحول الله  يقول السماك: أن هذه الأسباب منسوبة الى العهد القديم
   من كتب التوراة وتدّعي أن الله منح هذه الأرض (فلسطين) لليهود.
من ذالك أن دافيد بن غوريون رئيس أول حكومة إسرائيلية يردد دائما:       
   لا إسرائيل من دون القدس. ولا قدس من دون الهيكل (هيكل سليمان) ». وهذا يعني انه بعد ضمّ القدس المحتلة إلى بقية الأرض الفلسطينية المحتلة التي تقوم عليها إسرائيل، فإن الخطوة التالية هي تهديم المسجد الأقصى لإقامة الهيكل. وهو هدف لا ينكره الإسرائيليون
موضحا أنه الفت كتابا في هذا الموضوع بعنوان : :القدس قبل فوات الأوان. نشر سنة 2002م..
    ويستطرد قائلا: توجد في الولايات المتحدة حركة صهيونية– مسيحانية تؤمن بالعودة الثانية للمسيح. وبأن لهذه العودة شروطاً أهمها بناء الهيكل اليهودي الذي سوف يعلن المسيح عودته منه، كما فعل في المرة الأولى...
وكذلك تؤمن هذه الحركة بوجوب تهديم المسجد الأقصى لبناء الهيكل على أنقاضه 
وهي حركة تضم أكثر من سبعين مليون أميركي وتتمتع بنفوذ سياسي كبير. وكان من أقطابها الرئيسان السابقان رونالد ريغان وجورج بوش الابن. وتقع هذه الحركة في أساس القوى الناخبة للرئيس ترامب والمؤيدة له...
  تلتقي الصهيونية اليهودية، والصهيونية المسيحانية على الإيمان بنبوءات وردت في سفر حزقيال، تقول انه يسبق عودة المسيح (وبالنسبة لليهود يسبق الظهور الأول للمسيح
  صراع دام مع الكفرة أي : (المسلمين والمسيحيين الذين لا يؤمنون بهذه النظريات كالكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الارثوذكسية والعديد من الكنائس الانجيلية أيضاً،).
وان هذا الصراع يصل في ذروته إلى ما يسمى « هرمجيدون ». وذلك نسبة إلى سهل « مجيدو » الذي يقع بين القدس وعسقلان حيث تدور رحى المعارك. وانه بنتيجة هذا الصراع سوف يفنى الكفرة جميعاً، ثم يهبط المسيح إلى الأرض ليحكم العالم ألف سنة، يسمونها « الألفية »، ويزيح كل الحواجز التي وضعتها الأمم بينها، وسيـضم مملكـة االله، وستكون مملكة االله قائمة على السلام والتقوى، وبعدها تقوم القيامة... شاهد الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=mkkdMsphO8k
وكأن الله يطلب من عباده ذبح الآخرين لكسب رضائه، فالاستيلاء على القدس وهدم الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وإقامـة مكانـه الهيكل المزعوم، هو قمة العبادة ورجاء الخلاص عندهم..
والذي يستقرأ الساحة اليوم يلاحظ أن الرجل يسير في هذا الاتجاه..
   في كتابه  «نار وغضب»  يستوحي الصحفي المخضرم مايكل وولف عنوان الكتاب من العهد القديم(2)  خصوصا الإصحاح 66 من سفر أشعيا- في إشارة منه إلى خلفية ترمب الأصولية المسيحية المتصهينة..
    وأترامب إنما يعتقد إن عمله هذا تتم لتنبؤات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وتشكل المقدمة لمجيء المسيح الثاني إلى الأرض كملكٍ منتصر.حسب اعتقاد هذه الحركة..
   ولقد نجح الرجل هو وفريقه  بعدما توفرت لهم العوامل لضرب العرب والمسلمين في تقسيم المقسم وتجزئ المجزء بين الاخوة الأشقاء في دول الخليج بل انه نظر وشارك في حرب على اليمن أكلت الأخضر واليابس وأصبحت دول الخليج المسالمة في سباق تسلح مسعور يذهب ريعه الى الخزينة الأمريكية...
  وإذا كانت أمريكا لم تفصح للعالم عن هدفها من وراء هذه الحروب, فان الثوب الذي ألبسته لتلك الحروب باسم الحرية والديمقراطية بات معروفا لغير العميان يقول الشاعر
ثوب الرياء يشف عما تحته @@ فاذا التحفت به فانك عاري
فهل يفيق العالم ويلجم الرجل عند حده أم أنه سيتركه يمضي لتنفيذ معتقده الخاطئ؟  

الهوامش:
1 ـ محاضرة مسجلة للدكتور محمد السماك آمين عام لجنة الحوار الإسلامي المسيحي (بتصرف )
ـ كتاب غضب ونار, مايكل وولف ترجمة الجزيرة نت (بتصرف)    
 

21. يونيو 2018 - 17:24

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا