تعيش العاصمة نواكشوط, ومن خلفها موريتانيا برمتها, عرسا دبلوماسيا كبيرا جاء ثمرة لنجاح نظام رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز في تسجيل نقاط متتالية على المسرح الإقليمي والقاري والدولي, حيث تمكن من عقد قمتين, عربية وإفريقية في ظرف وجيز, شكلت كل منهما نصرا مؤزرا على التحديات اللوجستية والزمنية.
فرغم قصر المدة التي منحتها جامعة الدول العربية لموريتانيا من أجل عقد قمة عربية, كسب الرئيس محمد ولد عبد العزيز الرهان وجمع العرب تحت خيمة موريتانية أصيلة تم تشييدها وتجهيزها بالمعدات واللوازم العصرية بين عشية وضحاها.
ولم يكد يمضي الحول على عقد القمة العربية حتى قرر الأفارقة عقد قمتهم في نواكشوط دون سابق إبلاغ, فبادر الرئيس مجددا إلى قبول التحدي, فقرر وشيد وجهز قصرا جديدا للمؤتمرات بمعايير العصر, وفي ظرف زمني أسرع من تشييد وتجهيز الخيمة العربية.
قضي الأمر وأصبح حلم القصر الجديد واقعا معاشا, وحقيقة بادية للعيان, فأصاب المشككين بالذهول, وأوقع المعارضين تحت هول الصدمة, ونال إعجاب الزوار والمؤتمرين.
لقد شهدت الدبلوماسية الموريتانية خلال العشرية الأخيرة قفزة نوعية لم تتح لغيرها في محيطها الإفريقي والعربي, فترأست الجامعة العربية والاتحاد الافريقي, وجلبت قادتهما إلى نواكشوط في قمتيهما, وقادت وساطات ناجحة لحل صراعات لم تكن لتبقي ولا تذر لو وقعت, ومنها على سبيل المثال لا الحصر وساطة البطولة التي قادها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز في الشمال المالي وسط فوهات المدافع والدبابات, ووساطته في الأزمة الغامبية التي نشبت عقب الانتخابات الرئاسية بعد أن وضعت الأطراف المحلية والإقليمية أصابعها على الزناد, فتم حقن الدماء وتجنب الدمار ومنع التشريد.
وفضلا عن كل تلك النجاحات المتتالية وغير المسبوقة, فقد قام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بهندسة تجمع دول الساحل, الذي يعتبر رأس الحربة في مكافحة الإرهاب بالمنطقة, والذي نال إعجاب وتزكية وتمويل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا, بالإضافة إلى أنظمة عربية وخليجية وازنة.
إن المقاربة الأمنية التي وضعتها موريتانيا منذ وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز سدة الحكم جعلت العالم يضع ألف حساب وحساب للجيش الموريتاني الذي قهر الجماعات الإرهابية, وبسط سيطرته الكاملة على الحدود رغم تماسها الطويل مع مناطق التوتر في المنطقة, وهو ما جعل البلد قبلة للسياح وللمؤتمرات العربية والإفريقية, وللاجتماعات القارية والدولية التي تنظمها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين بشكل منتظم في العاصمة نواكشوط وبعض مدن الداخل, وتعتبر القمة الافريقية الحالية آخر تجليات ذلك الأمان وتلك الثقة اللا متناهية في نجاح دبلوماسية موريتانيا الجديدة.