موريتانيا و الفتوحات الدبلوماسية الجديدة / محمد محفوظ متالي

يرى بعض المتخصّصين أن الدبلوماسية أداة رئيسية هامّة تستخدمها الدول لتحقيق أهداف سياسة خارجية و التأثير  على الدول والجماعات الخارجية بهدف استمالتها وكسب تأييدها بما يخدم المصلحة الوطنية الداخلية
ومنهم من عرّفها بعلم وفن المفاوضات فهي علم لكونها تستند على قواعد وقوانين وأصول وهي فن لأنها مهنة دقيقة تحتاج

 إلى مهارات خاصة ويرى آخرون أنها رعاية المصالح الوطنية في السلم والحرب، وممارسة القانون الدولي العام و مع أن هذا ليس هو مجال تخصّصي و لا يأخذ عادة حيّزا كبيرا من مطالعاتي الحرّة إلا أن لديّ منه الجذع المعلوم من المعارف و متابعة لجديده و شبه إلمام بقديمه الوطني يجعلني أكتب وجهة نظري حول ما يمكنني وصفه ب"الفتوحات الدبلوماسية الجديدة"  لهذا البلد منذ العشرية الأخيرة  أي عهد هذا النظام..
لقد كان أقصى طموح الدبلوماسية الموريتانية هو المحافظة على العلاقات مع دول الجوار خاصة الجزائر في مقابل علاقات موّازية بين المغرب و السينغال و صف الملك الحسن الثاني السينغال خلال أحداث1989م بالدولة الشقيقة و موريتانيا بالدولة المجاورة فقط و ظلّت الدبلوماسية تسكن الحدود لا تكاد تبرحه بتأثير و لا اهتمام و لا بجهد يذكر تتحسّن تارة مع السينغال و تبرد أحيانا مع المغرب في ظل عدم اكتراث من قبل الحليف الجزائري رغم أنها له من الأهمية بمكان فإلى الآن لا يوجد معبر برّي معبّد بين البلدين و العقبة الحقيقية في ذلك تتعلق بالنظام الجزائري رغم أهمية طريق معبّدة بين البلدين و المستفيد الأوّل منها اقتصاديا هو الجزائر و المضايَق الأول منها هو المغرب...
و رغم عدم توجه النظام الحالي للإستثمار في العلاقات الخارجية مبكّرا إلا أنه خلال المأمورية الثانية تضاعفت جهوده و تكثّفت في ذلك فمن رئاسة الاتحادي الإفريقي إلى رئاسة الجامعة العربية إلى تنظيم قمّتيْهما في  نواكشوط ..كانت الأخيرة الإفريقية بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أيام...
في الجانب العربي تعزّزت العلاقات  مع الدول العربية خاصة دوّل الوزن الاقتصادي و السياسي  و الحضاري مثل الدول الخليجية و مصر.....
يمكن القول إن الفتح الدبلوماسي الموريتاني على مستوى الدول العربية بدأ بتنظيم القمة العربية في نواكشوط  و بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة و الاتحاد الإفريقي و الأمين العام لجامعة الدول العربية، و كان الفتح الثاني بقطع العلاقات مع قطر حيث أصبحت السياسة الخارجية الموريتانية تتناغم مع الحلف العربي الوازن و عزّز قطع العلاقات مع قطر ذلك و لئن كانت لموريتانيا مصالح مع قطر  إلا أنها ليست بالمستوى الذي يجعل موريتانيا تقف إلى جانبها ضد الجانب الآخر و موقف الحياد لا يخدم  المصلحة الموريتانية لعدم التكافئ بين الاثنين فلا شك أن قطع العلاقات مع قطر سيعزّز العلاقات مع السعودية و الإمارات و مصر مقابل علاقات مع قطر ظلّت ضعيفة باهتة منذ قيامها و بحجم قطر أيضا،و هكذا شهدت العلاقات الموريتانية العربية فتْحين جديدين تجاوزا حدود دول الجوار و ربما أزعجهم و أصبحوا يعبّرون عنه بطريقة هنا أوهناك  ....
كما كان إنشاء حلف الساحل و الصحراء بوزنه القارّي و السياسي و العسكري فتحا دبلوماسيا جديدا لموريتانيا على مستوى القارّة الإفريقية و أصبخ برعاية فرنسية و دعم على ما يبدو أنه متصاعد في قادم الأيام بل و أصبحت فرنسا تعوّل عليه وحده في شبه المنطقة..
هذا الدور الريادي الآخذ بزمام المبادرة أصبح مزعجا لبعض دول الجوار حتى الجزائر الحليف الأقدم و هنالك حديث عن طلب السينغال للانضمام إلى هذا الحلف الخماسي زائد فرنسا و رفض موريتانيا لهذا الطلب ...
هذا الدور الدبلوماسي المتصاعد و المتجاوز للقارّة سيعزّزه لاشك استقطاب و تعيين شخصية دبلوماسية أممية مميّزة على هرم الدبلوماسية الموريتانية هي السيد/ إسماعيل ولد الشيخ أحمد و زير الشؤون الخارجية و التعاون الحالي
هذا في ظل علاقات قوية مع دول الوزن العربي و علاقات آخذة في التقوّي مع فرنسا و مع الحلف القارّي الجديد حلف الساحل و الصحراء.

5. يوليو 2018 - 15:23

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا