للإصلاح كلمة تساهم في إنهاء التطرف الديني إذا عومل بنصوص الإسلام / محمدّ بن البار

كلمة الإصلاح كما هو بدهي  لكل أحد تري أن التطرف الديني كان من الواجب أن يطلق علي كل انحراف عن العمل بالنصوص الدينية بمعني الانحراف عن العمل بنصوص الكتاب والسنة فنصوص الكتاب والسنة هي الميزان بين الله وعباده سواء كانوا حاكمين أو محكومين يقول تعالي : ((كل نفس بما كسبت رهينة)) ويقول تعالي : ((وان كل لما جميع لدينا محضرون )) ،

 وكل المسلمين يعلمون أن الله تبارك وتعالي بعد خلقه لهذا الإنسان وتفصيله لمآله من السعادة والشقاوة أوضح أن هذا المآل سببه سلوك طريقين ، فمآل السعادة سببه سلوك حفظ الله للإنسان الذي اختاره لذلك ووفقه للعمل بكتابه : ((ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا )) ومن مظاهر الاصطفاء أن الله خاطب الشيطان قائلا له عن هذا الاصطفاء  : (( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )) ، أما المآل الآخر "الشقاوة" فسببه إتباع خطوات الشيطان الذي ترك الله بينه وبين بعض من عباده قائلا له " اجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم " .
هذه المعادلة الموجودة في الكتاب والسنة بهذا الطرح لا يمكن تغييرها أو الحد منها ، ومن المعلوم أن الإنسانية التي توجه إليها خطاب الإسلام في جميع أنحاء المعمورة تنقسم إلي بيئتين : بيئة لم يدخل فيها الإسلام إلا هجرة واعتنقته بسبب ذلك أقليه في تلك البيئة ، وبيئة انتشر فيها الإسلام تمددا من بداية انطلاقه من مكة المكرمة أو أقول امتدادا من الجزيرة العربية وبما أن الإٍسلام هو آخر رسالة وهو للجميع إلا أن طلب النصوص الإسلامية إيصال هذا الإسلام إلي غير بيئته التي انطلق منها تختلف درجات هذا الطلب في نوعها لأن من مبادئ الإسلام أن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فالبداية كان جهادا في بداية الدعوة ومحيطها لمعان خاصة معروفة لدي الجميع وأخيرا بعد دخول الناس فيه أفواجا أصبحت بالحكمة والموعظة الحسنة ، أما البيئة التي ابتدأ منها الإسلام وتمدد منها إلي القارات التي تجاورها فإن خطاب النصوص الإسلامية لأهلها هو دوام المحافظة علي هذا الدين فوقها والاستمرار عليه كما أنزله الله أمرا ونهيا .
ويتضح من هذا التحليل أعلاه أن الشيطان الذي التزم لربه بعد تيقنه أن رفضه لأوامر الله وهو يخاطبه مباشرة : ((يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالين )) فأجاب هذا اللعين مباشرة : (( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) ، وعندما أوضح الله له مصيره الأخروي وهو لعنته  هو ومن تبعه إلي يوم الدين لم يأل جهدا في إضلال هذه الإنسانية الذي التزم أمام ربه بأنه سيضلها جميعا إلا القليل جدا منها الذي أدخله الله في حصنه من غوايته ، وبسبب إظهار إرادة الله في هذا كله كما جاء في النصوص شبرا بشبر وباعا بباع فإن الشيطان ركز في تضليله علي البيئة التي انطلق منها الإسلام ليضل أهلها بأي وسيلة فالإضلال بوسيلة فعل ما حرم الله أو نهي عنه بسيط لأن زخرف الدنيا ومتاعها يساعد علي ذلك ولكن بعض الإنسانية ولاسيما من تربي وهو يستمع إلي النصوص القرءانية المحكمة ويسمع أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم الصادرة من فمه وأثبت المحدثون صحتها بما يزيل الشك فيها تماما ولم يجعل الله في قلبه الميول إلي متاع الدنيا الحرام ، فإن الشيطان علم من مخالطته لخلجات قلب الإنسان التي أذن الله له في أن يصل إلي مكان الوسوسة فيها ، أن هذا الشخص لا يمكن إتيانه ولا تضليله من جهة فعل المحرمات الظاهرة فيتحول بوسوسته إلي النصوص الدينية القرءانية والسنية فيبدأ أولا بما دون المتشابه لينفخ في ألفاظه بتناول المعاني اللغوية التي تارة تكون محتملة التأويل علي كل الاتجاهات ، وهنا يطمس الشيطان علي قلب هذا المسلم عن التفكير أن أي لغة ولاسيما اللغة العربية التي تشمل في معناها اللفظي أنواع الدلالات مع ظرفية الزمان والمكان والمقصد وتزيد هنا في ا لإسلام طبيعته المميزة التي أوضحتها نصوصه العامة : (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) ((فلعلك باخع نفس علي ءاثارهم إن لم يومنوا بهذا الحديث أسفا )) ، فمن لم يربطها بالزمان والمكان والمقصد يذهب به ذلك إلي ما لا يحمد عقباه ، ومن هنا يأخذ الشيطان بتلابيب هذا المسلم ويرميه في حظيرته لقصور فهم هذا المسلم للإسلام من نصوصه الظاهرة دون استعمال جميع دلالات اللفظ ليطبقها علي المقاصد العامة للإسلام ، وبعد ذلك يذهب الشيطان إلي المتشابه وهنا يصف القرءان نفسه زيغ هؤلاء : ((فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)) وهذه الفتنة المبتغاة من طرف الغلاة أو المتطرفين أو سمهم بما شئت يجد الشيطان كثيرا من المستجيبين لها تارة بسبب سلوك حكام المسلمين وتارة من عدم وجود أي توجيه من العلماء الخارج علمهم عن توجيه السلاطين إلي آخر ما نشاهد من الأسباب الشيطانية التي تصدر من السلطات الإسلامية فتتعاون في الدنيا مع العالم غير المسلم ، أما في الآخرة يقال لكل  : ((إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين )) .
هذا عن التطرف ا لذي تسميه الدول الآن جميعا بالإرهاب ، أما تطرف السلطات الحاكمة في الدول الإسلامية وهو أكبر وأعظم سبب في التطرف الإرهابي فإن هذه السطور الآتية تبين خطورته علي الإسلام وإظهار خروج الإرهاب من رحم تطرف السلطات في الدول الإسلامية ، فمن المعلوم أن الإسلام جاء ليبقي إلي آخر هذه الدنيا وهذا البقاء لم يجعله الإسلام فوضويا بمعني أنه فصل ماذا يكون عليه الحاكم وماذا تكون عليه الرعية إذا قام الحاكم بما أمر به في قيادة المسلمين الذين مكنه الله في السلطة عليهم ، فالمعروف من أوامر نصوص الإسلام وسلوك الخلفاء والأمراء في القرون المزكاة أن السلطة في الإسلام تكليف لا تشريف كما عبر عن ذلك عمر بن الخطاب الذي يتلجلج قلبه في صدره خوفا من أن يعذبه الله علي تعثر بغلة في اليمن لماذا لم يسو له الطريق ، والإسلام لم يعط مال الدولة للحاكم ليتصرف فيه كيف شاء ،(( وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يات بما غل يوم القيامة )) ((يأيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علي أنفسكم أو الوالدين والأقربين  ،،،،)) وروح القوامة هكذا مأمور به الرئيس والملك ومأمورين كذلك بإجبار كل من ولوه أمر المسلمين بالقيام به ، ونظرا لأن هذا مقالا وليس كتابا فإني أقتصر هنا لنقول إن المتطرفين من سلطات الدولة هم أخطر وأعظم مسؤولية في تطرفهم في الآخرة من الإرهابيين فهؤلاء الآخرين إرهابيون في الدنيا وأما أكثر سلطات الدول الإسلامية فهم إرهابيون في الدنيا وإرهابيون في الآخرة بمعني هم مفعول تخويف الله وإرهابه بالنصوص الإسلامية لأهل الآخرة وهم ما زالوا في الدنيا يقول تعالي : (( وتري المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد ،،،،،،،،،هذا بلاغ للناس ولينذروا به )) فالإسلام يبين لقادة المسلمين الطرق التي يتعاملون بها مع المنحرفين سواء كان انحرافا تمرديا أو عقائديا أو عصيان جوارح حتى ولو كان عصيان لم تكن الدولة طرفا فيه ولكن بين طوائف المسلمين : ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ،،،،الخ الاية،)) ، ويقول تعالي : (( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)) الخ الاية ، وأنواع الفساد هنا التي يحاربها الإسلام يعرفها العلماء لأن محاربة الله ورسوله الآن هي محاربة الدولة الإسلامية في جميع حياتها الإسلامية مثل قوله صلي الله عليه وسلم : "الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال : لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " فنصيحة الله ورسوله معروف أنها الإخلاص لكتاب الله وما جاء  في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم وما أمرت به ، ولكن ما هي الصورة الكاشفة في نظر الإسلام والمسلمين والمعمول بها الآن ؟ ألا وهي وضع حكام المسلمين أنفسهم وأرواح جيوشهم الإسلامية تحت تصرف أعداء الإسلام لقتل المتطرفين من المسلمين ، فأي غلو أو تطرف في الإسلام فوق هذا ؟ فالفرق بين هؤلاء الإرهابيين في الدنيا والإرهابيين في الآخرة أن إرهابيي الدنيا يسمون موتاهم شهداء نظرا لتفسيرهم الخاطئ للإسلام مع صحة وجود اعتقادهم في قلوبهم أن هذا في سبيل الله ، وأما إرهابيو الآخرة فيسمون موتاهم مع أعداء الله جنبا إلي جنب في ا لطائرة أو الدبابة أو المشاة شهداء مع عدم أي مرجعية ترد ذلك الموت إلي موت الاستشهاد في سبيل الله بل لا يفكرون إلا في الحماسة والتجهيز للموت إلي جنب أعداء الله لقتل غلاة المسلمين فوق أرض الإسلام .
إذن ما هي وجهة النظر الصحيحة بإذن الله تعالي في المعاملة مع هؤلاء المتطرفين الذين يسعون في الأرض فسادا ؟
أنا أظن أن هناك جوابا عاما وهو أن أي معاملة مع هؤلاء يجب أن تكون داخل الإسلام ليكون الجندي الميت من المسلمين حقا شهيدا فالله لم يأذن في قتال إلا وكان ميته شهيدا إذا التزمت الضوابط الإسلامية في ذلك وهي معروفة عند المسلمين .
أما الجواب الخاص فلا بد من إحضار العلماء العاملين وليسو علماء السلاطين الذين يفتون علي رغباتهم وهم كثر أعوذ بالله وهؤلاء العلماء العاملين يحددون في أجوبتهم المراحل التي تتخذها الدولة الإسلامية في التدرج لإرجاع هؤلاء إلي التوبة من قبل أن تقدر الدولة علي إخضاعهم بالقوة وقبل ذلك كله يجب أن يعرف ما سبب هذا التمرد فإن كان علي باطل الدولة وكان توجيه الحكام بالنصح والموعظة الحسنة متاحا لكل أحد فهذا التمرد يعد عصيانا غير شرعي إلي آخر ما يفهم من ذلك ، وإذا كانت قادة الأمة الإسلامية مصرين علي التعاون مع طغاة العالم ضد المسلمين فأظن أن للعلماء هنا جواب واضح للسلطات.
ونحن برجوعنا إلي ما يسمي الآن بالإرهاب فنعيد سببه إلي هذه الأنواع  :
1 – نوع بدأت به القاعدة ويتزعمه بن لادن وكان موجها لإسرائيل فقط وقتلها جهارا نهارا وظلما وعدوانا للفلسطينيين وكان من قدر الله أنهم ظنوا أن ضرب الاقتصاد الأمريكي يثني آمريكا عن معونتها لإسرائيل فكانت غزوة 11 سبتمبر كما سمتها القاعدة فعند ذاك انتفض ا لفهد الخبيث ووجه سهامه إلي الإسلام ككل دولا وثقافة إلي آخره ووجد الجبناء قادة المسلمين علي الخط ينتظرون أوامره في كل شيء يسيء إلي الإسلام ويمحيه من الخريطة
2 – جيش الجبهة الإسلامية في الجزائر حيث اختار ضباط الجزائر رفض سنوات حكم الجبهة الناجحة عن إعادة هدوء الجزائر ففعلوا الأفاعيل بشعبهم حتي تولد عن عملهم هذا إرهابيي المغرب الإسلامي كما سمتهم الدول
3 – الدولة الإسلامية التي انبثقت عن أكبر إهانة للإسلام والمسلمين أنتجها بوش في ذبحه لصدام حسين في دولته واحتلاله لها دون أن يتمتعر وجه أي قائد إسلامي لذلك
4 – احتلال أمريكا لأفغانستان من طالبان بعد 11 سبتمبر ، وما زالت تقتل قيادتهم وقيادة القاعدة ظلما وعدوانا دون أن يتكلم أي قائد مسلم بأن هذا هو الإرهاب بعينه
هذه الأسباب كلها في الدول الإسلامية وبدلا من أن تعالجها الدول مجتمعة أو كل واحدة تعالج ما فيها من الإرهاب علي ضوء الشريعة الإسلامية فقد قام القادة المسلمون بوضع أراضيهم تحت تصرف أعداء الإسلام لقتل أبناء المسلمين فوق أرضهم لتري جميع الشعوب الإسلامية إهانة قادة المسلمين لشعوبهم المسلمة وعليه فإن أكبر مساهمة في إنهاء هذا التطرف هو أن تطلب الدول الإسلامية من الدول الأخري رفع أيديها عن قتل أبناءها فوق أرض المسلمين مقابل ضمان أن أي دولة غير مسلمة سوف لا يصلها أي أذي من مسلم متطرف .
وبعد ذلك تجتمع قادة الدول الإسلامية وتستدعي علماءها المخلصين لله وتطلب منهم تحديد المعاملة الإسلامية مع المتطرفين ولا شك أنهم سيبدؤون بالإرشاد والنصح وتفسير النصوص الإسلامية تفسيرا عقلانيا وعاما وصريحا في الإسلام ولا يعني ذلك التفسير المنطقي الفلسفي للنصوص حيث أنه يمكن لأي أحد لم يستوعب دلالة الموضوع أن يقف ضد ذلك التفسير بل يكون تفسيرا واضحا يتماشي مع روح التشريع ،  فإن قبلوه فنعما هي وكفي الله المومنين القتال ، وإن امتنعوا فيعلن العلماء إباحة الجهاد فيهم ومعاملتهم كما قال الله تعالي في ما يفعل بالمتمردين من المسلمين وفي آخر ذلك الإجراء قوله تعالي : ((إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ))         

6. يوليو 2018 - 15:50

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا