في جميع الظروف على المعارضة السياسية لعزيز أن تنظر للمشاركة في الانتخابات كفرصة لتكوين نواة تحالف سياسي ـــ يضم فاعلين وناشطين سياسيين ــ يمكن أن يمثل فيما بعد معارضة سياسية حقيقية فاعلة ، مع إكساب كوادر سياسية جديدة القدرة على الفعل السياسي والمساهمة في إعادة إحياء الحياة السياسية , فليس الهدف من المشاركة في الانتخابات دائما الفوز بل يلزم المعارضة انتهاج استراتيجية " اخسرمعركة واربح حرب "
وذلك من خلال إدراك أن المشاركة في الانتخابات لا تأتي دائما في إطار السعي إلى الفوز بها ، وإنما في إطار تحقيق هدف أو مجموعة أهداف برؤية شاملة وبعيدة المدى للتغيير ، فخيار خوض غمار المشاركة في المعركة الانتخابية المرتقبة خطوة على الطريق السياسي الصحيح ، ستفرض إحداث تحول ديمقراطي سيمكنها من تحقيق المكاسب الـــ 5 التالية :
المكسب الأول : إضعاف النظام وتقويضه فدخول مرشحي المعارضة السياسية في منافسة انتخابية أمام ثلة الداعمين لعزيز بغض النظر عن نتائج الانتخابات سيخلق ساحة معركة انتخابية يضغط كل أطرافها على النظام عبر أدواتهم التي يمتلكونها ، مما سيؤدي ذلك حتما إلى استنفاذ طاقة النظام في معركة يبدو أنها لن تكون سهلة عليه ، في ظل متغيرات عديدة وظروف حتما ليست في صالح النظام العزيزي المغضوب عليه من الشعب وداعميه .
المكسب الثاني : عودة الحياة السياسية فالمشاركة في الانتخابات ستساهم في خلق نواة لمعارضة سياسية قادرة على تنظيم حراك شعبي بشكل جديد ومختلف عن سابقيه، كما ستساهم المشاركة في الاستحقاقات المرتقبة بتعزيز الخبرات السياسية للكوادر الشابة الجديدة خصوصا أولئك الذين تمثل مشاركتهم في انتخابات2018 و 2019 بداية ممارسة العمل السياسي .
ـــ المكسب الثالث : والعودة إلى مربع العمل السياسي ، والانتقال من حالة الركود غير المسبوق إلى حالة تسمح بالمشاركة الفعالة تقليل الخسائر التي أصابت الحياة السياسية والحريات العامة وتخفيف القبضة الأمنية، وهو مكسباً حقيقياً بعيداً عن التحليق في فضاء تحقيق نصر كامل على النظام
ـــ المكسب الرابع : إزاحة عزيز مما سيمكن من إضعاف منظومته الحاكمة وبالتالي تحقيق إصلاحات سياسية كتغيير لمنظومة الحكم وتقويض هيمنة مؤسسة الجنرلات على الحكم .
ــــ المكسب الخامس: فرصة تحريك الشارع من خلال المشاركة في الانتخابات : فقد أبانت مقاطعة المواجهة إبان التعديلات الدستورية الخوف الذي يسكن النظام العزيزي من تحريك الشارع ضده ، فالمشاركة في الانتخابات هي فرصة مواتية للمعارضة التي طالما سُكنت بتحريك الشارع ولحظة ملائمة في ظل الاستياء الشعبي والضيق المعيشي المتزايد بسبب ارتفاع الأسعار وتردي الأحوال المعيشية للشغيلة العمالية ، ومع غياب الأمل في حدوث أي إصلاحات قريبة تكون المشاركة الانتخابية 2018 فرصة المعارضة الموريتانية لإعادة الحياة من جديد للشارع للتعبير عن الغضب اللامتناهي من سياسة عزيز ، فمن الواجب على المعارضة أن تشتبك مع حدث الانتخابات المرتقبة بكسر جدار الخوف وإعادة للاحتجاجات ألقها وروح التغيير آمالها ، فلابد أن نستثمر الفرصة التي ستصاحب العملية الانتخابية عبر التحرك في الشارع وخلق قوة شعبية ستتسع مساحتها مع الوقت وتساهم في عودة الحركة للشارع مرة أخرى وتساهم في إضعاف وتقويض النظام، عبر التواصل مع القوى السياسية وبناء الجبهات، هذا الاشتباك يمكن ان يشكل نواة حركة أوجبهة وطنية قابلة للإستمرار والضغط والتأثير في المشهد دون مهادنة.
على جميع القوى السياسية المعارضة الوعي أن العبرة ليست في المشاركة الانتخابية من عدمها لكن العبرة بمدى القدرة والفاعلية في تحقيق الأهداف التي من أجلِها أُتخذ قرار المشاركة ، فلا مناص للمعارضة من استحضار أن مشاركتها تأتي في ظل مناخ سياسي غير ملائم للعملية الانتخابية كغياب ضوابط ومعايير تضمن عملية انتخابية صحيحة وديمقراطية تعبر عن رغبة الشعب الحقيقية، مع استمرار النظام في الاستعداد لأكبر عملية تزوير انتخابي في تاريخ الانتخابات بالبلد ، لكن مهما كان تظل عملية تغيير الأنظمة الاستبدادية عملية معقدة والمشاركة حتى بدون بمطالب أفضل من الإنعزال ، حتى ولو أدت المشاركة لنجاحات جزئية ، فتارة نرغم واقعيا على أن نسلك مسارا بعيدا عن الهدف الرئيسي لنا . والحوار هو الحل .