احتضنت العاصمة انواگشوط القمة الإفريقية الحادية و الثلاثون بعد أن احتضنت قبلها بسنتين -تقريبا- القمة العربية السابعة و العشرون؛ اختلفت الوسائل و تباينت النتائج بالإضافة إلى متغيرات أخرى لعبت دورا هاما في بلورة صورة المشهد الختامي.. الشيء الثابت و المشترك أكثر من غيره في القمتين هو الإصرار و العزيمة الصادرة من القيادة الوطنية و الجاهزية الإيجابية من طرف الجهاز التنفيذي للدولة و النتائج الإيجابية الحاصلة و المتفق عليها بعد إزالة الستار مباشرة.
لقد نجحت قمة انواگشوط على جميع المستويات بشهادة الموالين لمنظميها و المعارضين لهم، ولقد كانت التحديات كبيرة في شتى المجالات؛ خاصة على مستوى البنية التحتية و التنظيم و على المستوى الأمني، وكان التحدي حول التلاقي و التفاهم على المعالجة المثالية للملفات المطروحة كبير جدا.
لقد تم تشييد قصر دولي للمؤتمرات بميزات عالمية حمل اسم *المرابطون* وهي رسالة ثقافية تحمل كل الشحنات الإيجابية التي قد توصل صداها إلى المدى العالي للتأثير الإقتصادي بعد السياسي وتوضيح بعض نقاط الاستفهام حول بعض الجدليات التاريخية المفتعلة..!
لم يكن النجاح الأمني مجرد خبط عشواء.. بل كان ثمرة ونتاجا لتخطيط وتدبير فائق الدقة و التنظيم وترجمة لإرادة جادة وتسيير محكم، فصار بذلك مرآة عاكسة لعقلانية المسير و القائد الملهم، ضابط الإيقاع، و المشير بآلية التأثير.
إن نجاح قمة انوگشوط في معالجة الملفات المعروضة رغم تباين واختلاف طبيعتها يعد نجاحا تاما وتوفيقا ربانيا لايمكن طمسه و لا التقليل من قيمته.. وما توقيع دول جديدة على منطقة التبادل التجاري الحر في انواگشوط -الحدث الذي أصبح شبه جامع لدول القارة- إلا ثمرة ناضجة توضح بجلاء نجاح هذه القمة، ينضاف إلى ذلك وضع التصور المثالي لحل كل القضايا العالقة و الخروج بتوصيات تؤكد على الحل العادل لكل تلك القضايا وتجاوز الخلافات البينية و تكاتف الجهود للخلاص من الجماعات المهددة للأمن القومي لكل الدول المشكلة للخيط الناظم للعقد الإفريقي المؤمل منه؛ بعد هذه القمة أن يصل إلى قيمة سمط الثريا وأبعد.
لقد توالت أحداث مؤلمة على بعض الطرق السيارة داخل البلاد بعد القمة الإفريقية وهي أحداث مستقلة تماما عن هذه القمة لكن التقارب الزمني بين هذا وذاك و التوظيف المختلف بين المتحامل و المنصف جعل من وجوب الإسهام الحيادي في النقاش الدائر حول الموضوع أمر ضروري يفرضه الانتماء للوطن وتمليه الفطرة الإنسانية..
صحيح أن حياة المواطن غالية جدا، و مما ينبغي أن يكون معلوما هو أنه لاينبغي أن يتسرب إلى الذهب أن هناك قيادة ما أو سلطة تنظيم أو تدبير تتلذذ بمشاهدة آلة القتل تفتك برعاياها مهما قل أو كثر العدد- حالة واحدة تكتفي لضرب الأمثال - ليس استئناسا بل وضعا لليد على الجرح، لا للسباحة في نهر تحصيل الأخطاء والتحامل وإنما للتنبيه ومشاركة اللحظات الحزينة التي يتأذى منها الكل ويتألم بها الجميع-قمة وقاعدة- ؛
علينا جميعا أن نفهم أن الحكومة الموريتانية و القيادة العليا للبلد لا يمكن أن تفوت عليهما لحظة حدوث حادث كان بالإمكان التدخل لإنقاذ المواطنين منه أو التخفيف من وقعه وتأثيره ثم تتقاعس أي منهما عمدا؛ وتنتشي بذلك؛ هذا لايمكن ولا يعقل تصوره من بعض المدونين الذين تحاملوا على الجهات المسؤولة عن صيانة وتجهيز الطرق؛
صحيح أن هذه الجهات مسؤولة عن كل مايقع و تجب مساءلتها حول صغيره وكبيره لكن ذلك لايعني التحامل والمبالغة في التخوين وكأنها مقادير أجروها هم وقدروها و يتحكمون في مسارها لحظة بلحظة ونقطة بنقطة.
صحيح أن على الوزارة الوصية على الطرق أن تعيد النظر في كيفية تجهيز بعض الطرق الحساسة بفرق للتدخل مزودة برافعات و مروحية أو مروحيات قادرة على التدخل لحظة لزوم ذلك وعليها قبل ذلك أن تنظم حركة الشاحنات على الطرق التي تشهد حركة مزدحمة للسيارات كماهو الحال لطريق الأمل الذي تسببت الحوادث عليه كثيرا في كورث سير، زرعت الألم لكثير من الأبرياء، وعلى الجهات المسؤولة -قبل هذا وذاك- أن تشرع في توسعة وإعادة تأهيل طريق الأمل وطريق انواذيبو ورعايتهما بالإضافة إلى الطرق الأخرى وخاصة طريق روصو؛ سبيلا إلى ضمان سلامة المواطن والتقليل من معاناته و الوصول إسعاده وهي أمور من أولويات العمل الحكومي، وعلى كل الطارقين للموضوع أن يعالجوه بموضوعية وإنصاف وأن لا يلهبهم الحماس الزائد وإن كانوا معذورين -بعض الشيء- في لحظات الصدمة؛ معذورون في ذلك الفوران العاطفي، لكن لاينبغي أن يصل ذلك إلى التخوين المطلق و التحامل الزائد و التوظيف المختل وعدم الإنصاف الذي يقتضي النصح وتقديم المقترح المفيد و التأسيس على ماهو إيجابي مما وجد؛ مهما كانت بساطته في عيون البعض و فاعليته في عيون البعض الآخر.
علينا أن ندرك جميعا أن سلامة الإنسان الموريتاني أولوية عند الجميع و علينا جميعا أن نتعاون على حصولها بالنصح الصافي وتحمل المسؤوليات، وأخذ الاحتياطات اللازمة ولزوم الجدية في تنفيذ كل المشاريع الوطنية خدمة للمواطن وتلبية لنداء الوطنية.