الملك .. والقصر .. وأصدقاء الغابة ..!! / محمد عبد الله ولد أحمد مسكه

كان يا مكان .. في قديم الزمان وسالف العصور والأوان .. وعلى أديم أرض معروفة  بالسيبة والطغيان ملك في قصر كبير منقوش بالذهب والمرجان داخل غابة من الأشجار والفواكه والرمان .. وبداخلها أنواع الحيوانات لكن يتصرف فيها بوصفه (أسد الغابة) لا أحد يسأله أو يحاسبه مهما كان ..! وهم يخدمونه منذ نعومة أظافرهم وبإجلال وإكرام .. لا يعرفون كيف أصبح ملكا عليهم ولا متى ؟

 ومن سيواجهه إذا أخطأ أو قصر أو أمر بحكم الإعدام ..؟ هل هو النمر أم الفيل أم الأرنب بذكائها المفرط أم الفار أم ماذا ؟
هل حيوانات الغابة بأحجامها وألوانها وأشكالها قد بايعته على الملك والطاعة ..؟! أم أصبح ملكا طبقا لقانون الغاب ..؟! الحكم للأقوى ..! لا يهم ، المهم أنه هو الملك منذ دخوله للغابة وصار الملك موروثا في هذه الفصيلة وقضي الأمر ! ولم يعد من السهل خلعه مهما طال الزمان وضاق المكان ..! ولكن أحيانا يمكن أن يحتالوا عليه من خلال صديقة (النمر) المقدام الحاكم الفعلي للغابة كما هو معروف لدى علماء الحيوان وهما ينتميان إلى نفس المعسكر أو الفصيلة (القطط) المعروفة بدهائها من خلال لعبة (القط والفار)  داخل الأوطان إلا أن النمر يمتاز على الأسد بالجرأة وبالقدرات القتالية الأكبر علاوة على التوازن بقدميه الخلفيتين فقط مع تلك المميزات يفضل النمر دوما الانقضاض على فريسته بمفرده ويفوز بها لوحده بينما الأسود تهاجم فريستها في مجموعات وحينها فكر النمر مليا في الطريقة التي سيتخلص بها من سيطرة الأسد وهيمنته بعد الكثير من المعاناة وبطشه داخل الغابة وخارجها ..
وبعد سنوات عديدة من المعايشة والرضوخ للأمر الواقع قرر مع بعض أصدقائه من الحيوانات الشرسة والمفترسة أن ينقلب على الأسد كما وقع في الغابات الأخرى من أجل حماية الغابة وثرواتها وشجعوه ووعدوه بالنصر وكانت المفاجأة فحل محل الأسد القمعي في حكم الغابة والتعامل مع بقية الحيوانات ونصبوه بعد (أشهر حاكم) رغم معارضة بعض من الحيوانات واعتبروه مثل الأسد قاسيا ومجرما وصاحب زور وبهتان ..!
مرت الأشهر والسنوات والحال كما هو لم يتغير شيئا بل ازداد سوء ففصل الكثير منهم وشرد الباقي فقرر بعض الحيوانات (الداجنة) الخروج للتظاهر والتعبير عن رفضهم لأسلوب حكمه الجائر وأصبحت الغابة موحشة لا تطاق وكان (النمر) الحاكم في كل مرة يقدم الوعود الواهية بإجراء إصلاحات وترميم الغابة وجعلها جنة تجري من تحتها الأنهار ليستطاب العيش فيها .
لكن الحيوانات انتبهت إلا ما يقوله حاكمهم أنه مجرد سراب وطالبوه بالمغادرة فكشر عن أنيابه وهددهم بحرق الغابة والغابات المجاورة متوعدا أبنائهم من الحيوانات الصغار بأكلهم وتمزيقهم إربا إربا وقام بسجن كل حيوان ضال يقف ضد نظام حكمه في الغابة ويصفهم بالخونة الخارجين عن قانون الغاب فزاد التوتر وعمت الفوضى داخل الغابة .
وبعد إجماع طارئ لجميع الحيوانات داخل مستنقع كبير أكد الثعلب أن هذه الطريقة الوحشية في الحكم لا يمكنها أن تدوم وأنه سينصح النمر بالتنازل لأحد أصدائه المقربين .. لكن هذه المرة سيكون (داخل في جلد ثور أو دب) حتى يتأكد للحيوانات  الموجودة في الغابة أن ما يحكمهم هو الثور أو الدب ولا داعي للخوف أو القلق وتطمئن الحيوانات داخل الغابة وخارجها وحينها يجعلونها في حظيرة كبيرة وينقضون عليها .
وهكذا يا أحبائي يا أصدقائي الصغار هذه هي نهاية قصة (الملك والقصر وأصدقاء الغابة) التي كثيرا ما تسمعونها عند الكبار فنحن جميعا نعرف وندرك معنى الجور والاستبداد فلا أحد يحب الظلم حتى الحيوانات فالتمادي والتجاهل أعمى بصائر الأقوياء لا ينفعهم مال ولا أصدقاء .
ولعل من مشيئة الله جعلت الحيوانات كلها تتخلى عن الأسد لكي يعرف النمر هو الآخر ما وقع فيه أسد الغابة المتغطرس .. وهكذا دواليك .

9. يوليو 2018 - 19:23

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا