لا أظن بأن هناك شخصية سياسية تعرضت في عهد "ولد عبد العزيز" لظلم كالذي
تعرض له "ولد غدة"، وقد لا يعلم الكثير من المتابعين للشأن العام بأن ظلم "ولد غدة" قد بدأ حتى من قبل إسقاط التعديلات الدستورية.
لقد أطلق "ولد غدة" في شهر مارس 2012 رفقة بعض الشباب مشروعا رائدا سماه " مشروع الفكر الجديد".
وقد عمل هذا المشروع الطموح في اتجاهين اثنين:
أولهما تطوعي، وكان ذلك من خلال جمعية تطوعية رفضت وزارة الداخلية
الترخيص لها، وقد قدمت هذه الجمعية التي لم يرخص لها العديد من الدورات
في مجال المعلوماتية والمحاسبة واللغات استفاد منها عدد كبير من الشباب
الموريتاني، كما قدمت حصص تقوية لمئات التلاميذ المنحدرين من أسر فقيرة،
ومنحت جوائز تشجيعية لبعض التلاميذ الذين تفوقوا في مدارس عمومية، هذا
فضلا عن عمليات شفط المياه عن حي "سوكوجيم"، وتوزيع المياه في بعض أحياء
العاصمة التي تعاني من العطش.
المجال الثاني الذي اشتغل عليه "مشروع الفكر الجديد" هو المجال السياسي،
حيث سعى هذا المشروع إلى توحيد الشباب الموريتاني في مشروع سياسي جديد
برؤية جديدة، وهنا تعرض أيضا هذا المشروع لطعنة كبيرة من وزارة الداخلية
التي ظلت ترفض ـ ولعدة أشهر ـ أن ترخص لهذا المشروع السياسي، وذلك من
قبل أن تقرر منح ترخيص باسم المشروع لمجموعة من الشباب كانت تنسق مع
شخصية حكومية معروفة. وهكذا ـ وبكل بساطة ـ تم السطو على "مشروع فكر
جديد" من طرف السلطة ومخابراتها، وتم حرمان صاحب المشروع من مشروعه
السياسي والتطوعي الذي أسسه من لاشيء، وتم منح الترخيص باسم المشروع
لأشخاص آخرين.
لولا ظلم السلطة لما كان السيناتور محمد ولد غدة يوجد الآن في السجن،
ولما قضى إحدى عشر شهرا وزيادة في السجن دون أي محاكمة، ولولا ظلم السلطة
لكان هناك الآن حزب سياسي باسم حزب الفكر الجديد يترأسه السيناتور ولد
غدة، ولكان بالإمكان ترشيح السيناتور المعتقل على رأس لوائح هذا الحزب،
خاصة وأن السيناتور المعتقل يمكن ترشيحه من داخل السجن، وذلك ما أكدته
استشارات قانونية قدمها بعض المختصين في المجال.
أمام هذا الظلم الكبير الذي تعرض له السيناتور ولد غدة، فإني أدعو ـ
ويشاركني في هذه الدعوة عشرات المدونين الذين وقعوا عليها ـ إلى ترشيح
"ولد غدة" للنيابيات على رأس اللائحة الوطنية أو لائحة نواكشوط الجهوية،
وأن يكون الترشيح من طرف أحد أحزاب المعارضة الموريتانية، وتتأكد الدعوة
بالنسبة لأحزاب المنتدى الذي ينتمي له السيناتور السجين. وفي حالة تم ذلك
فسنكون أمام واحد من احتمالين :
1 ـ إما أن تتمادى السلطة في ظلمها، وأن ترفض بالتالي ترشيح "ولد غدة"
دون أي سند قانوني، وهنا ستحصل المعارضة على دليل قوي جديد تضيفه إلى
أدلة كثيرة أخرى تؤكد عدم شفافية المسار الانتخابي، هذا فضلا عن رفع
الحرج عن المعارضة، فبترشيح المعارضة "لولد غدة" فإنها بذلك ستُظهر الحد
الأدنى من الوفاء لهذا السيناتور الذي سجن بسبب دفاعه عن الدستور وبسبب
جرأته في فتح ملفات فساد شائكة.
2 ـ أن تقبل السلطة بترشيحه، وهنا ستكسب المعارضة أصواتا كثيرة، وسيكسب
الحزب الذي رشحه عدد كبير من الناخبين الذين لم يكن يحلم بهم، فمما لا
خلاف عليه هو أن "ولد غدة" أصبح يمتلك اليوم شعبية كبيرة بسبب ما قدم من
تضحيات، وبسبب ما أظهر من شجاعة وثبات.
خلاصة القول هو أن المعارضة الموريتانية ستكسب كثيرا بترشيحها لولد غدة
على رأس لائحة من لوائح أحد أحزابها، فإن رُفِض ترشيحه فإن المعارضة
ستكسب أخلاقيا، وذلك لأنها ستظهر نوعا من الوفاء لأحد قادتها المعتقلين،
وإن قُبِل ترشيحه، فستكسب انتخابيا وسياسيا، فالسيناتور المعتقل أصبح
يمتلك اليوم شعبية كبيرة جدا.
حفظ الله موريتانيا..