هناك وراء الحاجز الحجري ، تقبع منطقة آدرار ، بتقاطيعها الجغرافية المختلفة ، وبتشكلها الديمغرافي الفريد من نوعه ،اتسمت المدينة في السنوات الأخير بلوثة حزن وهدوء تلاقيها حيث ما سرت في الشوارع ، الفقدان ينفث دخانه ، ولوعة الفراق حاضرة في كل رحلة خارج اسوارها الحجرية
، تفرقت الأسر ، وانفرط عقد الجمال الناظم لعلاقات الناس ، دموع الأمهات ،
وتنهدات الزوجة التي يعيقها الحياء عن الكلام ويجثم الحزن على صدرها ، وفراغ شباب أحداث السن، وتألم شيخ يذهب كل يوم إلى السوق ليعود بنفس سلة الغذاء إن انتصر وإن يهزمه الفقر يأتي أصفر الوجه واليدين ليدخل في غرفتهم الأخيرة ويغلق عليه الباب ، ويعلن للأم العجوز : (أن اليوم ما خالك شي )
ولشد ما تكررت تلك العبارة بفعل الواقع الإقتصادي المرير الذي تمر به تلك الولاية المنكوبة بالسياسات المدمرة والمنهكة للأسرة الفقيرة وكل سكان المدينة فقراء الأيادي و أغنياء القلوب ، أمهاتٌ وأخواتٌ يحملن على عاتقهن تربية أبناء صغار تفرق آباءهم في الأرض بحثا عن لقمة العيش ، فهل يمكننا بعد هذا ان نكتب بأدب ؟ عن هذه المأساة
كلا
لنضع النقاط على الحروف
_ تشير جميع المعطيات أن واقع مدينة آدرار بدأ في الإضطراب منذ 2007 ، وكل أحد يذكر تندر الناس بسعر السكر ، إذ يربطون بينه وبين أحد الرؤساء ،
بدأ سعر البنزين في الإرتفاع ، وبدأ الخبز يختفي كمادة اساسية ، واستبدل( بالنشاء والعيش ) في وجبة الفطور ، وبعد الخبز بدأت اسعار اللحوم في الإرتفاع ، ثم أسعار التمور وأسعار المياه ، وقد كان أغلب سكان المدينة يستفيدون من شراء المواد الغذائية من ازويرات ، حيث تباع بسعر رخيص هناك ، لكن الدولة فرضت ضريبة على كل ذلك ، بسبب هذا القرار اضطرت الكثير من الأسر والكثير من الأفراد إلى الهجرة إلى ازويرات وإلى انواذيب ، ودخلت عوامل ارتفاع الحرارة ، والبطالة على خط الهجرة لتُهجر الكثير من السكان إلى انواكشوط ، كأكبر مدينة مستقبلة لأهل آدرار
سياسات الحكومة في الداخل تؤدي إلى تكديس اكبر عدد من السكان في انواكشوط ، لتتضاعف معاناتهم وليكونوا جزءا من المشكل الكبير ، وربما تقوم حكومتنا بذلك استباقا لغرق انواكشوط _الذي تحدثت عنه عدة مواقع الكترونية _ إذ تخطط الحكومة أن يكون الشعب عبارة عن 3 ملايين شهيد ، والغريق شهيد !!
لكن هل كانت الحكومة وحدها هي السبب ؟
الاحوال الإقتصادية والإجتماعية المتشنجة تساهم فيها الحكومات بقدر ضئيل ويكون سببها الرئيسي غياب الإستثمارات والمشاريع الصغيرة ، وإذا نظرنا في حالة ولاية آدرار نجد أن أغلبية ممثليها في البرلمان رجال أعمال ، ومشايخ ميسورين ، وفي الولاية تختلف منازلهم عن منازل أغلب الناس إذ تشغل مساحات كبيرة ، لكن يبدوا أن مساحتهم الفكرية ضيقة لا تتعدى أنفسهم ، أو اسرهم وإن كبرت وتعاظمت لا تتخطى قبائلهم أو عشيرتهم الأقربين ، إنهم يشبهون كثيرا بخيل لوكسمبرغ ،
-منذ الإستقلال لم يقم أي رجل اعمال بدعم مشروع صغير واحد في الولاية ، منذ الإستقلال لم يتم بناء أي منشأة اقتصادية مهمة ، منذ الإستقلال لم يبن أي مشروع سياحي ، يساعد في رفع البطالة ، بل إن السياحة في جولتها الأخيرة لم يستفد منها إلا جزء قليل من المنظمين ، ولشدما حزنت بعد علمي ، أن السكان الفقراء المعدمين ، الذين ظهروا في فيلم وثائقي أعدته قناة الساحل ، بعنوان (المنسيون ) لم يستفيدوا من السياحة ، بينما استفاد المسؤولون في الولاية ورجال الأعمال منها ،
نظر لهذه التحديات والإنتفاعية المخجلة التي تطبع سلوك الكثير من اطر المدينة فإنني سأتجاسر عليكم وأوجهك لكم هذا الطلب
، ايها الشباب ايها المشردون في أنحاء المدينة والمسجونون في الواقع الإقتصادي المزري دونما جريمة ودن محاكمة ، إنني هنا على جانب الضفة الأخرى أنتظر صمودكم في وجه الإغراءات الضعيفة ، وضغوط القبيلة والأسرة ، إذ ان الأمراكبر من ذلك ، فهذه القبائل لم تعد هي نفسها ، وهذه الأسر تخلخلت ولم يعد (مرجنها ) واحد ، يجب أن نسجل على اللائحة الإنتخابية ونختار بالتأني والنقاش الشخصيات المثلى لقيادة دور قادم في الولاية ، إن نسبة الشباب في سكان الولاية تشكل
62 في المئة ، وإن هذه النسبة قادرة على تحقيق طموح انتخابي مريح , يجب ان نجتمع ونحدد لمن سنعطي قيادة السفينة ، وعبر قراءة تاريخ الأشخاص وماضيهم وقدرتهم على التغيير يمكننا ان نستشف المرشح الأفضل
ولعله لم يخلق شيء أكثر إنهاكا للإنسان من الإختيار