ودِدْتُ لو لم أتناول هذا الموضوعَ و كان لي قلبا كالصَّخْرَة الصَّمّاَء فلا أشعرُ بالضِّيق إزاء فتور حبِّ الأوطان والأحزاب التي هي مقودُ الديمقراطية .
لقد بين الّدُّستور مُدَدَ المأموريات البلدية والنيابية والرئاسية فعُلِمَ أنه في الجزء الثاني من 2018 تنظم انتخابات بلدية وتشريعية وأنها علي الأغلب في أغسطس ’أخذت بذلك علما لجنَةُ الانتخابات والأحزابُ والمواطنُ العادي.
إن كان ذلك كذلك فلم نحن الآن في هذا الوضع المتأزّم -بين قوسين ؟
أقول أوَّلا إنِّ ذلك كذلك وأزيد عليه الذي كان ينبغي علينا فعلُه قبل حلول مواعيد الاستحقاقات .
إن حزب الاتحاد موجود علي كامل التراب الوطني :الفروع ’الأقسام والاتحاديات واللجان الدائمة والتنفيذية ورئيس الحزب ونوابه والإدارة .
صحيح أن الحزب عليه مواكبة الحياة السياسية بوصفه الذراع السياسي للنظام وهو في ذلك يقوم بأنشطة في كل مرة حول المسائل حديث الساعة ما يشغله في بعض الأحيان عن متابعة ملفات المناضلين في غير فترات الانتخابات.
صحيح أيضا أنه حديث النشأة ولا زال بحاجة إلى تراكم التجارب للاستفادة منها أمام كل وضع في شبه منطقة متموِّجة وأحوالها السياسية لا تفتأ تتغير وتتبدّل.
صحيح أيضا أن الموجود من الثقافة الحزبية لا يزال دون المطلوب بحيث لا تكون يدُ القيمين عليه طليقة بل لا بد في كلّ مرة من مراعاة الطابع البدوي الذي يطبع حياتنا بشكل عام .
ثم إنه إضافة إلي كلِّ ما ذكرنا نجد الحزب في تنافس متين مع المعارضة التي تتربص الدوائر وتستغل كل جديد وهذا أيضا قد يشغل الحزب عن بعض واجباته.
فهل هذا يبرِّرُ ما نحن فيه ؟
لئن كان الجواب المنطقي يكون بذكر الحجج والتدرُّج فيها ومن ثمّ الحكم ب:نعم أو لا فهناك أيضا أسلوب آخر فيه يتم الجواب إيجابيا أو نفيا أوّلاً ثم المجيء بالدَّليل ليعضِّضَ .
وكجواب علي السؤال : هل هذا يبرِّر هذا ؟
أجيب ب :لا ,كل ما بينّا لا يبرِّر ما نحن فيه من الارتجال .
وأما الأدلة فمنها:
-معرفتنا بتواريخ الاقتراع فكان علينا َالتخطيطُ.
-أن لنا هيئات علي كامل التراب الوطني ينبغي استغلالها موضوعيا في وضع كهذا .
-أن زحمة العمل في الهيئات شبه معدومة إلا في الحملات الحزبية ما يتيح فرصة ملء الفراغ بفحص الملفات قبل تاريخ القابل من الانتخابات .
-أنه يفترض أننا نمتلك كادرا بشريا مطلعا علي الجغرافيا السياسية ويمكنه الرّدُّ علي الأسئلة التي قد ترد من هنا وهناك ,كلٌّ في وقته .
فلو تم ذلك وكان من الواجب أن يكون حصلَ لَكُنَّا في الوقت المناسب أعدَدْنا لوائحَ بالنواب والعمد والخلفاء والمجالس البلدية والجهوية والوطنية والنساء أيضا ,الكل كان بالإمكان أن يمرّ بالمرونة المطلوبة من دون أن يثير ردة فعل كالتي نعيش وإن حصل شيء منها كان محدودا وبالإمكان حَلُّه .
وكان سيخفِّفُ من وطْأة موجة الغضب نداءُ قيادة الحزب المترشحين ونقاشهم وخطب ودِّهم وطلب الالتزام بالذي يري الحزب مناسبا ,هذا أيضا بَدَلَه تمَّ تجاهلُ طموحات النّاس في ازدراء تام بهم .
فما ضرر الاستماع إلي المترشحين ونقاشهم وتبادل وجهات النظر معهم خاصة أن الحزب فتح باب الترشح وفدّم استمارات للملء ؟أم أن الكلّ للشكل فقط ؟
ميل اللجان إلى المجهود الأدنى:
ويبدو أن اللجان المكلفة بالترشُّحات وفي غياب أجندة معَدّةٍ سلفا فضَّلت فيما يُشَاعُ الطريقَ الأقصَرَ :تقاسم مقاعد النُّواب والعمَد والمجالس الجهوية وقد يكون وراءه الضيق الزمني وحتمية الرّدِّ في أجل معيَّن.
نعلم من دروس الجامعة ميلَ الآدميِّ إلي المجهود الأدنى والأخفِّ ,الأقلِّ جهدا وهو الذي اتبعوه وفيه خصال :الاستفادة من إدراج من نرضي سلوكهم ونضمن ولاءهم في المناصب والتعامل مع عنصر الزمن الضاغط كما بيَّنَّا.
لكنهم نسوا أنه كان عليهم الاجتهاد ما أمكن ليقلِّلوا علي رئيس الجمهورية الإحراج ويُجنِّبوه صعوبة مداواة العطَب .
وأما رئيس الجمهورية فسيعمل علي علاج الوضع غير الطَّبيعي الحالي و لن يُعامِلَ إلّا علي ما تَعَمَّدَتْ القلوبُ .
ومهما يكن من أمر فإنّه وهو الملاذ الأخير من بعد الله للمغضوب عليهم وقد سُمُّوا خطاً المغاضِبينَ سيقوم بإصلاح الممكن وقد يطلب الانضباطَ من أجل الصالح العام وسيُلبّى الجميع نداءه طبعا .
أدام الله عافيته على الجميع...