مَا أنْ نَشرْتُ مقالي السَّابِق ، وكنتُ قد ذَكَرْتُ فِيه رَقْمَ هَاتِفِي وايميلي ، حَتَّي تتابعت عَلَيَّ الإتِّصَالاَت بَدءاً باليوم الثالث ، من اشخاصٍ ، أكْثَرُهُم ليس لِي بهِ سابِق مَعْرفة ، فأنا قَلِيلُ "الْمَعْرِفَ" ! .
منهم من قال بانه عرف "السبع " ، فإ لى ما ذَا يرمز النمر والفيل إذاً ؟
ومنهم من عرف "الكلب" حسب تقدير ه لكن الفتية الثلاثة الْتَبَس عليه امْرُهُم .
والطَّريفُ أنَّ منهم من أراد إعطاء دلالات لا تخلوا من النباهة والذكاء "لخالتي" ولوادِ النخيل و للعصابه وتكانت ولِرحلتي الصيف والشتاء....مِمَا لَمْ يخطر ببال كاتب هذه السطور .
وفِعْلاً فقداستخدمتُ الرمزية ، فى مقالى السابق ، ففضلت الغموض على الوضوح، والألغاز على التصريح، والإشارة والتلميح على تسمية الأشياء بأسمائهما، و ربما أكون قد جَنَحْتُ إلى رمزيةٍ وصلتْ فى بعض الحالات الى حدّ الإبْهَام ، وهو ما دفع البعض حسبما لمِسْتُ إلى فهم "الحمار" و "الكلب " فهماً خاطئاً . فأنا فى مقالاتى كلِّها لا ارمز الى الأشخاص وإنما ارمز إلى " مفاهيم" واشياء مجرَّدةٍ....... لِذلِكَ وجَبَ التَّنْبِيه!
أعود فأقول إن بعض المتصلين ذَكَّرَنِي انه فى إحدى الروايات عند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستأتي على الناس سنوات خدَّاعة، يُصَدَّق فيها الكاذب، ويُكَذَّب فيها الصادق، ويُؤْتَمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطقُ فيها الرويبضة، قيل: وما الرُّوَيْبِضَة؟ قال: السفيه يتكلَّم في أمر العامة".
ومنهم من طلب ترجمة المقال الى الفرنسية لان المقال لا تفهمه إلا النخبة ، وهي عندنا متفرنسة ، حسب زعمه ، وهو ما لا أوافق عليه لا جملة ولا تفصيلاً.
ومنهم من قال بأن اُسلوب كتابتى يذكره بالكاتب كارسيا مارتينز ، ولا افشى سراً إذا قلت بأننى لم اسمع بهذا الاسم من قبل ولَم اقرأ قط لهذا الكاتب فأنا أجهله جهلا كاملا ، لا يوازيه إلا جهلُ خرًّيجي جامعا تنا اليوم بحظوظهم من التوظيف بعد ان تبين لهم ولذويهم ان الشهادة ، وَا أسَفاهْ، لا "تُطْعِمُ مِنْ جُوعٍ وَ لا تُؤَمِّنُ مِنْ خَوْفٍ" ، وهو ما أكده مشكوراً ، أَحَدُ "الْفِتْيَة" الأفاضل عندما أعلن ذات يوم من زَمانِنا هذا على مرأى ومسمع من الجميع، أنّ من "أَطْعَمَنا مِنْ جُوعٍ وَ أمَّننا مِنْ خَوْفٍ" هو مِمَّنْ يمشي في اسواقنا ويأكل طعامنا وهو مَنْ رُبَّما يَصِفُهُ "الْفَتَي" بِ " لولاه ما خُلِقَت شمس ولا قمر... ولا نجوم ولا لوح ولا قلم"!!
وقد شَانَ بعْضُ مَعَارِفِي عَلَيَّ ، في اللّغة ، نصْبُ فاعل ورفع مكسور ، وفات عليه أن الفاعل في بلدي هو فاعِلٌ سِيَّاسِيٌ ، يُنْصَبُ ويُنَصَّبُ "تعدِّياً" ولايُرْفَعُ ولا "يُدَعُّ" "لُزُوماً" ، أما فاعل سيبويه وابن بونه فهو مما لم يعد له محل من الاعراب في بلد المنارة والرباط.
وأمَّا رفع المكسور ، فهو مما جرت به العادة في بلدي ، فكيف "يُوَّظَّفُ" مَكْسُورٌ في الْمَتْنِ إذا لم يُرْفَعْ !!! ،.
والعادة ، كما نعرف جميعاً كالشرع ، وبلادنا بلاد الشَّرْ عِ وقادتها قادة الشَّرْ عِ وعُلَماؤُها عُلماء الشَّرْ عِ وجُهَّالُها ، كذالك جُهَّالُ الشَّرْ عِ.
ومنهم من لم يتجاوز تعليقه عنوان المقال نفسه "هوامش على دفتر الانتخابات " ، فأشار الى انه لم يَبْقَ لأهل الفكر والقلم إلَّا " الهوامش " ليكتبوا فيها ، لأَن الْمُتونَ حَجَزَها بَلْ سَيَّجَها الْفَرِيق الصَّاعِدُ ، مِمَنْ هَبَّ وَدَبَّ ، وَهُم يَكْتُبون فِيها وعَلَيْها "بِخَرْمَازَهْ مَرْمَازَهْ" .
أمَّا أنا فبعد سماع ردود الأفعال على مقالي السابق تبين لى ان العنوان كان ينبغي ان يُصاغ بطريقة أُخْري اكثر دِقَّةً فما يشهده بلدى من بُؤْسٍ فِكرِيٍّ، وتردٍ في المسلكيات ِ، وَمِن ضُمورِ الضَّوابطِ والأعرافِ والأخلاقياتِ فِى فَضائِنا السِّيَّاسِيِّ عُمُوماً وفِى الْمَشْهَدَيْن "التَّرَشُّحاَتِى" و "الإِنْتِخَابَاتِي " بِشَكْلٍ أَخَص، بل و فى الْمَشْهَدِ "التَّعْيِينَاتِى " ايضاً ، بَاتَ يعكس مأزقا فِكْرِياً حقيقياً في الْفَهْمِ والتَّمَثُّلِ لِمَاهِيَّةِ الشَّأْنِ الْعَام ، وهو بحدِّ ذاته ما اعْتَبِرُه نَكْسَةً بكل المقاييس والمعايير و بالتالي كان الأبلغ والأكثر تعبيراً ان تكون "الهوامش على دفتر النكسة " ، لا على دفترِ الانتخابات فقط، وهنا أكون قد اتَّحدتُّ في الصِّيَّاغَة وفي الْمَفْهُوم ، لِتَشَابُهِ الْحَالَتَيْن !! ، مع شاعِرِنا الكبير نِزار قباني وهَوَامِشِه على نَكْسَة العرب 67.
لَكِنِّ أخْشَى ما أخْشَاه أنْ تَتَطَوَّرَ النَّكْسَة هذه إلى نَكْبَة خُصُوصاً بعد ذاك الزائِرُ الَّذِي جَاءنِي" بِشَحْمه ولَحْمِه " ولمَّا لم يَسْتَهْوينِي لَا "الشَّحـْمُ" ولَا " اللَّحْمُ" ، أخَذَ بِرَأسِي يَجُرُّه إلَيْهِ وأمْسَك بِتَلَابِيىبِى ، وكان الأخْذُ والمسْكُ "عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدونَ"!!! ، فقلت يا ابن أُمَّ لَا " تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" ، قال لن أبرح مكاني هذا ولا عاصم لك اليوم من امري ، إلَّا ان تقبل أنْ " يَرْتَدِيَّ الحمار هَيْئة الأسد ويحمل شِعَارَ " القيصرية " ، قلتُ ، الم يكفك من التأكيد ثلاثاً ، لا رجعة فى الأمر معها ، . قال الأَمْرُ امْرُنا والْهَمُّ هَمُّنَا ، " قلتُ ،إِنْ كُنْتَ لَا بُّدَّ مُخاصِماً ، فلْتُخَاصِم رسّام الكاركاتير الامريكي ذو الأصول الآلمانية توُمَاسْ نَاسَتْ ، قال لو كان "توماس" حياً لذبحته من الوريد الى الوريد حتَّى يكون عِبرَةً لكل "توماسات" موريتانيا ،. ولَأَقَمْتُ ، نِكايَةً بهِ وَبِهُم ، تِمْثَالًا فِي إِحْدي السَّاحَات الَّتي يَجْري "إعْدَادُهَا " في قَلْبِ العاصمة نواكشوط لِيُولِيسِيسْ غْرانَتْ!!!
لكني بتلابيبك مُمْسِكٌ الى ان تقبل ان يَرْتَدِيَّ الحمار هَيْئة الأسد ويحمل شِعَارَ "الْقَيْصَرِية " ، حتَّى يَخافَ الْفِيلُ و حتَّى تَفْزَعَ كُلُّ الحيوانات .
قُلْتُ، سُبْحَــــــــــانَ اللَّهِ ، أَمَلكِيٌّ أنْتَ اكْثَرَ مِنَ الْمَلِكِ ؟
وفَجْأَةً دَوَّى صَوْتٌ عَبرَ الأَثِيرْ : هُوَ ، بَاقٍ ، بَاقٍ...... و أَنْتُمْ وَاهِمُون .......وتَحْلُمُونَ احْلَامَ الظَّهِيرَة !! .
عِنْدَها تَزَاحَمَتْ فِى ذهْنِى قِصَّتَانِ ، إحْدَاهُما قِصَّة سَنَة ِ"الْبَطَّة الْعَرْجَـاء" حسب المصطلح السياسي الامريكي والثَّانِيَّة قِصَّة رَقْصَة " الدِّيكِ الْمَذْبوح" ، لَكِنَّنِى لِهَوْلِ المُفاجأة لم استطع بَعْدُ ان أحدد هل بِسَبَبِ الأولى ام الثانية ام هما معاً دَوَّى ذاكَ الصَّوْتُ الْمُتَلَعْثِم الْقَادِم عَبْر الأثِيرْ .
وقد ذكَّرني نَفْسُ الصَّوتِ أيضاً بيوم 8 يونيو 2018 ، حَيْثُ مَثُلَ الشَّابَّانِ ساليسو ابراهيم وإيسوفو أبرأ أمام محكمةِ زِينْدَرْ بِالشَّرْقِ النَّيْجَيرِي بتُهْمَةِ " الكَلاَمِ الْمشِين و المَسَاس بالنِّظام الدَّستورى" ، عندما طَالبَا بِمَأمُورِيةٍ ثَالِثةٍ لرئيس النّيْجَر الحالي محمدو إيسوفو ، ويُتَوقَّعُ أن يُسْجَن الشَّبَّانِ لِمُدة عام كامل .
فهل يا تُرى ستَحْذُو سُلُطاتِنا القضائية حَذْوَ نَظِيرَتِها النَّيجرية وتقوم بمباشرة إجراءات توجيه تهمة التحريض الْعَلَنِى على خرق الدستور ، للوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة ؟
أمَّا الْقَولُ بأنَّنا واهمين ، فلأنَّ حُبَّ البقاء يدفع بالإنسان إلى استخدام العقل من أجل إنتاج الْوَهْمِ لأنَّ "الْحَقِيقَةَ " قَاتِلَة ....قاتله ....قاتله !!! على حدِّ تعبير الفيلسوف الألمانى فريدريك نيتشه .
أمَّا احْلام الظَّهيرة : فقد قال ابن سِيرِين رحمه الله: رؤيا النهار مثل رؤيا الليل.
وقيل إنه لم يبق من النبوة إلا المبشرات . قالوا : وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصَّالِحة ، و كما ورد فى الحديث فإنَّ " رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة" . ونحن ولله الحمد كلُّنا مؤمنون وصَالِحون ورئيسُنا رئيسُ الْعَمَلِ الصَّالِح ، فأحلامنا لا شَكَّ صادقه ، حَتَّى ولو كانت بِالظَّهِيرَة .
وأمَّا الْقَولُ بِالْبَقاءِ : فالْبَقاءُ للَّهِ والدَّوامُ لله ...وإنا لله وإنا إليه راجعون !!.
ثُمَّ أرْدَفَ مُحَاوِرِى يَقُول : لا تَهُمُّنِى " قِيلَ" و "قَالْ" و لا كَثْرَةُ السُّؤَالْ ، ولا تَهُمُّنى حَيْرَتـُكُمْ ، ولاَ أُبالِى عَلَى أيِّ قَدَمٍ سَتَرْقَصُون وَبِأَيِّ إيقَاعٍ وتَحْتَ أَيِّ مَوَّالْ .
لقد نَصَبْتُم الجُسُورَ أمامكم فى الطَّرِيقِ إلى الضَّياع ،
و قد احْرقْتُ أنا الْجُسُور من خَلْفِى كَيْ اضْمَنَ الْإنْتِصَارْ،
و قد اتخذتُ قرارى فالرأي رأيي والخيار خياري
فَلَوْ تَحَوَّلْتُم كُلُّكُم و"الأمير" مَعَكُم إلَى "توماسات " ، فَسٓأعْتَصِم ،ولو وحيداً ، فِى السَّاحَات ، أطُوفُ سَبْعاً وأسْعَى سَبْعاً وأبْكِى ألْفاً ، كُلَّ يَوْمٍ عند تِمْثَالِ يُولِيسِيسْ غْرَانَتْ .
أمَّا أنَا ، كاتِبُ هذه السُّطُور ، فَلِأنَّ ما أُحِسُّهُ اكْبَرُ مِن قَلَمِي وَدَوَاتِي ، فلا بدَّ أنْ اخْجَلَ إذاً من كِتابَاتِي .
محمد الامين البنيه ، مهندس استشاري
هاتف : 22741393 , 36360521
Email : [email protected]