كلمة الإصلاح تومن إيمانا راسخا بأن خالق هذا الكون بأسره قد اختار أمة العرب لأن تكون هي الحاملة لآخر رسالة من السماء إلي الأرض ولجميع البشر ، وقد فضل نبيها كذلك علي جميع أنبياء القوميات الأخرى من البشر ، وهذا التفضيل استمر لثلاثة قرون بالاستقراء كما في الحديث خير القرون قرني ثم الذين يلونهم الخ الحديث ، إلا أن هذه الخيرية الأخيرة بعد تلك القرون انتكست انتكاسة
ما زالت تهوي فيها نازلة من دروج سفلي إلي دروج أسفل منها حتى وصلت هذه الانتكاسة إلي مستقرها سنة 1967 حين شملت جميع الدول العربية ، فانعدمت بذلك ومن ذلك التاريخ جميع الخصائص التي كانت تختص بها هذه الأمة العربية مثل الشجاعة والمروءة وإباء الضيم والذود عن الجار والحمى والغيرة علي الأعراض والموت دون الكرامة ، وقد أصبحت هذه الأمة من العقود الأخيرة المنظورة إلي يومنا هذا أو ربما إلي خاتمة الزمن مزبلة لمقر جميع نفايات الفعل المشين أي كل فعل رديء يخجل الحيوان من صدوره عنه ، وأقدم هنا مثالا واحدا يندي له جبين الحجر الأصم ، فقد وصلت قلة الحياء من فعل الرذيلة أنه كتب علي صفحات التواصل الاجتماعي أن رجال شعب الأسد –عفوا بل الأرنب – في بعض الملاجئ أصبحوا يؤجرون نساءهم بما فيها الزوجات لمن يفعل معهم الفاحشة من الأجانب أمامهم مقابل دريهمات ليمسكوا بها رمق الحياة في جسد العائلة ، ومع ذلك ما زال من هذه الأمة من يدافع عنه لبقائه علي هذا الكرسي الذي ينظر هو من فوقه إلي جنوده وضباطه يهانون من طرف قوة عظمي لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر ومع ذلك يسمي جيشه الجيش العربي ، فبعدا لهذه النسبة بعد تلطخها بقذارة الأفعال الصادرة لها من أبنائها وبعد أن كانت القداسة هي جلبابها ودثارها ولولا أن الله فضل أمة محمد صلي الله عليه وسلم بعدم المسخ بخبث أنواع معاصيها لكانت أمة العرب في بعض دول الخليج ومصر وسوريا والعراق مسخت قردة وخنازير ، فالله تبارك وتعالي قد اختار شعب بني إسرائيل وسجل ذلك في كتابه العزيز قال تعالي : (( ولقد اخترناهم علي علم علي العالمين )) ومع ذلك لما عتوا عما نهوا عنه قال لهم الله : ((كونوا قردة خاسئين )) ، فكذلك فإن بعض دول الخليج العربي ومصر وسوريا عتوا عما نهوا عنه باتخاذهم الكافرين أولياء من دون المؤمنين فأصبحوا ليسوا من الله في شيء ولكن الله جعلهم من أمة محمد –صلي الله عليه وسلم – التي لا يغضب عليها بالمسخ ولكن يغضب عليها بإلباس بعضهم بأس بعض كما هو واقع الآن.
وعلي كل حال فإن كلمة الإصلاح ستستعرض فشل جميع قادة العرب في قيادة شعوبهم ولاسيما في التاريخ المنظور ، فقد عاشت هذه الأمة من النصف الأخير من القرن الماضي إلي يومنا هذا مع قيادات عربية كان بوسعهم أن يذهبوا عن هذه الدنيا زعماء عند كل فرد من شعوبهم دون أن يرينا القدر موتهم موتة نكرهها لأمثالهم من قادة هذه الأمة ، إن الصورة ا لبشعة لمصير أولئك القادة هي التي أغرتنا علي كتابة كلمة الإصلاح هذه ، ومن ما هيج الكتابة في الموضوع أيضا هو رؤيتنا لما فعله رئيسنا ورئيس حزبه بعد انتهاء القمة الإفريقية ، وبعد إشادة الجميع بنجاحها حيث عادوا للشعب الموريتاني بنجاح المؤتمر ليمزقوه تمزيقا بالبحث عن ديمقراطية يكون وقودها الكراهية والتمييز والرشوة والتعرف علي بعض والإعراض عن بعض والتنابز بالألقاب وإيقاظ النعرات الجاهلية البغيضة ، وذلك كله وقع بعد تعيين لجنة إصلاح للحزب علي حساب تمزيق وإخراج الخارج عن الحزب من حق المواطنة ، فقد نزعت الرئاسة من رقبتها المسؤولية عن كامل الشعب وجعلتها في يد آخرين وزراء وغيرهم ليشتتوا الشمل ويفرقوا بين المرء وزوجه فأسسوا الأحلاف لتتناحر فيما بينها داخل الحزب الواحد وأصبحوا هم المسؤولين عن هذا الشعب دون الرئيس ، ورئيس الحزب مكلف بتصريحات دائما تفرق ولا تجمع وكأنه رئيس كتيبة دائما متخندقة كأنه ترد هجوما عنه تتخيله قادما من الشعب ، وذلك من فصال إلي كرمسين غربا ومن امحيجرات إلي غابو جنوبا ، بعد ما كنا بالأمس دولة تودع ضيوفا يشيدون بنا والنشوة تغمر أفرادنا أصبحنا في الغد شيعا يستضعف بعضنا بعضا ونتمزق طولا وعرضا بسبب قول وفعل يصدر من رؤسائنا وقادتنا المفروض أنهم بوصفهم مسلمين ينفذون قوله تعالي : ((يأيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علي أنفسكم ،،،،،إلي قوله تعالي،،،،،،،وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا )) فكم ألوي كل من الرئيس ورئيس حزبه بوجهه عن مخاطبه المعارض أو عن توظيفه أو الاستماع لشكايته إلي كل الأعراض عن حقوقه في هذه الدولة ، ومن هنا أعود للتذكير بما فيه أمة العرب من الذل والمهانة والتشرذم لأرده إلي قضاء الله وقدره لنصل بهذا القضاء والقدر بما هو واقع فينا الآن حالا في موريتانيا ، فالمعروف لدي الجميع ان الناظر للعقود الأخيرة سيجد فيها قادة عربا هُيِئتْ لهم جميع الظروف أن يحيوا قادة زعماء وأن يموتوا كذلك محبوبين من طرف جميع شعوبهم بل من جميع الشعوب الناطقة بالعربية كما وقع ذلك لزعماء غير العرب حتى أن هتلر عندما تيقن الموت بعد زعامته اختار الانتحار عن اهانته أمام العالم كما فعلت ذلك زعيمة عربية قائدة وهي "الزبا" عندما تيقنت أنها مقتولة ابتلعت السم وقالت كلمتها المشهورة "بيدي ولا بيد قصير" ، أما زعماءنا نحن العرب مثل جمال عبد الناصر وصدام حسين والقذافي رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جناته فلم يكد صيتهم يرتفع بمصاعد الشجاعة والإقدام والتحرر حتى التحق به وبسرعة خبيثة مرض التكبر وتقسيم شعوبهم إلي عابد لذات القائد أو مقتول بخروجه عن تلك العبادة ، ومن هنا لا أدخل مع أي مجادل في إثبات هذه الحقيقة ولكن الواقع أن ميتتهم يندي لها جبين كل عربي مسلم ، مع أن مواطنيهم بل وكل العرب ذهبوا عنهم وتركوا الشعوب بعضها يعبدهم وبعضها يلعنهم وجميع المسلمين يدركون أن كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا بد وأن تظهر مصداقيتها دائما لكل عربي التحق بمضمونها فقد قال عمر رضي الله عنه : نحن أمة أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيرها أذلنا الله ، وهذه المقولة علينا الآن أن نحملها معنا إلي دول المشرق العربي ومصر لننظر إلي قادتها ، فما ينشر عنهم في وسائل التواصل الاجتماعي من الذل والهوان وطلب العزة عند المجرم اترامب وصهره كوشنر تخر له الجبال هدا ، فبالرغم من ما أعطاهم الله من الوسائل المادية التي هي إكسير كل قوة وعزة وإباء في الدنيا جعلوها أداة للتبعية والإهانة والتحريض علي كل من لم يتخذ أفكارهم حلية له يتجمل بها أمام الصهاينة وأتباعهم من القادة الأمريكيين والأوربيين ، فمن قرأ وسمع ما تكتبه وتقوله وسائل التواصل الاجتماعي من أي مصدر في الدنيا عن قادة دول المشرق العربي يتمني وهو من خارج تلك المنطقة أن يعمل سدا اكبر بكثير من سد ذي القرنيين بينه وبين هذه التسمية الجامعة له مع تلك الدول وهي كلمة "العرب" ، فنحن في المغرب العربي علينا أن نحمد الله أن العالم يعرفنا بدون سمعة دول الخليج ومصر الآن وهو ينظر إلي فلسطين وسوريا حين لا ينطق هناك إلا الأمة الفارسية أو التركية أما الأمة العربية في المشرق العربي ومصر فلا تذكر إلا بالذل والهوان حاملة لبلايين دولاراتها تتسابق بها إلي أنواع جيوب اترامب وصهره ليصدوا عن سبيل الله ولتكون عليهم حسرة في الآخرة وهم عن ذلك غافلون ، وإذا كان قادة دول المشرق العربي ومصر ابتلاهم الله بالتبعية لأعداء دينهم – فإن قادتنا نحن في موريتانيا ابتلاهم الله بالبحث عن ديمقراطية ترد قادتنا إلي قاعدة فشل قادة الأمة العربية لشعوبهم ، فبدلا من أن يقف القائد في مسافة واحدة من أمته فقراءها ومثقفوها وعاطلوها عن العمل ورجال أعمالها – الجميع تشملهم رئاسته عندما نجح كل في وصفه الذي ينعت به في الشعب وعدالة الإسلام وديمقراطية الغرب يأمران الرئيس بوجوب معاملة الجميع كمواطنين بدون النظر إلي موالاة أو معارضة إلا أن عدالة الإسلام ستعافيه في التقصير أما ديمقراطية الغرب فربما ساندته علي جميع أفعاله المتميزة بدون أن تتجرأ إلي فعل ذلك بشعبها ، فمن المضحك أن يقف وزير الثقافة ويقول أن من يظن أن الرئيس سيغادر الحكم بعد هذه المأمورية فهو واهم ، وأن السبب أن أغلبية الشعب متعلقة به وبإنجازاته للدولة ، وكأن هذا "الناطق" ينطق خارج موريتانيا أو أن موريتانيا شعبها حيوان لا يسمع ولا يبصر ، مع أننا الآن في معمعة انتخابية أعطي فيها الرئيس زمام هذا الشعب "المتعلق به " إلي أشخاص معينين في كل ولاية يعينون من يشاءون ويمنعون كذلك ، والمادة بجميع أنواعها تعيينا وترقية وتحويلا إلي آخره في أيديهم وهذا عام في جميع التراب الوطني ، أما من هو خارج عن قبضة أولئك الوكلاء فعليه أن يتعلق بقادة خارج موريتانيا ، فموريتانيا لا تعنيه ولا يعنيها ، بمعني أن المطلوب بقاءه لمأمورية أخري ، هل هو هذا الرئيس الذي لا يعرف أي شيء إلا عن وكلائه المسبحين بحمده أو بقاء وكلائه المباشرين للشعب ، ولا يعرفون إلا فضلهم عليهم أو إقصاءهم لهم إن لم يستجيبوا لتوجيهاتهم في صالوناتهم ، وباختصار فإن المتابع لحملة الانتساب للحزب الحاكم وكيف وزع منتخبوه وكيف عينت لجنة الانتخابات وكيف صدرت تواريخ الاستحقاقات يدرك جيدا أن الشعب الموريتاني بعضه له رئيس يعين وكلاءه للتعامل معه وبعضه يطلق عليه المعارضة لا رئيس له في أي حق يتعلق بالدولة ، وبذلك يكون انتماؤنا للأمة العربية انتماءا صحيحا ، ألا وهو فشل قادة العرب في قيادة شعوبهم ، مع أن جميع الدول العربية دولا مسلمة وقيادتها مسلمة إلا رئيس واحد ، وهم دائما يسمعون قول الرسول صلي الله عليه وسلم في صحيح مسلم : ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين يبغضونكم وتبغضونهم وتلعنونهم ويلعنونكم ألخ الحديث ) وأنا لا أعرف قائدا عربيا واحدا إلا ويلعنه كثير من رعيته وهو يلعنهم والله يقول للجميع : (( واتقوا يوما ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسب وهم لا يظلمون )) .