لم أجد ما أعبر به عما حدث يوم السبت 10 يوليو 2010 بقصر المؤتمرات، الا أن أستعير كلمة الشيخ الوقور حسن الترابي عندما قال على أمواج الأثير مخاطبا تلميذه السابق " فضحتنا" على العالم... من المؤسف جدا أن نقاتل بكل جوارحنا طيلة السنتين الماضيتين، لاستعادة حلم التغيير، وتجديد الطبقة السياسية الذي سرق منا سنة 2007 ، لنجد أنفسنا في ورطة أكبر، سرقة التغيير، لكن هذه المرة بأسماء جديدة، و بأسلوب وعقلية الحرس القديم.
سيدي الرئيس.
لقد رفضت طيلة ما يقارب العقدين من الزمن، أن أشارك في وهم الديمقراطية التي اكتشفت بعد تصويتي لدستور سنة 91، ان المقصود منها هو تشريع نهب أموال هذا الشعب المغلوب على أمره، وتكفيرا عن هذا الذنب آليت على نفسي أن احتفظ بصوتي، فلم أقف منذ ذلك الحين على مكتب انتخابي لأ صوت لأي كان كما لم انتسب لأي حزب سياسي.
سنة 2006 أعدت الكرة مع التعديلات الدستورية، لأكتشف لاحقا سنة 2007 أن ما جرى كان مجرد شوط ثان من المباراة، تم فيه، استبدال اللاعبين بآخرين جدد، ومع ذلك رفضت أن تنطفئ شعلة الأمل في نفسي، وانتظرت أن تحدث معجزة تجعل ظنوني في غير محلها، وبتوفيق من الله كفاني العداد شر التصويت، عندما أسقِط اسمي من لوائح الانتخابات، فحمدت الله على ذلك وبقيت انتظر التغيير.
سنة 2008 جاء الفرج أسرع مما كنت أتوقع ـ مصائب قوم عند قوم فوائد ـ واستطعت أن أقنع نفسي بأن الانقلاب قد يكون السبيل الوحيد للديمقراطية الحقيقية، رغم ما أجد في ذلك من تناقض مع منطق العقل و التجارب السابقة، وأقنعت قلبي بعد أن أعياني عقلي أن للقاعدة استثناءات..
و في غمرة العمل للعبور بمشروع موريتانيا الجديدة، أنستني أحلام التغيير البناء والخطاب الثوري الذي حملتموه، والانجازات العديدة التي عشناها وقعا ملموسا في حياتنا، رغم شح الموارد، أن أفكر في إمكانية إنتاج الماضي، أو إجهاض التوجه الجديد، رغم الضجيج والصخب الذي يحدث البعض من حين لآخر بهذا الشأن..
وكان لي أ قطع الشك باليقين، عندما حضرت الكلمة التي القيتم بمناسبة تشكيل المكتب التنفيذي المؤقت عندما أعلنتموها صريحة " إننا ندرك أنكم قد لا ترضون عن هذه التشكلة لكنها مؤقتة، واعدكم بان الهيئات التي سيتم تنصيبها ستكون باختياركم ، وستكون منبثقة وممثلة للقواعد الشعبية..." معلنا بذلك قطيعة مع الماضي.
سيدي الرئيس،
لا أزلت اعتقد أنك على وعدك، لكن ثمة خطأ أعجز عن إدراك ماهيته، وسأبقى محرجا ممن انتخبوني مندوبا لدى المؤتمر، إلى أن أجد تفسيرا مقنعا لما حدث، وسأبقى خجلا من بعض أقاربي وزملائي الذين نصحوني بالابتعاد عن خوض السياسية تحت ظل الأحزاب الحاكمة، والذين كنت أرد عليهم منتفشا ان موريتانيا الجديدة... حزبها الحاكم يختلف عما عرفوه سابقا.
سيدي الرئيس،
لا أخفيكم بان ما حدث يوم السبت شكل صدمة بالنسبة لي ـ وربما يكون هذا المقال أحد تجلياتها ـ رغم أني حضرت وأنا متيقن من أننا سنقوم خلال المؤتمر بإصلاح الأخطاء التي ارتكبت خلال مرحلة الانتساب وتنصيب الهيئات القاعدية، و على الأقل في مقاطعتي عرفات التي ظلمت مرتين الأولى عندما أطلق العنان فيها لبعثة ظهر لاحقا أن بعض مسؤوليها كان لديهم مرشحين على مستوى المقاطعة، وهذا ما يتنافى مع منطق الحياد وظلمت مرة ثانية وبشكل أفظع عندما حرمت من التمثيل في المجلس الوطني ـ عفو هنالك من يحسب عليها اعتقد أن قلة من سكان المقاطعة يعرفون بأنه يمثلهم ـ رغم أنها اكبر مقاطعات البلد ، أرسلت 34 مندوبا إلى المؤتمر كنت من بينهم ـ وتلك قصة أخرى سأكتب عنها في وقت لاحق ـ وتعتبر خزان انتخابي يفترض أن يكون لها وضع خاص ونحن على أبواب استحقاقات انتخابية قريبة.
سيدي الرئيس،
إن كل التجاوزات السالفة تهون أمام الأسلوب الغريب الذي انتهج في انتخاب المجلس الوطني، والذي تضمن إهانة بالغة لمعظم المؤتمرين، حيث يبدو جليا أنهم لا يتمتعون بأهلية تخولهم ترشيح لوائحهم ـ رغم أنهم أثبتوا يوم 18 يوليو أهلية كاملةـ بدل أسلوب التعيين الذي غلف بعبارة الاقتراح، واقتصار تصويتهم على التصفيق بدل الاقتراع.
إن ما حدث يعتبر نكسة خطيرة عليكم أن تستعدوا من الآن فصاعدا للعمل على التخفيف من آثارها، وأفضل السبل لذلك إجراءات تدخل كل بيت موريتاني بدل الأسلوب القديم الذي قد ـ ينصحكم به البعض ـ والقائم على أساس إرضاء البعض بشكل فردي والذي سيكون بالتأكيد على حساب النساء والشباب وفي مرحلة لاحقة لجنة الإعلام ، فهذا النوع من الإجراءات في حقيقته لا يعدو كونه مسكنا لن يلبث المستفيد منه أن تعاوده الأوجاع حالما ينتهي مفعول المسكن .
ملاحظات:
ـ إن هذا المقال يعبر عن رأيي الشخصي في المؤتمر
ـ أتمسك بانتسابي للحزب
ـ اعتذر لزملاء في صحيفة "الاتحاد" عن المشاركة في العدد الخاص بنهاية المؤتمر، لان قناعتي الشخصية هي ما كتبت في المقال، وأتمنى أن يتفهموا موقفي.