فرصة اللحظة الأخيرة / حبيب الله ولد أحمد

 

altمع بداية الأسبوع القادم ستجد السلطات نفسها فى مواجهة غير محسوبة النتائج مع مركزيات ونقابات عمالية غاضبة من التهميش والظلم الممارس بحقها مدفوعة بموجة احتقان عارمة تعصف بالطبقة العاملة فى البلاد وتجعلها على استعداد عفوي للدخول فى أية نشاطات احتجاجية مهما كان شكلها.

خاصة فى ظل تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار والتوتر السياسي وحتى الاجتماعي، وضبابية ملامح هذه المرحلة المعقدة سياسيا واقتصاديا وأمنيا من تاريخ البلاد، وهذه كلها ظروف تدفع الناس عادة للشعور بالإحباط، والأخطر من ذلك أنها أيضا موجة قد تركبها جهات سياسية محلية أو حتى خارجية لتحقيق مآربها الخاصة.

وفى لوحة بهذه القتامة يكون على الحكومة -إذا كانت تحترم نفسها وتحرص على المصلحة العليا- التحرك بسرعة لقطع الطريق على إضراب العمال بمباشرة حوار حقيقي جاد مع ممثليهم ووضع خارطة طريق استعجالية لتجفيف منابع الإضراب وعلاج أسبابه المتمثلة أساسا فى ترسيم علاوتي نقل وسكن يرى العمال أنهما غير واقعيتين، وانه كان من الواجب التشاور بشأنهما مع ممثلي العمال والشركاء الاجتماعيين ليتم إقرارهما بالتراضي بدلا من ترسيمهما بطريقة استعراضية انتخابية مرتجلة تنطوى على استخفاف ضمني بالعمال ونقاباتهم.

ولو واجهت حكومة أخرى فى مكان اخرمن العالم هذا التحدي لاستقال رئيسها، ووزيره المعني مباشرة بقضايا التشغيل وملفات العمال طواعية، أو تمت إقالة الحكومة برمتها من طرف الرئيس وهو ما لم يحدث عندنا هنا فى موريتانيا عبر تاريخنا السياسي المعاصر .

نعم، كان بمقدور ولد عبد العزيز، وربما يفعلها فى أية لحظة، إقالة الحكومة الحالية أو على الأقل تنحية وزيرها الأول ووزيرته المعتنية بالوظيفة العمومية والشغل. فالرئيس عسكري ويعرف أن التضحية بعدة جنود لإنقاذ الموقف أمر مقبول عسكريا، ومن الأكيد أن التضحية بالحكومة الحالية ستكون ضرورية لإنقاذ البلاد من أجواء التوتر وتجنيب السلطات الدخول فى صراع غير محسوب النتائج مع نقابات متذمرة فرقتها السياسية واختلفت مشاربها الاجتماعية لتتوحد حول الإضراب، وتقرر المضي قدما فيه مهما كانت العواقب والتحديات.

فليقل الرئيس وزيره الأول وحكومته، أو على الأقل وزيرته المكلفة بالوظيفة العمومية فورا، وليبدأ حوارا عاجلا مع العمال يتم عبره التوصل إلى حل نهائي لأزمة العلاوات المثيرة للجدل، وحل مشاكل العمال العالقة وربما يتم التراجع عن الإضراب بمجرد الدخول فى ذلك الحوار.

إن الرئيس مطالب بالتحرك العاجل فى ذلك الاتجاه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أوضاع محلية متردية على جميع الأصعدة.

إنها فرصة اللحظة الأخيرة فمن ينتهزها؟

 

30. نوفمبر 1999 - 0:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا