"شمال مالي" يحترق.. ليقرأ السنغال الرسالة / المختار السالم

altأخطر ما يواجه الرسائل السياسية هو "سوء نية القارئ"، أو تقصيره عن استنباط "الصياغات" و"التأويلات"، خاصة إذا كانت الرسالة من الجهة غير المتوقعة.. مرات عدة يتم تنبيه السلطات السنغالية أن اللعب بالورقة الداخلية الموريتانية أمر خطير ولا يخدم الشعبين ولا البلدين ولا سياسة حسن الجوار، ولا المنطقة الإقليمية.

إلا أن السنغال لم يشأ فهم "أبجدية" التنبيه، ونحوه وصرفه، فقرر المضي بتصدير بعض "أحلامه" وبعض "مشاكله" إلى موريتانيا..

فمنذ سنة 2005، ومجيء "عسكر الثورة" تتابعت الخطوات غير المهذبة، بحثا عن "تركيع" نواكشوط حتى "تغرق" في"الأحواض الناضبة"، وترفع "الصنارة" بشكل فوضوي، ولم لا تصدير دولية قومية زنجية إلى جنوب البلاد.. واللعب بورقة مشاكل الأغلبية العربية من سمر وبيض.. وثم أخيرا الحد من تسليح الجيش الموريتاني لأن ذلك يعني "دورا إقليميا" لدولة البداة ليس من حقها "بعد".

منذ ذلك الحين قررت السنغال رعاية المنظمات "الحقوقية" الموريتانية، "اليهودية الرؤية والتمويل"، وفتحت دكار كواليسها لضباط الاستخبارات الإسرائيلية للإشراف عن قرب على تشكيل مليشيات الفوضى والموت الحضاري..

ولا أحد يخفى عليه ما يقوم به مسؤول الموساد والضابط في الجيش الإسرائيلي "جابرييل هاقاي" ورفاقه في دكار، سواء ظهر باسم رجل دين مسيحي، أو عمل في تصليح الأجهزة الالكترونية،.. أو غيرها من وظائف.. ولا أحد تخفى عليه رائحة المال الصهيوني الذي ينفق لتمويل الاضطرابات في المجتمع الموريتاني لإخراج "نسخة دارفورية" أخرى.. تحت واجهة "لا تلمس جنسيتي" أو محاربة العبودية أو أي من العناوين المتعددة الأبواب التي تنتهي بنفس السرداب.

وليس هذا مجال لاستعراض المعلومات فدكار لا تزال "عاصمة زجاجية"..

إن السفير السنغالي بنواكشوط ممدو كان، رجل طيب وسفير ذكي، يمكنه نقل هذه الرسالة دون "تفسيرات" كثيرة.. فمصالح الشعب السنغالي تهمنا كثيرا لأنه شعب مسلم شقيق.. إلا أن الظروف أحيانا تفرض على المرء "رفع القاطرة لإصلاح السكة"..

منذ ثلاث سنوات، و"الأصدقاء" في باماكو حددوا مسؤولية واحدة للجيش المالي والاستخبارات .. هي رصد تحركات الجيش الموريتاني ومــد القاعدة بكل ما يمكن أن يساعدها ضد موريتانيا.. تصور ألئك "الأصدقاء" أننا لا زلنا "بداة رحل" شكلا ومضمونا.. فتحوا شمالهم لتحطيم موريتانيا وحملت إليهم الظروف جيشا جاهزا ومستعدا لذلك من كتائب "أبي" و"ابن"..

الماليون الذين يواجهون اليوم هجمات الطوارق بكل ما يملكون وما لا يملكون، كانوا قد رفضوا القتال ضد الإرهاب، فهم لا يملكون الإمكانيات!.. وعندما توجه الجيش الموريتاني لتطهير الإقليم من كتائب التنظيم، كان سلاح المعلومات المالي أخطر ما واجهه جيشنا.. لقد انتصرنا في تلك المعارك عندما تأكدنا أن "مرافقينا" في الصف الآخر..

لم تفلح الرسائل البسيطة في إقناع الماليين بالتوقف عن التحالف مع الإرهاب والجريمة المنظمة.. وظن بعضهم أن تلك التصريحات والمظاهر في استقبال الجيش الموريتاني أو توديعه كافية لطمس الجريمة..

اليوم تحترق أصابع باماكو.. فالشمال المالي يشتعل.. وسيبقى كذلك إلى "حين" من الدهر... ويخطئ من يظـن أو يتوهم أن بإمكانه تصدير الألم وهو مرتاح البال..

على السنغال أن يكف عن اللعب بأعواد الكبريت..لا نريد منه مساعدة في حل مشاكلنا الداخلية فسوف نسويها على طريقتنا.. ولكن من المهم الآن أن يقرأ السنغال "رسالة شمال مالي" بما تفرضه الظروف من حكمة.. وقبل فوات الأوان، فعادة عندما يتعلق الأمر بمصالح الأمم والدول لا يتوفر الكثير من الوقت لحسن النية.

30. نوفمبر 1999 - 0:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا