رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية/ حتى لا تغرق السفينة..!! / حبيب الله ولد أحمد

alt(من المخجل أن نتفرج على وطننا الحبيب صريعا تحت أقدام نظام لا يريد أكثر من البقاء فلي السلطة بأي ثمن ومعارضة لا تريد سوى الوصول إليها بأي ثمن...ويتطلب منا الانحياز لموريتانيا الموحدة والمستقلة و المستقرة وضع النقاط على الحروف ومخاطبة الجميع بصدق وأمانة بحثا عن مخرج لأزمتنا الحالية ومحاولة للخروج من نفقها المظلم).

سيدي الرئيس محمد ولد عبد العزيز، أخاطبك اليوم عبر هذه الرسالة، وقد بلغت قلوبنا الحناجر، وضاق علينا وطننا بما رحب، ظلما، وغيابا للرغيف، والعدل، والرحمة، وحتى المطر..!!

أخاطبك، وقد بلغ السيل الزبى، وأنت قبطان سفينتنا المبحرة نحو المجهول، تتقاذفها أمواج الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية، والماء يتسرب حتى إلى مقصورة القيادة، والشراع تآكل، وما عاد قادرا على مواجهة كل هذه العواصف مجتمعة...!!

سيدي، إننا نغرق شئتها أم أبيتها...انظر إلى البوصلة أمامك، لقد فقدنا الاتجاه، واختلطت علينا الدروب الموحشة، وحاصرنا الموج، ولا شاطئ يلوح في الأفق...انظر سيدي، إننا خلفك في السفينة، والماء هنا نراه بوضوح، ومعه كل الحيتان المفترسة... وهنا بالذات حيث فقدنا الاتجاه وتعمقنا في ظلمات الموج، لا أثر حتى للدلافين الحنون.

سيدي لا بد من محاولة عاجلة وصادقة لتشغيل وتقريب قوارب النجاة، على ضعفها وتعطل معظمها...لابد من تجريب صمامات الأمان بسرعة، وفتح كل الممرات الآمنة (إن وجدت) فوق ظهر السفينة، فهذا بحر لجي، والسفينة تتأرجح، ولا أمل في نجاتنا من الغرق، فحتى القفز هنا هو ضرب من الانتحار اليائس.

ومع ذلك سيدي، فما زالت لدينا فسحة أمل، و لديك هامش لإنقاذ السفينة من الغرق...يمكنك هنا استحضار ما فعله "النوتي" العجوز عبد الله واد، مع السفينة المبحرة قبالتنا جنوبا...لقد رأى سفينته تدخل نفس المأزق، ففتح الطرق الآمنة، وربط القوارب، وشد حبال النجاة إلى السفينة، وكافح بقوة مع كل الركاب، حتى أوصلها بحكمة وشجاعة إلى اليابسة...تتذكر العنف والدماء والفوضى التي سادت سفينته قبل أن يتوقف لمحاسبة نفسه، لقد امتلك الشجاعة، وكان قبطانا رائعا عندما ترك ركاب السفينة السنغالية يجدفون بأنفسهم مجتمعين، و بأمان نحو اليابسة.

سيدي يمكنك فعل شيء من أجل سفينتنا الموريتانية المنكوبة، وركابها الحيارى...أنت وحدك يمكن أن تعيد السفينة إلى اليابسة، كما أنك وحدك الذي أبحرت بنا على غير هدى، منذ قفزت فوق ظهورنا إلى مقصورة القيادة، ذات صباح صاخب وعاصف ....إن لدينا حبالا كثيرة للنجاة، والسفينة- كما تعرف- دخلت مآزق عديدة قبل الآن (لست يا سيدي أول قباطنتها ولن تكون الأخير ولا نوتيها الوحيد ولا الأوحد)، لكنها نجت بركابها، لأن من بينهم دائما من يرفض إغراقها، ويتطوع بجهده وفكره لإنقاذها، وإعادة مسارها الصحيح، تذكر سيدي أن الإنفراد بقيادة سفينة منكوبة، وعدم التشاور مع ركابها، وإشراكهم في كل مراحل محاولات إنقاذها، من الفكرة الأولى، إلى التنفيذ الأخير، أدى دائما إلى غرق سفن عديدة - عبر التاريخ- بكل ركابها ،وفى كل مرة يدفع القبطان- المنفرد برأيه- ثمن ذلك، فيغرق قبل الجميع ولات حين مندم..!!

سيدي، إليك بعضا من "حبال النجاة"...حاول التشبث بها، وربطها إلى السفينة، وإلا فعلينا، وعليك، وعلى السفينة السلام...!!

- أطلق سراح السجناء كل السجناء السياسيين وأصحاب الرأي الذين لم تأخذ ملفاتهم طريقها إلى العدالة حتى الآن وأسرع بمحاكمة الموقوفين السياسيين الذين أخذت ملفاتهم مسارات قضائية ليقول القضاء كلمته فيهم دون ضغط أو تدخل أو تحريف لمسارات ملفاتهم وافتح للجميع أبواب التوبة والتسامح والدفع بالتي هي أحسن وأصلح قطاع العدالة وانتبه لوضعية السجون وحقوق الإنسان فإنها مزرية للغاية.

- اترك للناس حرية التجمع والتظاهر والاعتصام إلا أن تتحول تلك المناشط إلى فوضى وخروج عن سياقات السكينة العامة حينها لا تثريب عليك إن بسطت هيبة الدولة وسيادة الطمأنينة دون قمع أو استخدام مفرط للقوة أو المساس بكرامة المواطن وممتلكاته وحقه في التعبير عن رأيه.

- شكل حكومة توافق وطني بالتراضي ومجلسا أعلى للمستشارين(الحكماء) للبت في القضايا السياسية (يعهد إليهما بالإشراف على مرحلة انتقالية لمدة سنة أو نصفها تهيئة لانتخابات رئاسية وبلدية ونيابية حرة ونزيهة تحت إشراف خارجي مستقل) والاقتصادية والأمنية العالقة وأشرك في تلك الحكومة وذلك المجلس كل ألوان الطيف السياسي المحلي من أغلبية ومعارضة محاورة ومعارضة معتصمة ومعارضة صامتة ومجتمع مدني وأقم الحجة على من يرفض دخول الصلح واتركه للشعب يحاسبه عاجلا أو آجلا(ليس عيبا أن تتنحى أو تعود إلى الثكنات محاربا تحت السلاح دفاعا عن البلاد وكرامتها وحدودها أو تعود إلى الصفوف الخلفية بدون سلاح لتخدم بلدك مع كل مواطنيه حينها ستخرج من الرئاسة لكنك يقينا ستدخل قلوب كل الموريتانيين وسيصبح لك تاريخ ربما أنك في أمس الحاجة إليه الآن أكثر من أي وقت مضى) .

- خفض أسعار المواد الأساسية والمحروقات فورا ولترفع كما شئت أسعار الكماليات وعين لجنة رقابة عليا للسوق توقف المضاربات وتضع حدا للفوضى في السوق المحلية فنحن نموت جوعا في الشوارع ولم نعد نحتمل وطأة الارتفاع اليومي للأسعار( أليس مشينا أن يعجز المواطن الموريتاني على شاطئ المحيط الأطلسي الغني بالأسماك عن الحصول على سمكة"يايبوي "صغيرة بسعر مناسب لوضعه الاقتصادي في نفس الوقت الذي تترامى فيه "عذارى" النصارى والآسيويين والأمريكيين بلحم وشحم"كهداب الدمقس المفتل" لمختلف أنواع أسماكنا المنهوبة غصبا وظلما واحتقارا لسيادتنا وأحقية مواطنينا في الاستفادة قبل غيرهم من ثروات بلدهم..؟!)

- ارفع أجور الموظفين خاصة من ذوى الرواتب الواطئة وأعفها من الضرائب والاقتطاعات ووسع نطاق التأمين الصحي لأسر عمال الدولة وموظفيها فأنت تعرف بدون شك أن كل واحد منهم يعيل أسرا عديدة بفعل قوة الأواصر الاجتماعية وعقيدة التكافل الراسخة والضاربة جذورها وراثيا في عقليات كل الموريتانيين .

- عمم أعلاف وأدوية الحيوان ولو بأسعار مخفضة فالناس يفقدون مع كل روح بشرية يوميا خمسة رؤوس من الماشية والقطعان بدأت تنقرض جفافا وموتا بالجوع والمرض.

- أعد المعهد العالي سيرته الأولى وأعد للجامعة حياتها وانسجامها ولحمة طلابها وأبعد عنها أغلبيتك وحكومتك ومستشاريك ولك علينا دعوة المعارضة بكل أحزابها وتياراتها لإبعاد أصابعها السياسية عن حرم الجامعة وترك الطلاب وشأنهم بعيدا عن التجاذبات  التيارية المقيتة وقم بحل مشاكل الأساتذة فورا بما في ذلك رفع التعليق عنهم وإعادة رواتبهم المقتطعة ليعودوا إلى أقسامهم راضين مرضيين ليدخلوا مؤسساتهم ويدخلوا بصدق معركة تنمية بلدهم وإعداد أجياله القادمة بطمأنينة

- ادمج حملة الشهادات والعمال غير الدائمين في الحياة الوظيفية النشطة لتستفيد البلاد من خبراتهم وتجاربهم ويستفيدوا من ثروات بلدهم ووفر للراغبين منهم فى الاستثمارات الصغيرة قروضا ميسرة لإقامة مشاريع تعود بالنفع عليهم وعلى مواطني بلدهم وتسهم فى دفع عجلة التنمية المحلية.

- أبعد أهلك وأقاربك ومقربيك وأصدقاءك من مدنيين وعسكريين عن المناصب والنفوذ والامتيازات إلا أن تكون مناصب وامتيازات مستحقة بالخبرة والكفاءة وحدهما(ليس عدلا أن تمنح150وظيفة خلال أقل من سنتين على اعتبارات أهلية ضيقة تغيب عنها الكفاءة والأحقية تماما كما أنه ليس عدلا أن يشترى ثلاثة أفراد القصور والمحميات والإقطاعيات فى الداخل والخاج بينما يعانى ثلاثة ملايين مواطن من الجوع والبؤس والمحاق) .

- أنشأ ديوانا رئاسيا خاصا للمظالم وعين عليه رجل قضاء وقانون صادق وثقة ووطنية وصرامة وكفاءة مشهودة (يستعين بهيئة استشارية متعددة التخصصات وتضم خبراء من كل القطاعات الحكومية المعنية مباشرة بالهموم اليومية للمواطن مثل الإسكان والتعليم والصحة والأمن والمياه والكهرباء) ليتولى إيصال مظالم الناس إليك مباشرة دون المرور بأية قنوات أخرى ومع كل مظلمة اقتراح من الهيئة الاستشارية لطريقة ردها وعلاج آثارها وضمان طي ملفها بشكل نهائي.

- افتح الإعلام العمومي ودع الناس يتنفسون هواء الحرية الحقيقية فكبت العقول والبطون والأصوات سبب من أسباب اندثار الأنظمة والدول والمجتمعات.

- فك ارتباطك وارتباط الدولة بشكل قاطع وحاسم ونهائي مع حزب الدولة الحالي و"الحزيبات" التابعة له فهو والله مصدر لخراب هذا الوطن حيث لم يستقطب سوى المنافقين والمتآمرين واكلة المال العام وباعة المواقف والمخلفين من نظام ولد الطايع( هل يعقل أن يمتلك حزب أغلبية برلمانية بشراء الضمائر فقط دون المرور بصناديق الاقتراع ومتى كان المنصب الانتخابي وراثيا يتركه حزب لحزب أو شخص لشخص..؟؟!!)  لا تعاقبهم ولا تسجنهم ولكن أرحنا منهم وأبعدهم عن الواجهة و لك علينا أن نقول للمعارضة أن تريحنا من وجوه طالما تشدقت بالمعارضة مع أنها لم تقدم للبلاد سوى مزيد من تجارة المواقف وإشاعة الفرقة والتدابر بين أبناء الشعب الواحد.

- قدم لنا في وسائل إعلامنا جيلا جديدا من الإعلاميين والصحفيين والعلماء والمثقفين والأطباء والفنانين تنسينا إطلالته وجوها باهتة باتت مصدر قلق و"حموضة"وتقزز لنا ونحن ننام عليها ونستيقظ عليها منذ ولد الطايع ولا تنس إبعاد كل الإدارات الحالية للإذاعة والتلفزيون والوكالة واستبدلها لنا بإدارات جديدة نقية لم تدخل معسكر التجسس والنفاق و"اللواط" الفكري والسياسي، وأعد النظر في بعبع "الهابا" وامنح التراخيص على معايير واضحة وشفافة فلوحررت الفضاء السمعي البصري حقا لما هرب البعض إلى الفضاء الخارجي بأمواله وأجنداته و ولاءاته الخارجية لنشر الغسيل وإطلاع العالم على الوجه الكريه للإعلام الموجه المرتبك المهين لنا كموريتانيين( قد نكذب على أنفسنا محليا و بيننا لكننا لا نريد أن نكذب على الآخرين ونوهمهم أن لدينا إعلاما ناضجا ووطنيا مسؤولا يستحق فعلا ولوج آفاق العالمية).

- أصلح قطاع الصحة لا نريد مستشفيات "الحيطان المطلية" جهز لنا فقط مستشفيين وطنيين مرجعيين حقيقيين متكاملين واستجلب لنا أدوية موثوقة المصادر غير خاضعة للتجار والسماسرة ومصاصى الدماء الباحثين فقط عن الربح والربح وحده جازاك الله خيرا وأرحنا من كل هذه المسميات الصحية والطبية الفضفاضة التي تخفى وراءها عجزا حقيقيا عن تقديم أي شيء للمرضى...(التداوى بالمسميات تقنية محلية أثبتت فشلها) ....وتذكر يا سيدي أن مستشفانا المركزي(الذي كان وطنيا ذات تاريخ) منهار وفارغ ولم يعد أكثر من واجهة أشجار وبناية خرساء يعشش فيها الموت والموت وحده وأحط مرضى القلب والكلى والحروق والسرطانات برعاية استثنائية تجعل التكفل بوضعياتهم مسؤولية رئاسية حتى لا تستمر معاناتهم مع وزارة الصحة الفاشلة في التعاطي معهم واقطع خطوة باتجاه مجانية عمليتي "القيصرية" و"استئصال الزائدة" على عموم التراب الوطني على الأقل بالنسبة للمرضى الفقراء من غير الموظفين أو العقدويين أو عمال القطاع الخاص ومن غير المؤمنين صحيا واجتماعيا.

- حسن الأوضاع المادية والمعنوية لصغار الضباط والجنود وامنحهم ما يحتاجونه في مهمتهم النبيلة وأبعدهم عن الشأن السياسي واجعل مؤسستهم تسير بانضباط وانسجام دون تهميش أحد أو تجاوز حقوقه وكفاءاته ودوره و عطاءاته  ( تذكر أنه عندما يتورم  رأس الطائر على حساب جناحيه ورجليه يصبح في حالة عجز سريري عن الطيران).

- أبعد عن الواجهة كل من يثبت أنه تسبب في أذى للوحدة الوطنية أو المصلحة العليا لموريتانيا وشعبها أو نهب مالا عموميا أو استخدم منصبه لإذلال مواطن أو التجني على حقوق الآخرين بمافى ذلك عشرات المنافقين واللصوص والمفسدين وتجار المواقف المحيطين بك تحت يافطة الأغلبية (من بينهم من نهب مؤسسات سيادية ومصارف وميزانيات وتمويلات ومنح طلاب وأرغفة فقراء) .

- اسأل نفسك وأهلك وأقاربك ومقربيك وكبار وزرائك وأصفيائك وأغلبيتك ورجال أعمالك بوضوح: "من أين لي ولكم ولنا هذا"..؟؟!!.

- أنقذ دبلوماسيتنا وأخرجها من وضعها السيئ وحسن علاقاتنا مع الجميع واحرص على التوازن في تلك العلاقات بما يخدم مصالحنا العليا ولاتكن طرفا في أي نزاع إقليمي أو دولي لا تدعم انفصالا هنا أو تمردا هناك (إن الدول التي تدعم الانفصال والتمرد على دول أخرى معرضة لأن تشرب من نفس الكأس وتعامل بالمثل من طرف الآخرين) احم حدودنا.. نعم أغلق علينا وطننا بنار وحديد ورجال جيشنا الوطني القوي و المقتدر ولكن دون ظلم للجيران أو المساس بأمنهم وأراضيهم ووحدتهم الداخلية واجنح للسلم مع أية جماعة مسلحة يمكن التفاهم معها دون المساس بكرامة الوطن الموريتاني ومواطنيه والتفت إلى طلابنا في الخارج فمعاناتهم تفوق التصور والتفت إلى جالياتنا في الخارج فلديها إحساس بالضياع الوطني وبأنه لا أحد تهمه أوضاعها ومعاناتها في دول عديدة- عبر العالم - تحتقر الأجانب والمقيمين خاصة القادمين من دول هشة الكيان الوطني سمعة ومهابة ونفوذا ولا ترى لهم مكانا خارج أنظمة السخرة والأعمال الواطئة.

- تصالح مع الأطباء والممرضين وعمال الصحة والأساتذة والمعلمين وعمال التعليم..اعطهم حقوقهم ونفذ تعهداتك لهم ولا تتركهم لوكلائك يسومونهم سوء العذاب واكتتب المتقاعدين منهم وخريجيهم من خارج سلك الوظيفة العمومية تغطية النقص الحاصل في أطر القطاعين وأقم بنية تحتية حقيقية لقطاعي التعليم والصحة تأخذ بعين الاعتبار احتياجات البلاد وضرورة تكوين الأجيال القادمة تكوينا معاصرا توفر له كل الوسائل الضرورية ومن الهم يقينا اصلاح المنظومة التربوية بسرعة وتنقيتها من التجاذبات السياسية التي طالما "فخختها" عن طريق ألغام الهوية واللغة والتابوهات العرقية والاجتماعية.

- امسح ومن الآن وبصدق وعزيمة جراحات الوحدة الوطنية(لا تقوم الوحدة الوطنية إلا على لحمة الإسلام الصحيح البعيد عن الأهواء والتجاذبات السياسية وتجارة الفتاوى وعلى تنمية اللغة العربية الجامعة والاهتمام باللغات الوطنية الشعبية وإذابة الفوارق والتراتبيات الاجتماعية والفئوية والعدل والمساواة ومنح الجميع حقوقهم في الخبز والماء والهواء والكرامة والتعبير عن الرأي) تذكر الزنوج العائدين من رحلة التهجير ألقسري أعد لهم  المناصب والوظائف والمنازل والمزارع والامتيازات والقطعان ومدافن الأجداد أعد الضباط والجنود العرب المفصولين ظلما وعدوانا لمناصبهم واعظهم ما يستحقونه على بلدهم وعليك بالعرب السمر فإنهم ظلموا طويلا ومن حقهم أن يعيشوا الحرية الحقيقية صحة وتعليما وتوظيفا وإعادة للاعتبار عن طريق تنمية "آدوابه" وتزويدها بمستلزمات الحياة والتنمية والقضاء الفوري على كافة مظاهر الرق ومخلفاته ودمج الأرقاء السابقين في الحياة النشطة عبر مؤسسة وطنية تتكفل بتشغيلهم وتمويل مشاريع تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم فالخروج من العبودية للبشر لا يعنى عادة عندنا هنا في موريتانيا الخروج من العبودية الاقتصادية المهينة( بطبيعة الحال فإن الليبرالية الرعناء المتوحشة تكرس العبودية الاقتصادية لرأس المال وتخرج العبودية من أطرها العرقية والفئوية ليصبح الجميع في النهاية عبيدا للمال والمال وحده بشريفهم و وضيعهم) إذ طالما بقي العبد المحرر تابعا لسيده اقتصاديا واجتماعيا لأنه لا يملك بدائل حقيقية للخروج من العباءة الاقتصادية لسيده السابق الذي يتكفل حتى بعد تحريره بكل مصاريف علاجه ومأكله ومشربه ومسكنه حتى أن عرفان العبد السابق بالجميل لسيده السابق ووفاءه له ينظر إليه دائما من طرف البعض على أنه استمرار لقبوله بالعبودية والحياة"العلندية" فى أحضان السادة السابقين من  ولذلك فالتحرر الاقتصادي للعبيد لابد أن يتوازى مع حصولهم على التحرر الذاتي من كل قيود العبودية وأشكالها وتجلياتها وتذكر أن دماء العرب(بيضا وسودا) والزنوج هي التي حمت مجتمعة ومختلطة حوزة البلاد وكرامتها أيام معارك التوحيد والسيادة وأن الدم الموريتاني لا يتجزأ أبدا..وبنفس القدر اضرب بقوة وحزم و بيد من حديد دعاة الفتنة والفرقة والعنف والفوضى أيا كانوا وأينما كانوا.

- انزل بصدق من برجك العاجي إلى الأحياء والقرى والأرياف البائسة وامسح على بطون الجوعى ورؤوس اليتامى والثكالى والمعوزين وواصل عملية التخطيط والإيواء ولا توقفها حتى يجد كل فقير قطعة أرض يسكنها حيا(إذا استطاع) أو ينام فيها بهدوء(على الأقل) عندما يموت جوعا أو عطشا أو مرضا وتذكر آلاف المعوقين وذوى الاحتياجات الخاصة فهم بدون شك بحاجة لهبة وطنية للتخفيف من معاناتهم بإنشاء صندوق وطني يعهد إليه بالتكفل بهم ودمجهم في الحياة النشطة ومن بينهم يقينا ضحايا من الجيش الوطني أذابوا زهرة شبابهم دفاعا عن السيادة الوطنية و ينبغي رد الاعتبار لهم ضمن مجهود وطني شامل وفعال.

- التفت إلى رجال الأعمال الوطنيين وادمجهم في الدورة الاقتصادية الوطنية وشجعهم على الاستثمار المحلي وخفض عنهم الضرائب( كيف يعقل أن بلادنا المالكة لأقوى مناجم الحديد فى العالم تمرر جميع ورداتها عبر المنافذ السينغالية؟!..أليس من المخجل أن يهب الفاعلون الاقتصاديون المحليون إلى دكار طلبا لمعاملة لائقة ونحن نملك ميناء فاخرا ومجهزا أفرغته الإهانات اليومية لمن يريدون الاستفادة من خدماته والإهمال والضرائب من مضمونه وهدفه ليصبح بسبب الظلم والتضييق على الناس أقرب إلى منفذ بري منه إلى ميناء بالمواصفات العالمية..؟! لماذا نسمح لدولة مالي الممزقة والمنهكة اقتصاديا وأمنيا بأن تكون محجة للموردين والفاعلين الاقتصاديين المحليين الذين يهربون من ضرائبنا ومعاملاتنا إلى باماكو لاستجلاب الأخشاب وأدوات البناء بأقل ضرائب وبمعاملات تحفظ لهم كرامتهم  وتصون لهم حقوقهم التجارية والقانونية مثلا..؟!) ولا تترك أقوياءهم يدمرون الاقتصاد الوطني وينهبونه ويهربونه إلى الخارج.

- ادعم جهود توصيل المياه والكهرباء لكل الموريتانيين فعار يا سيدي أن يقتل العطش مواطنا في بلد به الكثير من البحيرات ومصادر المياه ولديه ثروات لا حدود لها ونغرق في الظلام وقد تجاوز عمر دولتنا نصف قرن من الزمن وأقم صندوقا وطنيا لإغاثة سكان الريف ودعم جهودهم للبقاء في أرضهم وموله من الأوقاف والزكاة والهبات والمنح ( يحصل منها مال كثير محليا لكنه يذهب إلى جيوب متنفذين و"مشايخ" سياسيين يأخذون تلك العطايا داخليا وخارجيا باسم الدين لينفقوها ابتغاء وجه السياسة والمصالح الضيقة) بحيث يتكفل بتنمية قاعدية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار حاجيات السكان وطبيعة الأنشطة المتاحة في مناطقهم زراعية تنموية كانت أم صناعية خفيفة.

- ادعم المحاظرو مدارس القرءان واللغة العربية والفقه والمساجد بأئمتها وعلمائها ومشايخها لتنشر الدين الصحيح على الفطرة بعيدا عن الغلو والتطرف والاستغلال السياسي للدين وركوب موجته والقفز به على ظهور العامة لتحقيق مآرب ضيقة متناقضة مع المصالح العليا للبلاد والعباد.

- قرب الإدارة من المواطنين وعرب وثائقها وسهل إجراءات نفاذ العامة إلى خدماتها واضرب بقوة المتهاونين والمتلاعبين بمصالح البلاد والعباد من مديرين وموظفين ومسؤولين حكوميين وإداريين.

- قم بإلغاء كل الاتفاقيات المجحفة مع الأجانب وفى مقدمتها اتفاقية الصيد مع الصين وأعلن عن تأميم "تازيازت" و"أم سى أم" وغيرها من الشركات الأجنبية وأعد لنا نفطنا ونحاسنا وذهبنا فقد نهبه الأجانب نهبا على مرأى ومسمع منا وكأننا شعب قاصر (تحت الحجر) عاجز عن استغلال ثرواته بأيدي أبنائه وخدمة لهم.

- وجه الجيش فورا وخاصة رجال الهندسة العسكرية وطلاب المدارس العسكرية والمتقاعدين وضباط الصف العاملين ووحدات الاحتياط إلى جانب الشباب حملة الشهادات في مجالات الزراعة والري والتنمية الحيوانية إلى الضفة لإقامة مشاريع زراعية مملوكة للدولة توفر للمواطنين محصولات مخفضة وفرصا للحياة والعمل والنشاط التجاري وللجيش مصدرا للدخل ورسالة تنموية وطنية نبيلة فعلى ضفتنا غلال وظلال بحاجة فقط لعرق الرجال وهدير "المكننة" لتصبغ أرضنا خضرة ونماء(إن لدينا على طول الضفة سلة غذاء يجب علينا استغلالها لإطعام شعبنا الذي طحنه جفاف السنة الماضية طحنا) ولا تنس إقامة مشاريع موازية لتثبيت الرمال ومكافحة زحفها الرهيب على امتداد خارطة البلاد مع إعادة إحياء المدرسة الوطنية للتكوين والإرشاد الزراعي بكيهيدى فعلا لا قولا فهي صرح تقني وطني يستحق الاحترام فقد مدت قطاع التنمية الريفية بأطر وطنيين مشهود لهم بالكفاءة منذ نشأتها.

- تحرك لإطلاق سراح كل الموريتانيين المعتقلين في "اغوانتانامو" وغيرها من بقاع الأرض فإن لهم حقا عليك وعلينا فقد ابيضت أعيننا حزنا في انتظارهم وافتح باب الوطن والتوبة أمام عشرات الموريتانيين الذين ألقتهم الظروف السيئة بين أنياب الجماعات الإرهابية أو عصابات السطو المسلح ويرغبون في العودة إلى وطنهم وطي صفحات علاقتهم بتلك التنظيمات والعصابات لولا خوفهم من التعقب والسجن والملاحقة .

- أنقذ الشباب الموريتاني من الضياع فوفر لهم فرص التعليم والعمل ودور الشباب والثقافة والملاعب والمكتبات والمنتزهات وشجع فيهم روح الولاء للوطن والموت دفاعا عن النجم والهلال واربطهم أولا وأخيرا بتراثهم الثقافي والحضاري واستخرج بالدعم والتشجيع كنوز الإبداع الكامنة في كل واحد منهم ولا تتركهم لليأس والإحباط وأحط بالرعاية شريحة النساء فهي اللبنة الأولى لإعداد الأجيال القادمة ولاتنس حقوق الأطفال فى الرعاية صحة وتعليما وتنشئة سليمة وإبعادا عن الاستغلال والعمل القسري وفضاءات الشوارع والساحات والتشرد والتسول والضياع حيث منابت الجريمة والمخدرات والعنف.

سيدي، هذه بعض حبال النجاة، ولا وقت لليأس،  وبمقدورك الاعتماد علينا جميعا في إنقاذها وجرها معك بهذه الحبال إلى اليابسة...

سيدي، عندما تفعل كل ذلك ستسحب البساط من تحت أقدام دعاة الفتنة والفوضى والخراب، وستنتفي مبررات "الثورة"، وسينكشف وهم "الربيع" وسيبقى دعاتهما –ساعتها-عرايا تحت الشمس...لا نريدك أن تذهب بنفس الطريقة التي جئتنا بها أول مرة، ولا نريد للمعتوهين وعباد الوهم و متاجرى الشعارات أن يتولوا أمرنا، فلا نأمن أن يستعينوا علينا بالأجانب، فنحن شعب مسلم مسالم على الفطرة ولا نريد أن "نتليب" أو"نتمصر" أو"نتتونس" أو "نتصومل" أو"نتأفغن" أو"نتعرق" أو"نتسودن"..!!

سيدي، نحن نرتجف لأن عجلة سيارة انفجرت، فكيف تتصورنا تحت طائرات الأجانب أو سلاح ميليشيات الإمارات الطالبانية القاعدية، حيث يصبح الدين مجرد "قفاز" قطني و"ننظارة لحامة"  لا أقل ولا أكثر، وفى أجواء الفوضى والدمار..!!

سيدي، إننا نعيش اليوم ضغطا يوشك أن يولد انفجارا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا لا قبل لنا به مسارات ونتائج( الاحتقان يعم البلاد صراخ الجوعى والمظلومين والعطشى والمستعبدين والمستبعدين والمهمشين يحاصرنا من المدارس والمعاهد والجامعات والشوارع والقرى والأرياف منذرا بالتحول إلى طوفان ماحق لا يبقى ولا يذر)...المشكلة ليست في المعارضة ومنسقيتها، (منسقية منهكة  فكريا وسياسيا تسير على عجلتين متعاكستين إحداهما تدور بتغليب الحكمة والعقل والتبصر ونبذ العنف والنضال السلمي والأخرى تدور بالتهور والوهم وزبد الثورة ووهم الربيع وأحلام التملك)   وليست المعارضة المحاورة والأغلبية أحسن حالا من المنسقية، (هذا "الكشكول" كله وإن اختلف في كل شيء إلا أنه يتقاسم معك المسؤولية السياسية والأخلاقية عن هذا الوضع المخيف في البلاد على مختلف الأصعدة)، ولكن المشكلة هي في أنا، وصمب، وفاطمة، ومحمذن، وريحانة، وعبد الله، ورمظان، وهاو، وباقايوقو، وجوب، فقد يخرجنا الجوع والظلم ويوحداننا فجأة بعيدا عن اليافطات السياسية الرعناء– في أية لحظة- من بيوتنا، ومؤسساتنا، ومتاجرنا، و ورشاتنا، ليس لمطالبتك بالرحيل، ولا حبا في ثورة وهمية آثمة، قتلت البشر، وهدمت الحجر، وقطعت الشجر، واقتلعت البلدان من جذورها، في ليبيا، وتونس، ومصر(جاءت بدعوى الخلاص من الأنظمة القديمة لتقفز إلى الواجهة بقوى سياسية وفكرية متحجرة ومحنطة فهي ليست فقط أقدم من الأنظمة المغضوب عليها ولكنها أيضا أسوأ منها في كل شيء وأكثر منها احتقارا للشعوب والأوطان وولاء للأجانب) ولا استمطارا لربيع عربي مقيت بغيض، دمر البلدان وأذل الشعوب، ومنح ثرواتها للأجانب، ولكن في مسيرة جوع لا صوت فيها للعقل والتروي والحكمة، لا صوت فيها ل"معارضة"، ولا ل"موالاة"، لا ل"ايرا" ولا ل"لا تلمس جنسيتي"، لا ل"الإسلاميين"، ولا ل"القوميين"، ولا ل"اليساريين"، ولا حتى للأجانب والقوى العظمى، فلا صوت فيها يعلو فوق صوت الجوعى، الخارجين يأسا وبؤسا، في تدافع عفوي قد يقتلعك ويقتلعنا،بل إنه قد تعصف حتى بالبلاد كلها، كيانا و وجودا ومستقبلا، سيدي تحرك من أجلنا، وامسك حبال النجاة بقوة، وإلا فتذكر أن الموج سيحول بيننا، والسفينة سوف تغرق إلى الأبد بنا وبك...

سيدي ...إليك الحبال، واعتمد علينا جميعا في تثبيتها لتوجيه السفينة نحو بر الأمان وحتى لانغرق معا...نريد أن نعود إلى اليابسة، كفانا إبحارا نحو المجهول...سئمنا أفق الماء والظلام، والتيه والمجهول...سيدي إننا نغرق... نريد أن نعود إلى اليابسة قبل أن نغرق معا...عد بنا إلى اليابسة..

(ألا هل بلغت..؟..اللهم فاشهد..).

30. نوفمبر 1999 - 0:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا